بدوا كأنهم أشباح، آلاف من المدنيين المحاصرين في مخيم اليرموك بدمشق، يتجهون للحصول على المساعدات الإغاثية التي وصلتهم من الأمم المتحدة، يقفون في خط مستقيم للحصول على حصتهم، القليلة أصلاً، بهذا الوصف بدأت صحيفة "دي فيلت" الألمانية تقرير نشرته السبت الماضي 01-03-2014 لها حول الوضع المأساوي الذي يعيشه مخيم اليرموك المحاصر من قبل قوات نظام الأسد منذ يونيو حزيران الماضي.
ليس هذا فقط، بل كان الخوف واليأس والأجساد الهزيلة هو الطاغي، كان الجوع واضحاً على الناس، المدنيون بدوا "أشباح" في هذا المشهد كما وصفهم فيليبو غراندي مدير وكالة الأمم المتحدة لإغاثة وتشغيل اللاجئين (الأونروا)، الذي تواجد أثناء توزيع الطرود الغذائية في مخيم اليرموك حسب الصحيفة.
*الحصار يقتل الطفل عبدالحي، والمساعدات "قطرة من المحيط"
مخيم اليرموك والذي كان مسرحا لقتال عنيف بين الثوار وقوات النظام، تعرّض للحصار والتجويع من قبل قوات النظام منذ يونيو حزيران الماضي، الأمر الذي عزل المدنيين داخل المخيم عن العالم الخارجي، لكن أول مساعدة إغاثية وصلت المخيم كانت في يناير كانون الثاني، وحسب الصحيفة، فإنه، وحتى ذلك الوقت، كان 48 شخصاً لقوا حتفهم من آثار الحصار والتجويع وسوء التغذية ونقص العلاج الطبي، كما أشارت الصحيفة إلى حالة الطفل "عبدالحي يوسف" الذي كان يبلغ من العمر ست سنوات، عبد الحي كان أول حالة وفاة بسبب الحصار وكان ذلك في الثاني من نوفمبر تشرين الثاني الماضي.
بسبب حصار النظام للمخيم، حاول العديد من سكان المخيم الفرار وكسر الحصار بالهروب عبر المجاري الأمر الذي خلّف أكثر من 100 ضحيّة، وفيما يتعلق بتوزيع المساعدات أضافت "دي فيلت" في تقريرها أنه سيتم توزيع 7493 عبوة (سلة) غذائية للمدنيين الباقين في المخيم، تلك المساعدات التي وصفتها الصحيفة أنها "قطرة من المحيط"، ما استطاعت الأمم المتحدة تقديمها.
*دمار مخيم اليرموك "لا يصدّق"
ووصف مدير أونروا غراندي هذه الخطوة -خطوة تقديم المساعدات- بأنها أداة جيّدة للضغط، وأن هذا الشيء لم يكن في سوريا من قبل، حسب ما نقلت عنه الصحيفة، التي كتبت أنّ معظم المدنيين فرّوا من مخيم اليرموك الذي عادة ما يقطنه أكثر من 150 ألف مدني، بسبب دخول جماعات تنظيم القاعدة مثل جبهة النصرة والدولة الإسلامية في العراق والشام.
حينها بدأ الجيش السوري بإطلاق النار على المخيم بالمدفعية والقصف من الجو، الأمر الذي دمّر كامل المخيم حسب ما أضافه غراندي بالقول إنّ "الدمار لا يصدق، ليس هناك مبنى واحد سلم من القصف".
الأمر الأكثر صدمة حسب الصحيفة ما قاله رجل يبلغ من العمر 57 سنة، من سكان المخيم، إنّ الناس لم تخرج من المخيم أبداً، ليس هذا فقط بل بقيت دون غذاء ودواء ومياه، ودون كل ضرورات الحياة، الناس لا تتحدث أبداً، وإذا تحدّث بالكاد يتحدثون كلمة واحدة فقط.
*خشية تفشي الأمراض
الوضع في مخيم اليرموك لا يزال مرعبا للغاية رغم الإمدادات الجديدة، الأمم المتحدة من جانبها وحسب التقرير تخشى من تفشي الأمراض، فهناك تقارير تقول إن كثيرا من النساء يتوفين أثناء الولادة، إلى جانب تقارير ذكرت مراراً أن العائلات والأسر التي بقيت على قيد الحياة بقيت بفضل علف الحيوانات، وحسب وصف الصحيفة، فإن كل الأمور هناك لا تزال في فوضى تامّة، وعملية تقديم إمدادات إغاثية بحجم أكبر، معقدة جدّاً، لأن الأمر يحتاج إلى التفاوض مع العديد من الجماعات والأطراف.
*التجويع "سلاح" جبان يقوم به الجبان
مخيم اليرموك وكما اعتبرته صحيفة "دي فيلت" أنها يمكن أن تكون مثالاً في استخدام التجويع من قبل قوات الأسد كسلاح، الاستراتيجية الجديدة التي بدأها نظام الأسد في المناطق التي يتواجد فيها الثوار لإجبارهم على الاستسلام، إلا أنهم لا يستسلمون رغم الأشهر الطويلة والقصف المتواصل والحصار والجوع.
ليس المخيم فقط يتم تجويعه، بل ذات السلاح (التجويع) يقوم به النظام في المناطق والضواحي الريفية من دمشق، فلا تزال أجزاء أخرى في العاصمة محاصرة مثل "دوما والحجر الأسود ويلدا والغوطة وجوبر"، التجويع كسلاح يبدوا أنه اليوم لم يعد محرّماً حسب الصحيفة التي أضافت نقلاً عن خبير من جامعة "أوكلاهاما" الأميركية في مركز الدراسات حول الشرق الأوسط، أنه قبل عام أو عامين لم يكن وادراً أبداً تجويع أحياء بأكملها، إلا أن هذا الأمر أصبح واقعاً وهو فعل جبان يقوم به الجبان.
المساعدات الإنسانية من قبل الأمم المتحدة ووصولها الحر إلى المناطق المحاصر لن ينهي الحصار والجوع ولكن الأمر يمكن أن ينقذ بعض المدنيين من الموت المحقق حسب ما ختمت به الصحيفة تقريرها.
كيان حسن -ألمانيا
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية