مشهد هارب من السينما المصرية، يتكرر اليوم على الأرض السورية، فالمواجهة الافتراضية التي حدثت بين شقيقين في جبهتين متقاتلتين خلال اجتياح قوات نظام صدام حسين للكويت، يعيشه أبناء السويداء واقعاً.
"أم الرمان" قرية صغيرة تابعة لمحافظة السويداء، تلقت قبل أيامٍ نبأ إصابة أحد أبنائها "حمود البربور" المقاتل إلى جانب الجيش الحر في يبرود، المنشق عن جيش النظام، منذ عامين تقريباً بعد أحداث الرمل الجنوبي في اللاذقية، وما لبث أن انضم إلى لواء "أحرار القصير" في حمص، وهي الإصابة الرابعة له بعد ثلاث إصابات في القصير وحمص.
وإذا أنقذت جبهة يبرود "حمود البربور" من الموت، فهو ما لم يحظَ به ابن عمه ورفيق طفولته "وسيم البربور" الرقيب المجند المقاتل إلى جانب جيش النظام أيضاً على جبهة يبرود.
المقربون من أبناء العمومة يؤكدون أنهما من جيلٍ واحد، ذهبا سويا إلى ذات المدرسة، وتقاسما أحلام الطفولة، التي تفرقا لأجلها في الكبر، ليعيشا قدر المواجهة على أرض يبرود.
ابن عم الشابين كتب على صفحته الخاصة في فيس بوك: "يخيل إلي أن وسيم في لحظة إصابته القاتلة لم يشعر أنه وحيد في هذا المكان فقد تذكر حمود وشعر بالحنان والأمان ثم ابتسم لطفلين يلعبان في تلك الحارة البعيدة وأسلم الروح".
وتبدو هذه الحادثة استثنائية على محافظةٍ لم تشهد مواجهاتٍ مباشرة مع النظام، وينقسم أبناؤها بين مؤيدٍ ومعارض، وهنا يشيرناشط فضل عدم ذكر اسمه لـ"زمان الوصل" إلى أن الحالة الصحية للمنشقين عن صفوف النظام، والمقاتلين مع الجيش الحر هو التواجد في أماكن المواجهات المباشرة والانضواء تحت لواء الكتائب المشكلة، ليكون ذلك تعبيراً عن روح الثورة والتأكيد على أن الشعب السوري واحد، وعدم التسابق لتشكيل فصائل عسكرية تحت المسمى "الدرزي"، كما حدث في العديد من الكتائب التي أرادت حتى القتال ضمن أراضي السويداء، كمعركة "ضهر الجبل" التي استشهد فيها "خلدون زين الدين".
أما من ناحية أبناء المحافظة المقاتلين إلى جانب النظام، فيؤكد الناشط، أن سياسة النظام باتت واضحة في وضع "الدروز" على خط المواجهة الأول ضد الثوار، ليعبر عن رسالةٍ مفادها أن من يقاتل "السنة" هم الدروز.
وليس عصام زهر الدين الضابط المقاتل إلى جانب النظام إلا مثالاً حقيقاً على ذلك، حيث انتقل من ضابط مغمور قبل الثورة، إلى قائد عمليات لمواجهة معظم المناطق المنتفضة، مثل "دوما بابا عمر ودرعا ودير الزور" وغيرها.
ويشير الناشط إلى أن تقابل أبناء العم في جبهتين متقاتلتين يعتبر ظاهرة جديدة على محافظة يتجه حتى معارضوها أكثر نحو السلمية، ويجادلون في عسكرة الثورة، لكنها تعبر عن حجم الاصطفافات القائمة في السويداء.
وإلى جانب ارتفاع أعداد المنشقين عن النظام من محافظة السويداء، فهناك ارتفاع في أعداد المتخلفين عن الخدمة الإلزامية، ووصولهم إلى ما يقارب 12 ألف شاب حسب تقديرات ناشطين، لكن في المقابل هناك تجنيد عبر جيش الدفاع الوطني لأبناء المحافظة، ممن يلتحقون به لأسبابٍ مادية أولاً، وثانياً حتى يتمكنوا من التملّص من الاحتياط أو الجيش، لكونهم ينضوون تحت لواء الجيش الوطني داخل المحافظة.
زينة الشوفي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية