أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إني أرى في التخوين حياة ... حذيفة نجم



أثناء الثورة لا تزال الروح البعثية متشبثة في أجسادنا , لدرجة أن البعض قد يؤمن ببعض مقولات القائد الخالد !! و من أشهر أقواله –بتصرف-
"إني أرى في التخوين حياة" !!
يمكنني اليوم بعد 3 سنوات , و دخول ثورتنا بالسنة الرابعة , بأن أرى مشهدا يرعبني أكثر بآلاف المرات عند مشاهدتي لفيلمي الصرخة (SCREAM ) أو المنشار(SAW) !!
عند كل ليلة أبحث و أتقصى و أقرأ بعض التحليلات الثورية المشبعة بالفهم و الذكاء , ليست مشكلة , ولكن بذات الليلة يمكنني أن أشاهد عشرات أو مئات أو مليارات التعليقات و المنشورات (التخوينية) لشخصيات شاركت بالثورة عن صدق نية أو ربما على العكس .
المهم , أتابع ما يكتب :
"عندما بدأت ثورتنا كنت في الشانزيليزيه .. يا خاين ؟" 
" أنت عميل لأميركا الدولة الكافرة الفاجرة"
"أنت من جماعة الإخوان الإرهابية , بعتو دم الأبرياء يا خونة !"
"أنت يا جاسوس على ثوار الداخل , أنت من جماعة الجربا !"
"أنت مع أياد شربجي و أرك ضد عروة الأحمد يا وضيع!!!"
"أنت ضد العرعور و مع معاذ الخطيب , يا سافل!!"
و هكذا .. في كل ليلة , لا يمكنني أنا أرى تآلفا و حبا يجمعنا , و لكثرة الجماعات و الفرق السياسية قبل التخلص من النظام (جماعة : الخطيب , الجربا , كيلو , الطورنجي !!!) يمكنني أن أرى المشهد اللبناني يتكرر في سوريا , و إن كان الجميع مقتنعا بالهدف الأسمى و هو إسقاط النظام , لكن لا بد من انتهاز الفرصة المناسبة ليجعل الناقد العظيم من نفسه قائدا ولامعا و نجما فيسبوكيا لا يؤمن بالثورة بل يؤمن "باللايكات" !
في ظل تكالب الأمم على الشعب البطل , و أثناء المؤامرات التي تحاك ضد أبناء سوريا , يخرج علينا أحدهم و يشتم فلان , ليرد عليه الآخر و يشتم أبا فلان !
فالتخوين أصبح الآن بدون أي دليل أو وثيقة تثبت الخيانة , بل صار موازيا للموقف السياسي لكل شخص , إن وافقتك الرأي فأنت في قمة الوطنية , و إن خالفتك فأنت في جحيم العمالة !
عندما أصدر الشيخ معاذ الخطيب بيانه الذي أوضح رفضه لانتخابات رئاسية في ظل الطغمة الحاكمة , قفز أحد الفيسبوكيين و بدأ يقنع ضعاف النفوس أن معاذ الخطيب خائن لدماء الثورة , و أنه التقى الإيرانيين و اتفق معهم على إسقاط الثورة , و ليثبت الكلام , ضرب رأسه الذهبي بالحائط ليخرج بحجة و برهان قاطع على أن الخطيب "إيراني" , و البرهان يا سادة يا كرام كما قال : "لاحظوا أن معاذ العميل لا يلبس (كرافة) كما يفعل أبناء قم "!!!
نعم و لله لقد صدق , فــ "الكرافة" هي مقياس العمالة و الخيانة الآن . 
"تنويه للمعارضين : عندما تخرج من المنزل احرص على لبس الكرافة , وعند الظهور على شاشات التلفزيون لا تنسى الكرافة , و بالذات على قناة الميادين , قناة الخيال كما هو !!!"
ليس التخوين السياسي فحسب , بل يوجد التخوين العسكري أيضا , فيمكن لأي شخص مصاب بالملل "الثوري" –و للأسف- أن يصدق كلام الفيسبوكيين الوهميين تارة أو السياسيين المعارضين المحنكين تارة أخرى , عندما يصرخون بالفم المليان الوقح :"فاتح حسون , سليم ادريس , قاسم سعد الدين , خونة باعوا أنفسهم لأميركا!!" 
لا شك أن التقدم العسكري بات ضيئلا جدا على جبهات "الفاتح" في حمص ولكن لا أحد –سوا المتواجدين على الأرض- يعلم ما هي الأسباب الحقيقية وراء ذلك , ليأتي الدور على أحباء الجماهير المتعطشة لاسم الدلع "خوخو" –طبعا أقصد كلمة خاين- فبخبراتهم التحليلية و ثقافتهم الواسعة , يفندون أسباب التأخر و يختصروته بحفنة من الكلمات " سارق – خاين – وضيع – رذيل – لا يفقه شيء .....الخ"
نحن الآن في المرحلة الحرجة , وثورتنا في غرفة الإنعاش , و لكن مؤمنون بأن الثورة لا تموت , كما أن النصر عندما يرى بمنظاره ترهاتكم التخوينية , قد يظل بعيدا , و النظام لا يكترث لأمركم , بل يبقى –للأسف- هو المتفوق إعلاميا (من ناحية تخوين الذات) حتى و إن كرر الكلام الغليظ البائس "قائد , وحدة , اشتراكية , بعث , جيش باسل ..الخ" , ولكن لم ألحظ ليوم واحد أن رأيت شاشات تلفزة محسوبة على النظام تلجأ لأسلوب تخوين أحد من القيادة الحزبية أو شخصيات إعلامية مؤيدة , و لم أرى يوما شريف شحادة يشتم و يسب و يلفق تهم لطالب ابراهيم ..
تبقى عدة أسئلة حائمة في ذهني , هل الحملات التخوينية التي نعيشها اليوم في ثورتنا الصامدة , حالة صحية ؟ و هل غربال الثورة مازال قائما في عمله ؟ 
ختاما و في الذكرى الثالثة أقول , ابتعدوا عن لغة التخوين و 
(حبوا بعض)


HozyfaN@

(295)    هل أعجبتك المقالة (300)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي