أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الوشم والأقراط وتربية الحيوانات.. هكذا طبعت الغربة بصمتها على السوريين في تركيا

تفتخر "فرح" بالوشم الجديد الذي صار يزين زندها..فبرأي فرح، فإن كلمة "شام" المرسومة بالخط العربي على زندها تذكرها في كل لحظة أن العودة إلى دمشق قد تكون قريبة، ورغم أنه لم يخطر ببال فرح سابقاً أن ترسم بالوشم على جسدها، إلا أنها رغبت بالتعبير عن شوقها للشام، بهذه الطريقة.

" طبعت شوقي على يدي".. تقول فرح، وهي ليست الشابة السورية الوحيدة التي رسمت مشاعرها في الغربة بوساطة "التاتو " أو الوشم، فوضع الأقراط على الأنف والحاجب وقص الشعر بأشكال غريبة بات ظاهرة منتشرة بين الشباب السوري في اسطنبول، وكأن أشكالهم ما عادت تنتمي إلى وطنهم بقدر تشابهها مع مهجرهم...

*أحلامٌ موشومة
يربط المرشد النفسي طارق محمد بين لجوء الشباب السوري إلى الوشم، ولجوء الشباب الفلسطيني إليه أيضاً، موضحاً أنه من النادر أن تجد شابا فلسطينيا لم يرسم على جسمه خارطة فلسطين أو شيء يمت إليها بصلة..والظاهرة انتقلت اليوم وفق محمد إلى السوريين، بعد أن تشابه حالهم مع أهالي فلسطين.
ويرجع المرشد النفسي السبب إلى عدم قدرة الشباب على تنفيذ رغبتهم بالعودة إلى وطنهم وشعورهم بالذنب بسبب الابتعاد عنه، مشيراً إلى أنهم يعتقدون أن وشم اسم الوطن وصوره يعزز انتماءهم، مما يخفف من شعور الذنب لديهم.. 
ويؤكد "محمد" أن الوشم والأقراط بأماكن غريبة، أحد أشكال التمرد على المجتمع والواقع، وهي وسائل يستخدمها الشباب للتعبير عن عدم رضاهم عما يدور حولهم..

*حيوانات أسطنبول صديقة السوريين
لم يرغب صلاح يوماً بتربية كلب في منزله، إلا أن الوحدة دفعته لتسجيل اسمه على قائمة الراغبين بتبني حيوان أليف عند أحد الأطباء البيطريين، وعن ذلك يقول صلاح: رغم أن راتبي الشهري لا يتجاوز 1000 ليرة تركي (500 دولار)، إلا أنني تبنيت كلبا بعد أن علمت بأن تكاليف تربيته منخفضة نسبياً.

ويتابع: وجود الكلب في منزلني أعاد أليَّ بعض التوازن العاطفي.. موضحاً أن أحد الأصدقاء السوريين أسدى له هذه النصيحة. 
ومن جهته يؤكد المرشد النفسي محمد، أن تعاطف الأتراك المبالغ فيه مع الحيوانات، أثر على سلوك السوريين، الذين صاروا أكثر لطفاً مع الحيوان، خاصة أن التعامل بقسوة مع الحيوانات الأليفة يعتبر في تركيا عار يستحق العقاب.. 
ويضيف: ولذلك لا يستغرب أن يرغب بعض السوريين بتربية حيوان أليف، خاصة إذا كانوا وحيدين، ولا يعيشون ضمن عائلة، فيجدون في الحيوان الأليف مؤنساً لهم.

ويؤكد المرشد النفسي أن عادة تبني الحيوانات الأليفة المكتسبة من الأتراك، غالباً ما تنعكس بشكل إيجابي على نفسية السوريين المضطربة، لأن عددا كبيرا منهم يشعر بحاجة إلى تفريغ عواطفه، ولأنه وحيد يختل توازنه العاطفي ويكتئب، وبالتالي يكون الحيوان الأليف موضع مناسب لتفريغ العواطف.. 
ووفق ملاحظة المرشد النفسي محمد، وزملائه الاختصاصين الموجودين في تركيا، فإن معظم السوريين المقيمين في تركيا يعانون من اكتئاب، تتراوح دراجته بين المتوسط والشديد، موضحاً أنه سجل منذ عام وحتى اليوم أكثر من 10 محاولات انتحار فاشلة بين الشباب السوريين، ولذلك ينصح محمد السوريين المكتئبين بمحاولة التأقلم والتكيف مع الواقع، كلٌ حسب الطريقة التي يجدها مناسبة له أن يتطرف في ذلك.

كما يعبر المرشد النفسي عن حاجة السوريين الشديدة في هذه المرحلة إلى استشارة نفسية، كونهم يعيشون ظروف استثنائية، ويوضح: لاشك أن مايجري في سوريا، ينعكس بشكل كامل على نفسية السوريين، ولاشك أن نسبة التأثير تختلف حسب الظرف الشخصي لكل نازح.


لمى شماس - زمان الوصل
(738)    هل أعجبتك المقالة (970)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي