نعت قناة "سوريا الشعب" لمتابعيها قرار إغلاقها نهاية الشهر الجاري عبر سطور صفحتها على "فيس بوك" لشادية محمد العجلوني عضو مجلس إدارة فضائية "سوريا الشعب" وهي الصفة التي تثير أول الأسئلة فيما بدا التنكر للداعميين "ديدن" سبب الإغلاق بعد ثلاث سنوات على انطلاقتها لتشكل ثالث محطة تلفزيونية تتوقف عن البث بعد قناتي "بردى" و"شامنا".
وقالت "العجلوني" في البيان "استنفدنا كافة طاقتنا المادية بعد مرور ثلاث سنوات على انطلاق ثورتنا المباركة"، وهو ما سيثير جملة من الاستفهامات ولا يتنافى مع الاعتراف بأهمية التجربة وما قدمته العائلة من وقت وجهد ومال، فهل غياب الداعمين لغياب مجلس إدارة من أصله وتخبط الخطاب الإعلامي للقناة ومراوحته بين الإسلامي التعبوي والذي انتهى بالإطاحة بمديرها المؤسس أحمد الحديدي وصولا لتغيرات متسارعة شهدت بعضها تغيير خمسة مدارء بأقل من عام وهو ما فرض تاليا تغيير بنية الخطاب ونوعيته بما يتناسق مع كل قادم والذي يحاول جاهدا التقاط أفكار المالك وتوجهاته دون أن تكون معيارية الهدف هي البوصلة.
يقول الصحفي محمد الحمادي: "لا ننكر أنها كانت أولى بوابات الصوت السوري وفتحت أبوابها معلنة موقفها مع الثورة السورية، لكن أعتقد ذلك لا يكفي مع الإعلام، فقد ضيعوا الفرصة لتحويلها من النمط العائلي بالقرارات إلى مؤسسة كان يمكن أن تستقطب كل الصحفيين السوريين، سيما وأن عمان كانت البوابة لوصولهم، مضيفا أن غياب الدعم طبيعي في أي إعلام ثوري"
وتابع "الثورة يتيمة لكن ثمة مسؤولية للمالك بغياب رغبة تحويل المنبر إلى مؤسسة حينها تكون قادرة على جلب الدعم وبقوة، فالإعلام القوي يجذب المشاهد والمعلن والداعم على حد سواء، متسائلا إذا كانت القناة بدون أجندات، لماذا نشهد مكاتب ومحطات تلفزة وإذاعة ومواقع ويب ما زالت قائمة في العاصمة الأردنية عمان".
وينهي الحمادي إشاراته إلى أنها لا تعني التشفي، بقدر ما تستوجب المراجعة فلـ"سوريا الشعب" صوتها المحفور في وجدان السوريين ومستقبلها مع انتصار الثورة بحكم الجغرافيا المشتركة وانتشارها لدى السوريين وهي محفزات للتراجع عن قرار الإغلاق وإطلاق مجلس إدارة وحزمة برامج وتحويل المحطة إلى مؤسسة جامعة".
ويثير أيضا تنكر العجلوني للداعمين أسئلة البداية والنهاية، سيما وأن من عمل بالقناة ويعرف بعض كواليسها يدرك أن الاستديو الوحيد بالمحطة كان يمكن أن يتوقف البث منه لصالح "سوريا الشعب" وتشغله استضافة محطات أخرى سواء كانت مع الثورة أو ضدها وهذا يتفهم في سياق ضرورات تحصيل المال اللازم لاستمرار القناة لكن بعض الحقيقة عن تعريف رفض الإدارة لمال الأجندات يفرض أيضا خطوطا تحت هذه الجمل المطاطة يقول البيان:
"ونحن كعائلة أردنية حورانية دعمت الثورة السورية بكامل طاقتها، عملنا جاهدين على فتح منبر للسوريين بعيداً عن أي توجه سياسي وبدون أية أجندات خارجية تفرض عليهم ولم نقبل بالمال السياسي أو المشروط لا من قبل أفراد ولا من قبل منظمات خارجية. ونريد التأكيد على أننا لم نتلقَّ أي دعم مادي من قبل أي سوري، لا فردا ولا جماعة، بالرغم من حاجتنا إلى الدعم للاستمرار بالعمل، وتواصلنا مع عدد من رجال الأعمال السوريين، ولكن بدون جدوى، وأننا قد قبلنا بدعم من صندوق أصدقاء سوريا للدعم اللاعنفي لثلاثة برامج فقط لا غير لا تتعدى قيمة الدعم ٩٪ من التكلفة العامة الشهرية للقناة".
يقول بعض من رفضوا كشف أسمائهم وعملوا بالقناة متسائلين "وماذا عن برامج الشيخ عدنان العرعور ببداية الثورة والبرامج التي تبث من السعودية وبعض الدعم الأمريكي أسئلة تبقى مفتوحة لمالكي القناة".
فيما يذهب الصحفي أديب الحريري للقول إن الإغلاق أفضل، معللا وجهة نظره: "لم أتفاجأ أمس بقرار الإغلاق والذي حسب ما يقول صاحب القناة إنه بسبب انعدام الدعم. طبعا العمل الإعلامي مكلف ويحتاج لتمويل كبير، وهذا مالم يتحقق خصوصاً في الفتره الأخيره. من وجهة نظري إن إغلاق القناة أفضل من بقائها كما كانت عليه أو كما هي عليه الآن، طبعا لأسباب كثيره أهمها عدم القدره على التطوير بما يسمح للقناة بمنافسة إعلام النظام والسبب الضعف الكبير بشبكة المراسلين داخل الأراضي السوريه، لأن ذلك يحتاج تكاليف عاليه".
وتوجه العجلوني بنهاية بيان الإغلاق بعبارات الشكر للثورة ونشطائها، ولكل من عمل وغادر أو بقي، ولم ينسَ التذكير بأحد مذيعيها المختطف من قبل داعش منذ شهور، لكن إشارات الاستفهام تبقى على القناة بلسان من عملوا بها.
الصحفي عباس الديري واحد ممن عملوا ببداية انطلاقة "سوريا الشعب" قال إن مالكها اعتمد على بعض الشباب السوريين المحبين لبلدهم والطامحين في العمل لخدمة قضيتهم، موضحا أنه في كل يوم كانت الأمور تزداد سوءا.
وأضاف الديري أنه بعد عام من انطلاقها، لا يوجد خط تحرير ممنهج يسير عليه العاملون في القناة، وكانت جميع القرارات بشكل فردي وبجهد شخصي من العاملين فيها وهم 15 شاباً.
وكشف أن الرواتب كانت لا تكفي للحياة في العاصمة عمان، كل شيء بدا صعبا للغاية، محمّلا مالك القناة دورا في المسؤولية عن ازدياد المعاناة على الكادر الموجود في القناة، من خلال التأخير في دفع المستحقات ومن خلال الابتعاد عن التطرق للمهنية الصحفية في عرضة للثورة السورية، لكن بين الحب والاجتهاد والعمل الإعلامي ومستلزماته وآفاقه فجوة لم تستطع إدارة "سوريا الشعب" ردمها فأغلقت وإن تعددت المبررات".
محمد عويد - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية