يسقط عيد الأم...

فيما يبدو أنه إجراء اضطراري، وجد معظم السوريين أن إسقاط عيد الأم في هذا العام واجب إنساني.. فلا حاجة برأيهم إلى إشعالِ شمعةٍ على جراح الأمهات السوريات اللواتي بتن إما أمهات شهداء، أو أمهات معتقلين، أو أنهن في أحسن الأحوال أمهاتٌ لأبناءٍ مشردين أو مهددين..

مكالمات بعدد الحواجز..

يعجز الشاب الدمشقي أيمن عن شراء هدية لأمه في هذا العام، خاصة أنه يصرف نصف دخله تقريباً على شراء وحدات تلفونية، لتعبئة موبايل والدته، والسبب حسب أيمن أنها باتت تعيش في قلق دائم، خوفاً من أن يتعرض وحيدها أيمن للاعتقال، ولذلك يقول أيمن: تعد أمي الحواجز التي تفصل بين منزلي وعملي، وتحسب الوقت التقريبي الذي يستغرق وصولي إلى كل حاجز..هدف هذه العملية الحسابية التي تجريها أم أيمن هو الاتصال بأيمن بعد عبوره لكل حاجز للتأكد من سلامته... ولذلك ترتفع فاتورة أم أيمن بشكل طردي مع زيادة الحواجز في شوارع العاصمة…

ويصف أيمن حالة والدته بالهستيرية، مرجعاً السبب إلى تعرضه للاعتقال مرتين خلال سنوات الثورة الماضية، وإلى تصاعد عدد المعتقلين بين أقاربهم وجيرانهم، مما أصاب والدته برهاب الاعتقال –حسب وصفه-.

وليس حال والدة غيث، أفضل من أم أيمن، فبعد أن سافر غيث إلى اسطنبول، اعتقدت والدته أنها سترتاح من هم الخوف عليه، إلا أنَّ الشوق إلى ابنها البكر سيطر على أم غيث، التي باتت تترقب سقوط النظام ليتمكن غيث وأخوته من العودة..

إلا أن أم غيث تُصبّر نفسها، كلما قارنت نفسها بأمهات الشهداء والمعتقلين، وفي حديث لنا مع أم غيث عبر السكايب قالت: على الأقل أعلم أن أبنائي الخمسة يعيشون بأمان في اسطنبول، وتتابع متسائلة: ماذا تقول أمهات الشهداء والمعتقلين؟…

"سلمته إلى الله"

هذا ما تقوله الحاجة الصابرة أم نزار، وهي تعيش في بانتظار خروج ابنها عامر المعتقل في سجون النظام منذ ما يقارب العام..

وأم نزار لجأت مع ابنتها إلى اسطنبول، بعد أن دفنت ابنها الشهيد نزار، وتركت عامر أمانةً عند الله في فرع الجوية في دمشق…

وتقول أم نزار: ظني بربي أنه لن يخذلني، ولن يحرق قلبي مرتين..ولذلك أعيش على أمل عودة عامر، وريثما يرجع أخذت ابنتي إلى اسطنبول خوفا من أن تلحق هي الأخرى بأخيها.

وتسبق الدموع أم نزار وهي تحاول الإجابة عن سؤالنا، بكيف ستقضي عيد الأم دون ولديها، فلم تجد الحاجة ما تجيبنا به، اكتفت بالنظر إلى السماء، وكأنها تستنجد بالله الذي تثق أنه لن يخيب أملها.