أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

فرع المخابرات العسكرية بحمص...للتعذيب والقهر فنون أيضا! تقرير يكشف المزيد من الانتهاكات الوحشية

"بعد توقيفي من قبل عناصر مدنيّة في منطقة البرامكة في دمشق، وبعد أن طلبوا هويتي الشخصية، طلبوا منّي الذهاب معهم إلى الفرع، فرفضت بشدة الذهاب معهم فقاموا بضربي بقوة أثناء اعتقالي واقتادوني إلى "كولبة" صغيرة حيث قاموا بضربي مرة أخرى وأجبروني على الذهاب معهم إلى الفرع وأثناء الطريق الذي كانت مسافته ما بين 10 إلى 15 دقيقة كانت العناصر الأمنية تنهال عليّ بالضرب الشديد واللكمات على رأسي وظهري، وبعد وصولي إلى الفرع أخذوني إلى مكتب رئيس الفرع في الطابق الثاني من المبنى، كان قصير القامة –مربوع– كبير في السن قليلاً، لون شعره أبيض، ولديه شوارب كثيفة، عرفت أنّه رئيس الفرع من خلال سؤاله عن سعر الهاتف المحمول الذي كان بحوزتي، فبعد أن سألني على سعره، بدأ أحد العناصر الموجودة في المكتب بضربي بعد أن قال رئيس الفرع "أنا رئيس فرع للمخابرات ولا أملك مثل هذا الهاتف ذي السعر العالي وأنت "عرعورية" ولديك هذا الجهاز الثمين!!"

هكذا استهلت المعتقلة ليالي الحمصي، 23 عاما، من حمص، شهادتها أمام "مركز توثيق الانتهاكات في سوريا" أثناء إعداده تقريرا خاصا حول الفرع "261" أمن عسكري -شعبة المخابرات العسكرية في حمص.

ويقول التقرير الصادر خلال آذار/مارس الجاري الذي حصلت "زمان الوصل" عليه إن ليال اعتقلت في مدينة دمشق في أوائل شهر تشرين الثاني من العام 2012، على خلفية نشاطها في مساعدة نازحي أهل حمص، مشيرا أن اعتقالها كان لصالح الفرع 215 أمن عسكري، دمشق وتمّ تحويلها في شهر تشرين الثاني 2012 إلى فرع الأمن العسكري في حمص 261، ليتم اطلاق سراحها لاحقاً في شهر كانون الثاني 2013 خلال صفقة تبادل للأسرى بين قوات النظام والجيش السوري الحر.
ليال واحدة من أربعة شهود اعتمد التقرير شهادتهم في منهجيته بشكل أساسي، إضافة إلى أحد العناصر المنشقة من الفرع نفسه، وعنصر عسكري آخر اعتقل من قبل الفرع نفسه وتمّ اتهامه بالتعامل مع الجيش السوري الحر، والرابع أحد المدنيين.

وكانت ليال الشاهدة الرئيسية وهي إحدى ناشطات محافظة حمص والتي تعرضت للعديد من صنوف التعذيب والضرب والانتهاكات الجسدية والنفسية، ولعلّ من أصعبها وأسوأها –بحسب المعتقلة – تعرّضها للتحرش مرات عديدة وللاغتصاب الفموي لأكثر من مرة وعلى أيدي المحققين أنفسهم، بحسب التقرير.

وضمن أحداث مسلسل الرعب الذي يعيشه أي معتقل أو معتقلة في أقبية المخابرات السورية تروي ليال قصصا باتت معروفة لدى السوريين وربما العالم الذي يصم آذانه عن أصوات شقت عنان السماء تحت تعذيب لا مثيل له، حتى صار الموت عند السوريين أهون ألف مرة من الاعتقال.

وما صور نحو 11 ألف معتقل تطرقت إليها "زمان الوصل" في أكثر من مادة سوى غيض من فيض ما حصل ويحصل في معتقلات واحد من أسوأ أنظمة الاستبداد والاضطهاد والقهر في العالم.
تصف ليال مشاهد فظيعة في الفرع 261 بحمص، ناهيك عما تعرضت له في الفرع 215 بدمشق، وهي تروي التعذيب الذي طالها من قبل محققين للاعتراف بأنها قامت بتفجيرات القزاز قرب فرع الدوريات للأمن العسكري. 

قالت ليال في شهادتها للمركز إنه "بشكل شبه يومي وفي حوالي الساعة السادسة صباحاً كان هنالك نقل لمعتقلين قضوا تحت التعذيب، ولكنني لم أستطع تمييز الأرقام، كان أحدهم معتقل اسمه زهير س، ك، تعرّض للتعذيب والضرب الشديدين والصعق الكهربائي وخاصة على أعضائه التناسلية، وكان يبلغ من العمر 18 عام، وتوفي تحت التعذيب يومها، ورأيت أيضاً ومن خلال فتحة صغيرة في الباب أحد المعتقلين وقد تمّ تعليقه من يده -شبح– لأكثر من 48 ساعة، وكان يترجى المحقق بالسماح له بالذهاب إلى الحمام ولكنهم لم يسمحوا له، فتبول المعتقل لا إرداياً، فقام المحقق فكّه وأجبره على لعق البول الموجود على الأرض بلسانه، وهو مغمض العينين ...…..

وأكدّت ليال الحمصي أنّ مجموع من كان يتمّ اعتقاله في الفرع 261 يومياً كان يتراوح ما بين 35 إلى 40 معتقلاً، كانوا يتعرضون جميعهم لتعذيب وحشي شديد، منهم أحد المعتقلين كان يبلغ من العمر 50 عاماً، من تلبيسة، كان -مختلاً عقلياً – وكان قد تعرّض لتعذيب أدى إلى فتح حفرة عميقة في ظهره. 

وأضافت ليال أنه في 1-1-2013 قاموا بإحضار حوالي 40 معتقلاً من منطقة دير بعلبة في حمص –كنت أشاهدهم خلال ثقب صغير في الباب- وكانت حوالي الساعة السادسة مساءً، وكانت العناصر "سكارى" من سهرة رأس السنة، وبدؤوا بضربهم ضربا وحشيا جداً، حتى تكسرت العصي الكبيرة في أجسامهم وكانت كل عصى يبلغ قطرها حجم يد الإنسان، وكانوا يدفعونهم نحو الحائط والأبواب الحديدية وكان –المعتقلون الآخرون– يسمعون أصواتا غريبة جداً منهم نتيجة للتعذيب الوحشي، استمر الضرب من الساعة السادسة مساءً حتى الساعة الثانية بعد منتصف الليل، وفي اليوم التالي وأثناء خروجنا إلى المرحاض شاهدنا آثار دماء كثيرة على الأرض والجدران والعديد من العصى المكسورة.

*هوية الفرع
يذكر أن الفرع 261 أمن عسكري، هو فرع تابع لشعبة المخابرات العسكرية في دمشق، ويقع في محافظة حمص، وتحديداً عند محطة القطار، وهو عبارة عن عدة منازل –مباني- سكنية تمّ استملاكها لصالح جهاز المخابرات العسكرية وتحويلها إلى أحد الأفرع الأمنية المنتشرة في البلاد، ويقع بالقرب من فرع الأمن السياسي المواجه لمحطة القطار أيضاً، ويبعد عن شركة الكهرباء حوالي مئتي متر أو أكثر، ويقع بالقرب من ساحة الحاج عاطف، وموجود هنالك منذ سنة 1981، وهنالك مكانان للاحتجاز فيه، المهجع الأول: للتجمع الأولي للمعتقلين وهو المحطة الأولى للمعتقلين عند جلبهم إلى الفرع، تبلغ مساحته حوالي 150م2، ويحتوي على أكثر من عشر منفردات، وحيث أنّ العدد كان كبيراً جداً مقارنة مع مساحة المهجع فقد كانوا يضعون المعتقلين في الممر "الكريدور" أو حتى على أسقف المنفردات، وفي المبنى الآخر هنالك مهجع التحقيق، وهو أصغر من مهجع التجمع، ويتألف من طابقين أرضيين –وبحسب الشهود فإنّ كمية التعذيب والضرب شديدة في قسم التحقيق- وطابق آخر عبارة عن قبو، يوجد فيه غرفة لضابطين –صف ضباط- برتبة مساعد، ويحتوي على أربعة عشر زنزانة مفردة، كل منفردة كانت تحوي 8 معتقلين وتبلغ مساحة كل واحدة منها ( 100×1.70 ) سم، وكان هنالك أيضاً غرفة تبلغ مساحتها ( 2.50×2.50 ) متر وكانت تضم 40 معتقلاً.

ومعروف أن حمص من بين أولى المحافظات التي انضمت إلى ركب الثورة منذ الأيام الأولى لانطلاقتها، بمعظم مناطقها وأحيائها، ولكنّ تلك الاحتجاجات والمظاهرات قوبلت بقمع كبير من قبل قوات النظام، وأساليب عديدة لوأد المظاهرات فيها وكانت الاعتقالات العشوائية والتعسفية من بين أكثر تلك الأساليب استخدماً إضافة إلى القتل العمد للمتظاهرين ولاحقاً القصف العشوائي بجميع أنواع الأسلحة الثقيلة، ما جعل من العديد من معظم تلك الأحياء خالية من النسبة الساحقة من سكانها، وانتشرت الأخبار حول فرع الأمن العسكري 261 وخرج العديد من المعقتلين السابقين من هذا الفرع وتحدثوا عن الجحيم الذي يعيش فيه المعقتلون منهم المدنيون والعسكريون والأطفال والنساء.

زمان الوصل - خاص
(111)    هل أعجبتك المقالة (104)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي