لم يكن كثير من السوريين يعرفون أن في بلادهم قطعة تركية خالصة تخضع لسلطة أنقرة، إلا قبل أيام قليلة، عندما تناهت الأخبار عن نية تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" مهاجمة ضريح جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية، على ضفاف الفرات.
ففي عام 1236 ميلادية توفي سليمان شاه على ضفة الفرات، ليدفن في الموقع الذي وافته المنية، ويبقى ضريحه محفوفا برعاية الأتراك، رغم التطورات المتلاحقة والكبيرة التي طرأت على المنطقة، ابتدءا من نشوء الإمبرطورية العثمانية، وانتهاء بتقسيم واحتلال البلدان العربية ثم استقلالها، مرورا بزوال دولة بني عثمان وتقلص مساحتها الشاسعة لتبقى مقتصرة على تركيا المعروفة بحدودها الراهنة.
سليمان شاه قايا ألب، كان والد أرطغرل، الذي هو والد عثمان الأول، مؤسس الإمبراطورية العثمانية، وقد ولد سليمان شاه سنة 1178م، وبقي رمزا حاضرا في ذهن الأتراك، ومحاطا بتقديرهم وعنايتهم حتى في ظل تعاقب الحكومات القومية، التي عرف عنها تركيزها الشديد على البعد العرقي، وإهمال أي بعد إسلامي يذكر بإمبراطورية بني عثمان.
وعندما وقعت معاهدة "أنقرة"مع باريس إبان الانتداب الفرنسي على سوريا سنة 1921، حرصت تركيا على أن تتضمن المعاهدة بندا يقر بأن ضريح سليمان شاه أرض تركية تخضع لسيادة أنقرة، ويرفع عليها علم تركيا، ويتولى حمايتها جنود أتراك.
بقي قبر سليمان شاه في مكانه قرابة 750 سنة، ولكن وفي عام 1973 وخلال السنوات الأولى من حكم حافظ الأسد، طرأ أمر جدي استدعى فيما بعد تحريك "الضريح التركي" من عمق 100 كليومتر في الأراضي السورية، ونقله شمالا ليبقى ضمن الأراضي السورية، على بعد يقارب 30 كيلومترا من الحدود التركية-السورية.
وكان سبب نقل الضريح متعلقا بإنشاء بحيرة سد الفرات، التي عرفت باسم "بحيرة الأسد" وغمرت تحتها كثيرا من معالم تلك المنطقة الغنية بحضارتها.
وقد تواقفت دمشق وأنقرة على اختيار موقع مشرف على هضبة قره قوزاق تفوق مساحته 8 آلاف متر مربع، وتقع على بحيرة سد تشرين، قريبا من بلدة صرين.
وقبل أيام قليلة، بدأ تنظيم "الدولة الإسلامية في العراق والشام" بنقل معاركه إلى بلدة صرين المجاورة للضريح، وتناقل ناشطون تهديدات أطلقها التنظيم باستهداف الضريح وتدميره، معتبرين أن هذه التهديدات ترسخ تقاطع "الدولة" مع بشار الأسد وتعكس رغبة الأخير في افتعال مزيد من المشاكل مع أنقرة، التي تساند الثورة السورية.
وقد سارعت تركيا على لسان وزير خارجيتها للتهديد باستخدام القوة والتدخل العسكري لحماية جد مؤسس الإمبراطورية العثمانية، إذا ما تعرض المكان لأي اعتداء.
زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية