أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إعلام الثورة السورية، والعدو الإسرائيلي "الإنساني"

تجري وسائل إعلام الثورة السورية أحياناً مقارنة خطيرة بين النظام السوري وإسرائيل، أو بين بشار وشارون، فالأول لم يترك أداة محرمة دولياً إلا واستخدمها في قتل شعبه، وكلنا يعرف الجرائم التي ارتكبها الثاني في فلسطين، والأراضي العربية المحتلة، وبالمقابل، أقام الآن مشفى ميدانياً لمعالجة الجرحى السوريين من مواطنين مدنيين، ومقاتلين من المعارضة السورية، وهو ما تحدث عنه التقرير الذي عرضته قناة أورينت نيوز في برنامج "هنا سوريا".
التقرير طرح السؤال "الصعب": من هو العدو اليوم؟ وكيف يضطر السوريون إلى الهروب من الموت على يد الشبيحة من أبناء البلد إلى الحياة في مشفى ميداني إسرائيلي؟!
الإجابة على هذا السؤال البديهي يعرفها أي طفل فلسطيني في مخيم اليرموك المحاصر، والسوريون اليوم ليسوا في صدد تصنيف جديد لأعدائهم.
تحدث التقرير أيضاً عن العدو، وكيف يمكنه أن يكون عدواً، ولكن لا يمكنه إلا أن يكون إنساناً! 
صحيح أن الإنسانية ليست حكراً على عرق ما أو دين أو مذهب، لكن دموع الممرضة الإسرائيلية في التقرير لا تساوي شيئاً أمام جرائم شارون بحق الفلسطينيين، والسوريين.
إذا كان هدف المقارنة هو إظهار مدى الوحشية التي وصل إليها النظام السوري في قتله للشعب، والتي تفوق فيها حتى على إسرائيل، فلا أعتقد أن المتابع للأحداث في سوريا يحتاج لأدلة جديدة تدين هذا النظام، ووحشيته، وإن هذه الأدلة يجب ألا تصل على حساب إظهار إنسانية إسرائيل.
مثل هذه المقارنة تساهم رغم أنها لا تهدف لذلك في تحسين صورة إسرائيل أمام العالم، وتدفع المواطن العربي إلى مراجعة المُسلّمات الوجدانية لديه، و"تخدش شعور" المواطن الفلسطيني خصوصاً عندما يشاهد قنوات عربية تعكس نبض الثورات العربية، وهي تلمّح "لإنسانية إسرائيل".
الجرحى السوريون الذين أجبرهم النظام على اللجوء إلى إسرائيل التي تستغل دماءهم، وتستفيد منها سياسياً بطريقة "إنسانية خبيثة". 
النظام السوري يستغل هو الآخر مثل هذه المقارنات، فقد تلقفت قنواته الممانعة نبأ زيارة شارون للمشفى الميداني، والتي حرص فيها على الظهور مع مقاتلين جرحى من الجيش الحر، لتقول: شاهدوا الدليل القاطع على ارتباط هؤلاء "الإرهابيين" مع إسرائيل.
أما إعلام الثورة فلا ندري ما الفائدة التي يقدمها من هذه الموازنة بين قاتلين، خصوصاً وأنها تُدخل الثورة التي يتربص بها إعلام النظام في شبهات هي بريئة منها، وإن كان لا بد من هذه المقارنة، فإن المقارنة الأَوْلى هي بين القاتل والضحية، بين وحشية النظام، وإنسانية الثورة.

محمود إبراهيم الحسن
(124)    هل أعجبتك المقالة (121)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي