أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

"داعش" والقصة الكاملة للتنظيم مع مدينة "اعزاز"

تنظيم الدولة ينسحب بشكل كامل من مدينة اعزاز وبلدات "منغ ودير الجمال وكفر كلبين وكشتعار ويحمول وكفرة والحمزات والشيخ ريح وكفرنايا" إضافة إلى مطار منغ العسكري.

وقام التنظيم بإحراق عدد من الطائرات في المطار قبل إتمام عملية الانسحاب، بالإضافة إلى تفريغ المقسم الآلي بعدد كبير من أجهزة الاتصال والمعدات كما تم سحب المولدات الكهربائية من المقرات التابعة للمدينة.. ولعل أهم ما حصل قبل عملية الانسحاب كان إيقاف الفرن الآلي عن العمل من خلال تعطيل آلياته.. ومما يثير الاستغراب أن التنظيم قام بحرق كافة المقرات التي كان يستخدمها ولعل ذلك في محاولة لعدم إبقاء أي دلائل وأوراق قد تكون منسية خلال عملية الانسحاب والتي لم تكن فجائية وإنما أخذت من الوقت 5 أيام استعدادا لهذا الانسحاب..وتم الانسحاب بخروج عدة أرتال في أوقات مختلفة على مدار يومين.. وكان انسحاب الأرتال النهائية بتاريخ 27 وليلة 28/2/2014.. ولابد من ذكر ما جاء من تهديد ووعيد الجولاني قائد تنظيم جبهة النصرة بعد اغتيال "أبو خالد السوري" أحد أهم قياديي "أحرار الشام" الإسلامية.. والذي قد يكون واحدا من أسباب كثيرة أدت إلى انسحاب تنظيم الدولة من المدينة نذكر منها الاشتباكات المستمرة والعنيفة بين الجبهة الإسلامية والتنظيم بالإضافة إلى ظهور مقاتلين من أهالي المدينة أثناء الليل لم يكن لهم أي نية في الدخول ضمن تشكيلات الفصائل المسلحة ومتهمين فقط بالدفاع عن المدينة وقت الحاجة وبجانب الغياب الواضح للحاضنة الشعبية في المدينة.. فقد تعالت الأصوات والمشادات الكلامية في اجتماع كان التنظيم قد دعا إليه عددا من أهالي المدينة قبل شهر في المركز الثقافي للمدينة (والذي قصف في السنة الثانية من الثورة السورية).

وفي اليوم التالي بعد عقد الاجتماع شارك عدد من شباب المدينة في مظاهرة أمام مقر المحكمة الشرعية التابعة لتنظيم الدولة.. وذات اليوم الذي حاول فيه تنظيم الدولة اقتحام مدينة مارع وتسارع الأحداث العسكرية بين التنظيم والجبهة الإسلامية.. كانت المظاهرة سلمية ولم يدخلها السلاح على الإطلاق في بداية الأمر، ولكن بعد تواصل القاضي أبو عمر المصري مع جنود تابعين للتنظيم عبر القبضة وتطويق المنطقة بشكل شبه كامل على مدار نصف قطر 200 متر تقريباً قام بضرب أحد المتظاهرين بعنف مما أدى لرد فعل من قبل المتظاهرين فأوقعوه أرضاً ليداس بالأقدام، ما أجبر الجنود التابعين للتنظيم لتلقيم أسلحتهم ودفع وترهيب المتظاهرين وأطلق أحد الجنود الرصاص بشكل عشوائي وتم سحب أحد المتظاهرين وضربه من آخرين تابعين للدولة مما اضطره لسحب سلاحه للدفاع عن نفسه وقتل اثنين من الذين كانوا يضربونه حينها سارع أحد الجنود التابعين للتنظيم برشق المتظاهرين بأكثر من 20 طلقة وبشكل مباشر ولم تكن المسافة بعيدة على الإطلاق بين الجنود والمتظاهرين أقدرها بخمسة أمتار.. سقط اثنان من المتظاهرين مباشرة وهرب الباقي.. وبدأت ملاحقة المتظاهرين من قبل الجنود الذين كانوا يطوقون المنطقة واستطاعوا الإمساك بعدد منهم وقتل ثمانية، كما أفاد أحد شهود العيان خلف التلة التي تتوسط مدينة اعزاز (قلعة اعزاز).. وتمت ملاحقة آخرين على مدار عدة أيام والتحقيق معهم وتعذيبهم وأطلق سراح البعض منهم، فيما أبقي على آخرين.. بعد هذه الحادثة بدأت تظهر العدواة فعلياً وبشكل واضح ما بين أهالي المدينة والتنظيم وبدأت خسارات الدولة بشكل أكبر حين كان أحد جنودها ويقال إنه أحد قادة كتائبها بإيقاف نساء المدينة وتكفيرهم علناً بسبب عدم لباسهم (الشرعي بمفهوم وفكر تنظيم الدولة) وبالرغم مما هو معروف عن أهالي هذه المنطقة بشكل خاص وعموم الريف الشمالي بأنهم من السكان المحافظين والطائفة السنية فلا وجود لأي طائفة أخرى ضمن الريف الشمالي ويندر وجود موظفين من طوائف أخرى فلم تكن هناك سيطرة فعلية للنظام على هذا الريف سوى من قبل المتعاملين معه من مخبرين وأمنيين من أبناء الطائفة السنية وتواجد بعض القيادات الأمنية التابعة لنظام الأسد..

هنا بدأ الخوف يتسلل إلى قلب عناصر تنظيم الدولة ومحاولة فرض السيطرة في المدينة والتضييق على أهلها بعد وضوح فقدان الحاضنة الشعبية وكثرة الشكاوي والمشادات الكلامية بين أهالي المدينة والتنظيم وصولاً إلى عدم رد السلام بيهنم حتى مما جعل كثيرا من جنود التنظيم يحاولون إقناع أميرهم بالخروج من هذه المدينة التي أضحوا يشعرون بالخوف من اغتيالهم فيها.. وبدأت سلسلة عمليات اغتيال ضمن التنظيم من قبل أهالي المدينة وعناصر سابقين في لواء عاصفة الشمال كانوا قد عادوا إلى المدينة بعد سيطرة تنظيم الدولة عليها وكان التنظيم دائماً ما يراقبهم ويتخوف من وصول السلاح إلى أيديهم فمنع السلاح منعاً مطلقاً بيد أهالي المدينة عامة وهو ذاته من كان يخطب على منابر جوامع المدينة بضرورة تسلح كافة أهالي المدينة قبل سيطرته عليها..

كان اللجوء إلى الانسحاب من مدينة اعزاز هو فقدان الحاضنة الشعبية بشكل رئيسي وعدم الشعور بأمان التنظيم على نفسه أولاً.. ولو كان هناك حاضنة شعبية فعلياً لما خرج منها واستمر في القتال حتى ولو هدمت المدينة عن بكرة أبيها..

يأتي بالدرجة الثانية عمليات الاغتيال الداخلية الحاصلة ضمن المدينة والتي زعزعت كيان الدولة من داخله فبات يشك حتى في عناصره التابعين له ممن انضموا إليهم طواعية أو قهراً (لا قسراً فبعض النازحين من منطاق أخرى كانوا يُكرَهون على مبايعة التنظيم أو الإلقاء بهم إلى المجهول وطردهم خارج المدينة)..

ثم وبالدرجة الثالثة الخسارات الكبيرة التي خسرها التنظيم في معاركه ابتداءاً بالاشتباكات مع لواء عاصفة الشمال ففقد الكثير من رجاله ولو أنه حصل على عتاد مادي أكثر لكنه خسر رجالاً من خيرة جنوده.. ويأتي بعدها الاشتباكات المستمرة مع الجبهة الإسلامية.. وصولاً إلى تهديد الجولاني قائد جبهة النصرة بعد اغتيال القيادي أبي خالد السوري..

يقوم حالياً لواء عاصفة الشمال مع الجبهة الإسلامية بتمشيط المنطقة ومدينة اعزاز الحدودية والتي تعتبر المعبر الإنساني الوحيد الأكثر أماناً للسوريين جميعاً لما في المعبر من تنظيم في العمل وتكريس جهود كبيرة من قبل لواء عاصفة الشمال لتنظيمه منذ بداية تحريره.. فلم يحدث في هذا المعبر أن تم اختراقه على الإطلاق سوى مرة واحدة من قبل تنظيم دولة البغدادي.. واستهدافه في عام 2012 من قبل الطيراني الحوامات التابعة لنظام الأسد حيث استهداف كل من المعبر ومخيمات اللجوء المدنية في كلس الحدودية..

نهاية يرفع أهالي اعزاز أصواتهم عالياً موجهاً إلى الجيش الحر والفصائل المجاهدة أنهم لا يرغبون بتكرار أخطاء ما حدث سابقاً من محاولة للسيطرة على المدينة فليس لأحد فضل على أهالي المدينة بتحرير اعزاز ليقوم بالسيطرة عليها وفرض ما يرغب به سواء كان جيش حر أو تنظيم دولة البغدادي أو فصيل مجاهد، وما سيأتي من اليوم وصاعداً يجب أن يكون بمشورة ما بين أهالي المدينة لينهضوا بها من جديد وقد علم الجميع ماذا يعني فقدان الحاضنة الشعبية.. وكافة أهالي اعزاز مستعدون للدفاع عنها ومنع سيطرة أحد وفرض نفسه كحاكم عليهم ليعودوا كما كان نظام الأسد.. فهدف الثورة واضح جلي نحو حرية الأرض والشعب.

وضاح المصري - زمان الوصل
(112)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي