أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا عن المبادرة؟

ما إن فكرنا بصوت عالٍ، بدلا عن الكثير من الهمس والتواصل الذي يجري سرا، وما إن قلنا للجميع ادخلوا الموضوع من الباب، وقدموا مشروعا وطنيا يناقش علنا، فهكذا مشروع للسلام لا ينجز الا بيد ديكتاتور مستقر أو برضى شعبي .. ولأن الطرف الآخر يعرف أن مثل هؤلاء المتعاملين هم مجرد طلاب عمالة يعملوا سرا وخلسة وخفية عن شعبهم، ولا يشكلوا رافعة للسلام الفعلي المنشود..

حتى علت الأصوات بالاتهام وبالاتهام المعكوس، لم أنزعج ممن لديه موقف يعلنه ويتبناه، بل إن الكثير مما قاله معارضو المبادرة يلامس مشاعري وعواطفي أيضا، لكنه لحزني الشديد، لم يكن قادرا على مخاطبة العقل الذي يرى الواقع والإمكانات بشكل مختلف موضوعيا.

كما لم أتفاجأ بوجود درجة كبيرة من العقلانية عند الكثير من النشطاء والقادة الميدانيين، ودرجة عالية من المرونة والبراغماتية حتى عند الإسلاميين، ولا بوجود عدد كبير ممن سبق له وسار في طريق التواصل مع (العدو الصهيوني) بشكل مباشر وغير مباشر، لكن سرا .. فهذا متوقع أيضا، ولا من حجم الاختراقات في جسد المعارضة بل في قيادتها، والتي لا تقل عن حجمها داخل النظام فهذا عمل منهجي تقوم به أجهزة (الكيان الصهيوني) الفعالة والشغالة ليلا ونهارا، لخدمة دولتها.

لكنني منزعج ممن يهاجم الأشخاص ولا يناقش الأفكار ويفندها، وخاصة إذا جاء الهجوم من أنصار النظام وأبواقه وأبواق إيران والمتمولين منها من صحفيين وسياسيين مأجورين معروفين، لكي يفشلوا المشروع ويسقطوه، لتبقى إيران والنظام في موقع التفوق الاستراتيجي على الشعب السوري، فهم يدركون أن مقتل مشروعهم الطائفي العنصري هو في رفع الغطاء الصهيوني عنهم (كمحور يدعي الممانعة ويمارس التواطؤ)، ويلعب دور اليد القذرة لسحق إمكانات وقدرات الشعوب. وعندما يأتي من انتهازيي الائتلاف الذين تخلوا عن لواء اسكندرونة بخط قلم، وعن اسم سوريا ووحدتها لكسب عدة أصوات وطبعوا مع النظام وإيران وروسيا، وكأن إيران ليست احتلالا استيطانيا في سوريا وغيرها .. وفوق ذلك لم يقدموا أي شيء للشعب غير الصراعات والفشل..

ومنزعج أكثر ممن جاء سرا ليحجز مقعدا في باص يتوقع أن يوصله للسلطة ويتمنى أن تكون نوافذه سوداء .. ؟؟ ولا أعلم كيف تكون سياسة وبعيدة عن الرأي العام، ومن دون تحمل المسؤولية، إلا إذا كانت استبدادا ومفسدة وخيانة. ومنزعج من الصحفيين الذين يجتزئون ويخلطون بين تعليقاتهم وأقوالي ويجتزئون أيضا ضمن ذات الحملة وفي خدمتها عن خبث أو جهل ...

و عليه وللتوضيح: نحن لم نقل أبدا إننا نتخلى عن حقنا في الجولان، ولا في القدس، قلنا تحكمها القرارات الدولية ذات الصلة، وإن أيا كان في حكم سوريا سيخوض مسار السلام لا محالة، وما تحدثنا عنه هو الإجراءات الأمنية التي تجعل من الجولان حديقة سلام مفتوحة الحدود بدل جدران العزل، وتحدثنا عن رفع الغطاء عن النظام ورفع الحظر عن تزويد المعارضة بالسلاح، مقابل تنظيم شؤون المعارضة والسلطة في المناطق المحررة بما يضمن حصول مصالحات تسمح بإعادة صيغة العيش المشترك، ومن دون تطرف وجريمة تفلت من العقاب. والشروع فورا بتعاون اقتصادي وإنساني عابر للحدود بين دول وشعوب المنطقة جميعها وبإشراف ومعايير دولية، ولم نطلب دخول جنود على الأرض من أي طرف، بل نريد خروج كل الأجانب. ونريد إخماد نار التطرف والانتقام.

الظرف السياسي الحالي يرجح استمرار الصراع بشكله الحالي سنوات طويلة، فسوريا تبعا للمنظور الغربي ساحة استنزاف للروس والإيرانيين وقوى التطرف؟ فهي غير مرشحة للخروج، ولا بد من رافعة دولية تغير هذه القناعة بطرح مشروع للسلام والتنمية والوحدة الإقليمية تعوض في منافعها عن استراتيجية الاستنزاف هذه. التي تهدد بإبادة الشعب السوري وتقويض استقرار أغلب الدول العربية. وميزان القوى بشكله الحالي في صالح تفوق محور إيران روسيا الذي تجلى في سلوك روسيا في أوكرانيا، والذي يدعم فرص تفوق النظام وشركائه، ويدفع الطرف الآخر الأضعف للتطرف واللجوء للإرهاب أكثر فأكثر، فنحن نشرح أيضا أن هكذا سيناريو جهنميا سيحرق الجميع وسيفاقم صراع سني -شيعي بشكل خطير جدا.

نحن لا نختار بحرية ما نريد، بل تحت ضغط خلافات واهتزاز الدول الحليفة للثورة، ووضع إنساني كارثي وخطير جدا، ووضع عسكري صعب ومعقد ينزل فيه الإيراني بكل ثقله، وميزان دولي في غير صالحنا، وتجربة فاشلة في إدارة المناطق المحررة. وعلى السياسيين أن يفهموا أنهم فشلوا وأن خلافاتهم (التي لم تكن عفوية) وقد انعكست سلبا وبشكل كبير على ثورتهم، وأنهم بحاجة لقرارات تاريخية تغير المسار. وعلى الثوار والمجاهدين أن يفهموا أن انتصارهم مرهون بمقدرتهم على الانخراط في مشروع وطني، وليس طائفيا، مشروع حقوق وسلام وليس انتقاما واستئصالا، وأنهم من دون غطاء سياسي مدعوم دوليا ومرضي عنه سيصبحون تحت الحصار ومرمى نارين: النظام والمجتمع الدولي، ولن يمكنهم تحسين صورة الثورة بعد ثلاث سنوات من الأخطاء من دون تقديم نماذج عملية مقنعة للشعب السوري أولا وغيره ثانيا، بأن هناك عودة للحياة الحضرية المدنية، وليس انحدارا نحو الوحشية.

لا يمكن لأي مشروع أن يسير من دون رأي عام وتفويض شعبي، ولا بد من حوار معمق ينتهي لنتائج لكي نستطيع أن نسير أبعد من الاقتراحات والمبادرات نحو التنفيذ العملي، وعناصر القوة التي نملك في التفاوض، هي شبابنا الأبطال أولا، وأننا قادرون على منع انتصار واستقرار النظام، وثانيا أنه لا مصلحة للدول العربية ولا الغربية في انتصار الجناح الإيراني المتغطرس، بقي أن نقنع الغرب بأنه من دون التفاهم معنا لن يتحقق الاستقرار، وأن مشروع السلام ممكن، ولا ضرورة للاستمرار في سياسات التفتيت وإثارة النزاعات الداخلية، وأن منافع الاستقرار والتعاون أكبر من العدوانية المعلنة أو المستترة. 

يستطيع أي سياسي أن يتاجر بالمواقف على حساب أوجاع الناس ومعاناتهم، لكن واجبه الحقيقي التفكير في إيجاد أفضل الحلول لقضاياهم، وعليه فإن نقد أي مشروع يجب أن يترافق بالبديل المقترح، فهاتوا ما عندكم من خيارات وتحملوا المسؤولية، أو كفوا عن المتاجرة السياسية ودعوا الناس في همها.

أخيراً هذه أفكار للشعب أن يقبلها أو يرفضها.. لكن كل ما أخشاه أن نسير تحت قيادة المتطرفين والمزاودين لننتهي باستسلام غير مشروط للنظام وإيران وما أدراك ما إيران .. أو نستمر في هذه الحال لعشر سنوات ثم نقبل بما نرفضه اليوم..

من كتاب "زمان الوصل"
(125)    هل أعجبتك المقالة (120)

محمد الطباع

2014-03-16

يا دكطور لبواني مين مات وضعك المتحدث الرسمي باسم الشعب السوري وباسم سورية حتى تتبرع بالجولان لليهود وليش هيي الجولان ملكك الخاص لا تكون ملك اللي خلفوك ورثتها عن ابيك وبدك تتبرع فيها لاخوانك اليهود.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي