أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

انتخابات 30 آذار المحلية في تركيا.. "العدالة والتنمية" مطمئن رغم جديد "الخدمة"

فتاة تركية في إحدى المظاهرات - وكالات

تشهد تركيا نهاية هذا الشهر أهمّ انتخابات محلية فيها منذ عقود، وأرخى احتدام الصراع بين حزب العدالة والتنمية الحاكم وأحزاب المعارضة ظلاله بوضوح ليجعلها انتخاباتٍ مصيريةً هذه المرَّة، بعد أن جرت العادة بأن تكون أقلَّ الانتخابات شأنًا في تركيا، وخصوصًا أنّ أحزاب المعارضة تستنفر كلَّ جهدها وقدراتها لاستغلال متاعب العدالة والتنمية؛ حتى تُنهيَ استئثاره بالحكم الذي استمرّ ثلاث دورات انتخابية.

وبهذا الخصوص أصد المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات تحليل "تقدير موقف" حول "الخريطة السياسية التركية على أبواب الانتخابات المحلية".
ويكشف أنّ العامل الجديد المؤثِّر في هذه الانتخابات هو دخول جماعة "الخدمة" التي يتزعمها رجل الدين المعروف "فتح الله غولن"، بوصفها تجمعا انتخابيّا غير رسمي في مواجهة الحزب الحاكم، فلئن لم تكن هذه الجماعة على القوائم الحزبية المعلنة التي ستدخل الانتخابات، فإنها تملك تأثيرا في مجرياتها بالنظر إلى دورها الكبير اجتماعيا، وتربويّا، وإعلاميا، حتى أنّ مدار المراهنة بين أحزاب المعارضة يكاد يكون على تأثير الصراع بين غولن وأردوغان في نتائج الانتخابات المحلية، بحسب تحليل المركز.

ويستعرض التحليل تشابكات العلاقة بين "خدمة" فتح الله غولن و"العدالة والتنمية"، موضحا أن جماعة فتح الله غولن قدمت الدعم للحزب الحاكم، في الانتخابات السَّابقة كلِّها؛ وذلك قبل وقوع الخلاف بينهما. 
وأكد أن الانتخابات المقبلة ستكشف مدى تأثير هذا الخلاف في قدرة العدالة والتنمية على الاستمرار بالفوز، كما كانت عليه الحال في المحطات الثلاث السَّابقة.

وتُعَدُّ جماعة "خدمة"، التي نشأت قبل نحو خمسين عامًا، من أهمّ الجماعات ذات الطابع الديني في تركيا. فعلى الرغم من أنها انطلقت في بداياتها من أهداف اجتماعية فإنَّها شهدت تحوّلًا في طبيعة أهدافها وممارساتها؛ ما أدخلها، وإن على نحوٍ غير مباشر، في قلب العمل السياسي. ويتركَّز أكبر تأثير للجماعة في المراكز التعليمية التي تملكها؛ إذ إنها تدير أكثر من 500 مدرسة في نحو 92 بلدًا، وتملك منظومةً إعلاميةً ضخمةً تشمل محطاتٍ تلفزيونيةً، وصحفًا، وإذاعاتٍ، ومواقعَ إلكترونيةً، ومؤسساتٍ إغاثيةً، إضافةً إلى آلاف معاهد التقوية، ومساكن الطلبة التي أكسبت الجماعة تعاطفًا جماهيريًّا ومدًّا شعبيًّا كبيريْن.

وبحسب "تقدير الموقف" فإن الإشارات الصادرة عن حزب العدالة والتنمية تدل على أنه غير مهتم بتصعيد العداء مع الجماعة على عتبة الانتخابات المحلية، بل إنه يدعوها إلى العمل في الساحة السياسية التركية بحسب أصول العمل السياسي الدستورية، كما أنه يدعو شباب الجماعة إلى مطالبة زعيمهم فتح الله غولن بالعودة من أميركا، والقيام بنشاطه الاجتماعي والسياسي من داخل تركيا؛ حتى تكون الجماعة مستقلةً، وغير خاضعة لتأثيرات خارجية.

كما يسعى الحزب الحاكم إلى الحؤول دون تشكُّل تحالفٍ مصلحيٍّ بين الجماعة الدينية والأحزاب المعارضة العلمانية بطريقة تؤثِّر في نتائج الانتخابات المقبلة، في ظلّ تكهنات عن أنّ الجماعة ربما تتجه لعقْد اتفاق مع "حزب الشعب الجمهوري" ودعمه في الانتخابات المقبلة. وإنّ القلق من هذا الاحتمال هو ما دعا رموز حزب العدالة والتنمية إلى إصدار رسالة تحذيرية توجَّهوا بها إلى أنصار الجماعة، وطالبوا فيها بتجاهل أيّ دعوة إلى التصويت لمصلحة الأحزاب العلمانية، حتى لو صدرت من قادة الجماعة، كما أنهم حذَّروا من تمكين الأحزاب العلمانية من استغلال وسائل الأعلام التي تملكها الجماعة في ما يتعلَّق بتشويه صورة حزب العدالة والتنمية، أو التحريض على الحكومة قُبيل الانتخابات.

وأبان التحليل أن الأحزاب المتنافسة تحذو في إستراتيجياتها الانتخابية حذو حزب العدالة والتنمية بسعيه للمحافظة على نسبة أصواته الراهنة، وعدم تراجعها إلى أقلّ من 45%، وسعيه للمنافسة بجدية على بلديات الولايات غير الخاضعة لسيطرته، وانتزاعها من خصومه. 
وأشار إلى أن حزب الشعب الجمهوري فسوف يركِّز على الفوز في إسطنبول، وأنقرة، وغيرهما من البلديات الكبرى، نظرًا إلى ما يحمله ذلك من أهمية تتعدَّى قيمة النتائج الكلية التي سيحرزها في الانتخابات، على أنّ ذلك - في حال حصوله - سيمثّل نكسةً معنويةً كبرى للحزب الحاكم على أبواب الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، خاصة أن المدينتين يسكنهما أكثر من ربع سكان تركيا (76 مليونا).

زمان الوصل
(92)    هل أعجبتك المقالة (90)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي