أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

على خط النار...برامج تدريبية لتثقيف المقاتلين ضد النظام في القانون الدولي

يعتبر البرنامج السوري للتطوير القانوني "S L D P" الذي تم تأسيسه عام 2013، منظمة غير حكومية تضم فريقاً من الباحثين والمحامين والمدربين الميدانيين بالإضافة إلى دعاة حقوق الإنسان، ويسعى هذا المشروع إلى صياغة وتجهيز عدد من البرامج التدريبية التي تركز على القوانين والأعراف الدولية بهدف مساعدة السوريين في وضع أسسٍ لبناء بلدهم، من خلال سلسلة "قيم" التي تعكس مبادئ وقيم القانون الدولي الإنساني بطريقة مبسطة، تعمل على الحد من ضرر الحروب على البشر والحجر وتثقيف المقاتلين ضد النظام في المناطق المحررة بقضايا القانون الدولي الإنساني المتوافق مع مبادئ الشريعة الإسلامية.

* من مانشيستر إلى حلب
وأسيس هذا البرنامج الناشط "ابراهيم العلبي" وهو طالب سنة أخيرة في كلية الحقوق بجامعة "مانشستر"، سبق أن قضى معظم فصل الصيف عام 2013 في مدينة حلب بالقرب من الخطوط الأمامية، حيث كان يقدم بنفسه البرامج التدريبية التي أعدّها هو وفريقه، وتم انتخابه في عام 2012 ممثلاً عن جامعة مانشستر في الاتحاد الوطني للطلبة في بريطانية. كما سبق وأن انتخب نائباً لرئيس رابطة الطلاب العرب في الجامعة حيث عمل على عدة فعاليات لدعم الشعب والسوري و قضيته. 

حول فكرة هذا البرنامج والغاية منه يقول العلبي لـ "زمان الوصل":
جاءت فكرة هذه المؤسسة انطلاقاً مما يسمى القانون الدولي الإنساني الذي يختلف عن القانون الدولي العام وهو يختص بقوانين الحروب والنزاعات، وهذا القانون ملزم أخلاقياً للجميع ومدروس بطريقة يحاول فيها أن يخفّف من ويلات الحروب قدر الإمكان، ووضع هذا القانون بعد الحروب العالمية الأولى والثانية لتجنب الآثار السلبية الناتجة عن الحروب، ولذلك أحببنا أن نوصل مبادىء هذا القانون وقيمه إلى الداخل السوري، وبدأنا عملنا الميداني الصيف الفائت من خلال ورشات تدريبية قمت بها شخصياً لعدة كتائب في حلب وكانت هذه الورشات توعوية حول ما هو مسموح وما هو ممنوع، وخاصة أن هناك من بين المقاتلين من كانوا مدنيين أي غير منتمين للجيش، وليس لديهم خبرة في هذه المواضيع، وبدأنا بتوسيع عملنا وصرنا نعمل على أكثر من جانب من ناحية توعوية فقط، وكان عملنا ولايزال عبارة عن توعية قانونية غير ملزمة لأحد، ولا يسعى لفرض نظام سياسي معين، وإنما مهمتنا أن نقول لمن نتوجه لهم هذه هي القوانين موجودة وهذه أهدافها ومضمونها وهذه عقابيل عدم الالتزام بها.

ويضيف العلبي أن الرنامج يعتمد طريقتين في إيصال أفكار وأهداف المشروع، وهما المحاضرات والفيديوهات (سلسلة قيم) التي تم تصويرها جميعاً في الداخل.

ويوضح أن عدة جهات سورية تعاونت معهم، منها مؤسسة (لمبة) للإنتاج الإعلامي ومركز حلب الإعلامي لتصويرها وإخراجها.. مما أعطى هذه السلسلة قوة أكثر لقربها من الواقع السوري، مؤكدا البدء خلال شهر على الراديو، إضافة إلى كتيبات ومنشورات توزع في الداخل. 

* تجاوب المقاتلين 
ويكشف العلبي عن تجاوب كبير من المقاتلين، لافتا إلى ردات فعل تصدر أحيانا "نراها طبيعية لأنك عندما تضع كلمة قانون وكلمة دولي في جملة واحدة فكثير من المقاتلين يعتبرون أن المنظومة الدولية خذلت الشعب السوري وخانته".

وقال إنه يواجه ذلك بتوضيح أن هذه القوانين إنسانية وأهدافها ليست مع النظام، وليست مع الطرف الآخر، وإنما هي قوانين محايدة تأتي في وقت تعطّل فيه القوانين، في وقت لا يلتزم فيه النظام بقوانين المعارضة أو الثوار ولا هم يلتزمون بقوانينه، لذلك نحن بحاجة إلى قانون محايد يحكم خلال الحرب.

وبحسب العلبي، فإن التدريب يركز على التقارب بين القانون الدولي الإنساني والشريعة الإسلامية الموجودة قبل أكثر من 1400 سنة.

وحول الجانب التوثيقي في البرنامج السوري للتطوير القانوني ينوه ابراهيم العلبي بسرية التعامل مع أي جهة أو أفراد دون التطرق لأسمائهم ولا هم يأخذون أسماءنا و"نحن نقف معهم على الجبهة تحت مرمى النيران وبنفس الوقت لا نلزمهم بالقانون، وإنما دافعنا الأساسي خوفنا على البلد ومصلحة سوريا وشعبها وإيصال عدد من القوانين".

وأكد أن ذلك شجع المقاتلين على زياردة تقبّل الأمر، ومنح الثقة بيننا وبينهم، مشيرا إلى أن "ليس لدينا توجه معين نحاول أن نجرف المقاتلين إليه أو نؤثر فيه عليهم بطريقة معينة وإنما من مسؤليتنا كأشخاص لدينا معرفة بمثل هذه المواضيع أن نوصلها إليهم".

* توثيق
أما بالنسبة لمن يوثيق ما يجري، فإن مهمة الجمعيات الغربية أن توثق للنظام وتوثق للطرف الثاني وهذا موجود على الإنترنت، حيث نرى منظمة العفو الدولية مثلاً والأمم المتحدة في بياناتها أدانت الجيش الحر بموضوع تجنيد الأطفال، ولأن هذه التوثيقات ستسبب محاكم نتيجة للتجاوزات فنحن بدورنا نحاول إيقاف هذا التجاوزات والحد منها، وعندما لا يرتكب المقاتل التكتيكات الممنوعة، فهذا يجنبه أعباء المحاكم والمساءلات، وخاصة في موضوع الأسلحة العشوائية المستخدمة في حلب مثلاً التي تخلف أضراراً كبيرة جداً، وعندما يتأثر مدني بها سيحقد على الكتائب أو على أشخاص معينين فيها.

وللموضوع عقابيل أخطر مما نتخيلها وخاصة موضوع الحروب، وعادة محاكمات الحروب تمتد لسنوات طويلة كما حصل في رواندا مثلاً التي مضى عليها عشرون سنة وهي تصدر أحكاماً بحق المتورطين بالحرب هناك.

وحول مدى نجاح البرنامج في تحقيق أهدافه والوصول به إلى أكبر شريحة من المقاتلين يقول العلبي: 
الفكرة من القانون عموماً أن تصل إلى عقل المقاتل وهو يضع عينه على منظار القناصة هل يطلق أو لا، أو عندما يقود سيارة إسعاف هل يركب فيها جنود أم لا وأشياء من هذا القبيل لا يمكن إحصاؤها أو الحكم عليها، ولكن الهدف من توجهنا أننا إذا استطعنا توفير شيء معين أن نحد من مشكلة معينة أو نحفظ حياة، ما فهذا يعتبر نجاحاً بحد ذاته، ولكن الموضوع لا يقاس بهذه الطريقة التبسيطية، خاصة أن هناك الكثير من المسيئين الآن وطبيعة الإعلام أنه يميل إلى التركيز على المسيئين أكثر من الملتزمين، وبطبيعة الحال لن نستطيع أن نرافق المقاتلين إلى الجبهات لنرى إن كانوا أخذوا القرار القانوني الصائب أم لا ولكن من أسئلة المقاتلين لاحظنا أن لديهم وعيا لاكتساب معرفة وإدراك بحقوقهم وواجباتهم.

وقال إن عدد المقاتلين الضخم في سوريا ومن خلال الورشات التدريبية يجعل من الصعب أن نغطي أغلبهم، ولذلك لجأنا إلى طرق أخرى كالفيديوهات والراديو وغيرها، ولكن التدريب المكثف من خلال الدورات والمحاضرات، علماً أن هناك جهات أجرت دورات شبيهة لدوراتنا، ولكن ما يميز عملنا أننا استطعنا أن نتوجه للمقاتلين على أرض الواقع في الداخل السوري ولم يقتصر عملنا على تدريب ضباط وقادة وإنما افراد وعناصر الجيش الحر وما ميز عملنا هو ملامسة الوضع السوري وتبعاته. 
وعن فريق عمل البرنامج ومؤهلاته العلمية والاختصاصية يتابع العلبي: 

يمتلك فريق عملنا في أغلبه خبرة في القانون الدولي وبعضنا متخصص بحقوق الإنسان، وغالبيتنا من السوريين، وهناك جنسيات عربية أخرى بالإضافة إلى أن بعض المدربين لديهم علم شرعي لأن هذا الجانب مهم جداً في عملنا، كما لدينا فريق متخصص يقوم الآن بتحليل الحروب السابقة ك"كوسوفو" و"رواندا" و"البوسنة" و"الشيشان".

ويدرس الثغرات القانونية التي تطرأ على مثل هذه الحروب وخصوصاً النزاعات الداخلية لرسم سيناريوهات ووضع خطط للمرحلة القادمة فيما إذا ازدادت قوة وسيطرة النظام مثلاً أو انتصر الثوار، والخروج بمشاريع تواكب هذه التطورات أياً كانت.

زمان الوصل
(112)    هل أعجبتك المقالة (108)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي