وسط صيحات "الله أكبر" اعتلى شاب حمصي البوابة الرئيسية لنادي الضباط الذي يقع مقابل مركز البريد في حمص وقام بانتزاع صورة كبيرة على امتداد البوابة لـ "حافظ الأسد"، ومزّقها وسط دهشة المارين الذين لم يألفوا هذا المشهد من قبل، ولم يكتف الشاب بتمزيق الصورة الكبيرة بل بدأ بركلها مرات عدة وسط صيحات التهليل، وكانت هذه المظاهرة البداية الفعلية لشرارة الثورة في حمص، ومن خلالها تنفس أبناء هذه المدينة "نسيم الحرية" وعانقت أرواحهم "ألق الثورة " التي تدخل بعد أيام قليلة عامها الرابع.
الناشط "أبو جعفر المغربل" كان أحد المشاركين في مظاهرة نادي ضباط حمص وهو الذي التقط الصورة الشهيرة للشاب الذي كسر حاجز الخوف في حمص، وحول ماجرى ذلك اليوم (25 آذار 2011) يقول الناشط المغربل: في ذلك اليوم خرج الناس أفواجاً من مسجد خالد بن الوليد وبالمقابل خرج أناس من حيي "القرابيص" و"جورة الشياح" وكان الاتفاق أن يلتقوا مع أهل البياضة وباب السباع من أجل تنفيذ اعتصام عند الساعة الجديدة، وأثناء مسير الناس كان العدد يزداد رويداً رويداً، حتى وصلنا لشارع نادي الضباط عند الشرطة العسكرية مقابل الموقع وهناك أكملنا باتجاه الساعة الجديدة مكان تجمع الناس، فوجدنا أن عناصر الأمن منتشرون بكثرة وتمت محاصرة جزء من المتظاهرين في شارع الدبلان وآخرين تمت محاصرتهم عند مسجد خالد بن الوليد -طريق حماه وغيرهم في الجهة المقابلة للدبلان مما اضطرهم للتوجه إلى -شارع نادي الضباط– وعندما رأى العساكر الذين يحرسون "نادي الضباط والشرطة العسكرية" الجموع الغفيرة من المتظاهرين متجهين صوبهم خافوا وتركوا محارسهم وأغلقوا الأبواب عليهم وبدأ الأمن يلقي قنابل مسيلة للدموع عند الساعة الجديدة التي لا تبعد عن نادي الضباط سوى 200 متر، مما دفع المتظاهرين للاندفاع نحو نادي الضباط وبدأ الناس يتكاثرون هناك حتى بلغ العدد الإجمالي حوالي 2000 شخص وحينها صعد أحد الشبان المتظاهرين إلى أعلى بوابة نادي الضباط حيث اللوحة "البوستر" التي تحمل صورة حافظ الأسد وعبارة (نادي ضباط حمص) فرفسها برجله وقام بشق القماش الذي يحمل صورته وهنا بدأ المتظاهرون بالتصفيق والتصفير والتكبير وكأن طاقة من الثورة والقوة دبت في قلوبهم ، وحينها بدأ عناصر الأمن بإطلاق الرصاص العشوائي منهم وجه إبى المتظاهرين ومنهم إلى الأعلى، بالإضافة إلى القنابل المسيلة للدموع وسمعنا أصوات رصاص من عند جهة باب هود المقابل للساعة الجديدة من ناحية الشرق وأصيب شابان من المتظاهرين أحدهما يدعى "خضر" الذي أصيب بطلقة في صدره وشاب آخر لم أعد أذكر اسمه أصيب في رأسه، وكان دخان الغاز المسيل للدموع قد ملأ الجو فبدأنا بشرب علب الكولا التي أعددناها لذلك.

وحول الشعور الذي كان ينتابهم كشبان يخرجون على النظام لأول مرة بعد عشرات السنين من حكم البعث الجائر يقول الناشط أبو جعفر المغربل:
أصدقك القول إن الخوف كان مسيطراً علينا وأذكر وقتها أني كنت أصور وأنا أرتجف وقدماي لا تكادان تحملاني، ولكن بعد أن قام الشاب الجريء بتحطيم صورة حافظ الأسد أمام بوابة نادي الضباط ورفسها بقدمه انكسر حاجز الخوف، والفضل لله وللشاب الذي قام بهذا العمل البطولي فقوى به قلوب الناس، وهذا الشاب الذي يعتبر أحد رموز الثورة في بداياتها لم يعد أحد يعرف عنه شيئاً للأسف، ما اسمه أو من أين هو، وهناك أقاويل كثيرة عن مصيره، فهناك من يقول إنه اعتقل بعد الحادثة الشهيرة وهناك من يقول إنه استشهد وبعضهم قال إنه هرب خارج البلاد.
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية