يثير تعيين النائب اللبناني السابق ناصر قنديل رئيسا لتحرير جريدة البناء الناطقة باسم الحزب السوري القومي الاجتماعي استغرابا واستهجانا حتى بين مناصري هذا الحزب المنقسم اليوم بين أجنحة مختلفة وبعض أسباب الانقسام قديم قدم الحزب نفسه "تأسس عام1932" وبعضها مستجد ومبني على خلفيات الموقف من الأزمة السورية وما نتج عنها من حراك سياسي سنعود لبعض تفصليه.
مناصرو الحزب تحدثوا عن تحويل حزبهم "النهضوي الذي يعيد إلى الأمة السورية حيويتها وقوتها" إلى شركة سياسية ملحقة بحزب الله في لبنان وبالنظام السوري وشركة الهاتف النقال"سيرتيل" التي يملكها رامي مخلوف ابن خال رأس النظام السوري.
وفي التفاصيل التي أن رامي مخلوف صاحب سيرتيل والذي يدير استثمارات ضخمة في سوريا والعالم لصالح عائلة الأسد كان قد أقسم يمين الولاء للحزب السوري القومي الاجتماعي أمام رئيسه عصام المحايري قبل مؤتمره العام الذي عقد بدمشق في حزيران 2013 وسمي بالمؤتمر التجديدي وشرعن نهائيا الانفصال التنظيمي للحزب في الشام عن القيادة المركزية برئاسة أسعد حردان في بيروت.
وسوّغ مخلوف انضمامه للحزب بأنها استكمال لمسيرة عائلته التي كان الكثير من أفرادها أعضاء بهذا الحزب مقابل انضمام الكثير من العلويين لحزب البعث ومنهم صهر العائلة حافظ الأسد.
ولكن حقيقة الأمر ليس كذلك فالأمر متعلق بدور مخلوف بتمويل اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني وبالإجمال ما بات يعرف بالشبيحة والذين أشرفت على تدريبهم وتمويلهم "جمعية البستان" التابعة لمخلوف وكذلك بالبحث عن طرق حماية سياسية واقتصادية لمملكته بعد تمثيلية تحويلها إلى جمعية لأعمال البر والإحسان.
لم يكن قرار فصل الحزب بالشام عن بيروت قرارا سهلا فقد اعترض عليه بعض "الرفقاء" وفي مقدمتهم رئيس الحزب أسعد حردان فاستعان برأس النظام بشار الأسد وزاره في أكتوبر 2013 طالبا أن يقوم بثني المحايري عن هذا القرار وكان جواب الأسد أن الأمر غير ممكن لأن الأحزاب السورية عليها تكييف وضعها مع قانون الأحزاب الجديد والذي يوجب على ألا يكون للحزب فروعا خارج سوريا.
الطريف بالموضوع أن حزب البعث لم يحل حتى الآن قيادته القومية وتنظيماتها المختلفة ومنها تنظيم الحزب في لبنان، فحين طوي قرار حردان بتشكيل مكتب سياسي في الشام برئاسة نذير العظمة، واستقر الأمر للمحايري والممول الجديد للحزب رامي مخلوف.
ومع تدفق التمويل والتسليح بدأ الحزب بتشكيل كتائب عسكرية شاركت في معارك معلولا وصدد وصيدنايا، ولها وجود كبير في مناطق وادي النصارى وقلعة الحصن وأعطت مشاركتها طابعا طائفيا حيث تركز على مناطق المسحيين الأرثوذكس.
ومع استكمال السيطرة على هذا الحزب بالشام تأتي خطوة تعيين ناصر قنديل من خارج الحزب لرئاسة تحرير صحيفة البناء لمد السيطرة على مؤسسات الحزب في لبنان وتحويل الحزب العقائدي العلماني إلى جيش من الشبيحة والطائفيين.
فعلاقة قنديل بمخلوف ليست سرا حيث تتبنى سيرتيل موقع وتلفزيون "توب نيوز" التي أطلقها قنديل مع بداية الثورة السورية 2011 فضلا عن علاقة قنديل بالنظام السوري، حيث كان يوصف بـ"وديعة السوريين" بقائمة الرئيس الحريري للمجلس النيابي عام 2000، ومن المثير للسخرية أن يصدر هذا القرار بمناسبة احتفالات الحزب بمولد سعادة الذي ضحى بدمه من أجل استقلال القرار السوري "أعدم في تموز1949" فيأتي من يبيع حزبه وجريدته بأبخس الأثمان.
زين الياسري - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية