بث ناشطون على شبكة التواصل الاجتماعي مكالمة هاتفية بين أب يلفظ أنفاسه الأخيرة بعد أن أطلق عليه شبيحة وادي النصارى النار من خلال قناصاتهم وبين ابنه الذي بدا متأثراً وغير مصدق، "عمر الكردي" أبو مؤيد الذي ذهب إلى منطقة "جبيب" المجاورة للحصن حاملاً جعبة يلم فيها الأعشاب والحشائش ليطعمها لأبنائه لم يكن يتوقع أن تكون نهايته موتاً بطيئاً رسمت ملامحه مكالمة مؤثرة أبكت أهل الحصن الذين يعانون منذ أشهر طويلة من الجوع والقتل والحصار.
وفي مكالمة الوداع الأخير بين الأب وابنه والتي امتدت لأكثر من خمس دقائق يقول الأب لإبنه: "بدي خبرك خبرية موحلوة يا ابني" فيقول الابن: "يعين الله"، مضيفا "سبحان الله، أنا قلبي حاسسني أنو راح يصير شي، الله اللي بيعطي والله بياخذ تفضل"، وهنا يقول والده "أنا يمكن موت بعد شوي أنا جنب بيت جدك وبيت خالك تحت بالرجوم (منطقة في الحصن) وحينما سأله الابن "شوفي يا أبي"، قال الأب"قوصوني الشبيحة وأنا عم جيب سليق، كسرّولي إجريي وفخاذي وما عم أحسن حركهم"، ويستدرك قائلاً: "ليك عم يقوصوا سماع عم يقوصونا بدهم يخلّصوا علينا) وهنا قال الابن بتنهيدة باكية "الله بيعين، الله يتقبلك من الشهداء" وردّدها أكثر من مرة فقال والده: "عم حكّيك قبل ما تطلع، عم دق على أخواتك عم حكيّهم ما عم يردوا علي" وأوصى الشهيد ابنه: "لا تنزلو علينا عم يقوصوا راح ظلْ هون لاستشهد" ويوصي الشهيد ابنه بأن ينتبه على أمه وأخوته ويأتي بالأكل لهم مضيفاً "إن شاء نشوفك بخير يا ابني"، فأجابه الابن وهو يغالب دموعه: "الله كريم يا أبي، الله يتقبلك من الشهداء"، ويقول الأب بلهجة الصابر المحتسب:
"دمي عم يصفي بدي موت أنا خلص، ويعيد وصيته لابنه "انتبه على اخواتك وأمك أنت بقيت بدالي"، فيجيب الابن وهو يجهش بالبكاء: "الله بيحميهم، الله يتقبلك من الشهداء يا أبي"، ويقول الأب "أنا عم أحكي معك وحاسس روحي بدها تطلع بعد شوي، حاسس دمي اتصفى".
وبعد أن نطق بالشهادة عاد الأب ليقول"بدي عيش بلا رجلين، لا خليني موت أحسن"، ويخاطب ابنه قائلاً "ما حسنت شوفك مليح، إن شاء الله نشوفك بالآخرة بالجنة صلي على النبي وقرالي القرآن يا ابني".
وفي نهاية المكالمة ينطق الابن بعبارات "يا رب صبرك، لا حول ولا قوة إلا بالله، حسبي الله ونعم الوكيل".
الناشط خالد الحصني الذي قام ببث هذه المكالمة المؤثرة قال لـ"زمان الوصل":
هذه المكالمة الهاتفية بين الشهيد "أبو مؤيد" وابنه أبكت أهالي الحصن صغيرهم قبل كبيرهم، وهي دليل على صمود أهل الحصن الذي يتمثل برجل بطل لا يعبأ بالموت وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة، لا بل إنه يشدُ من أزر ابنه الذي أفقدته هذه المكالمة أعصابه، وكان الشهيد عمر الكردي أبو مؤيد –كما يضيف الحصني- أحد الشهداء الذين نصب لهم شبيحة وادي النصارى كميناً وأطلقوا النار على أرجلهم وأيديهم وهم يجمعون السليق (حشائش وأعشاب) من الأراضي القريبة من الحصن وقام الشهيد "أبو مؤيد" بالاتصال بابنه الكبير مؤيد بعد إصابته ليودعه قبل استشهاده بدقائق واصفاً لحظات موته الأخيرة، ومن خلال برنامج مسجل صوت تم تسجيل المكالمة تلقائياً، وبعد انتهاء المكالمة قام الشبيحة بإطلاق النار ثانية على الأب فاستشهد فور انتهاء المكالمة مع ابنه، وقمنا بعد انتهاء المكالمة بنصف ساعة تقريباً بالاتصال مع الأب فردّ علينا الشبيحة الذين كانوا قد قتلوه حينها وسرقوا جهاز الموبايل الخاص به.
ويذكر أن الشهيد "عمر الكردي" كان قد ودع ابنه الشهيد محمد الذي استشهد في مجزرة أثناء جلب مياه الشرب لأهله منذ أيام، وها هو والده يستشهد أثناء جلب الأعشاب لهم ليأكلوها.
فارس الرفاعي - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية