منذ بداية الثورة السورية استحال القبر ترفا لجثة أي سوري، حتى لو كان طفلا أو امرأة أو شيخا انتشلت جثته أوبقاياها من تحت مخلفات قذائف "جيش الأسد أولا أحد".
حينها علم السوريون أنهم وحيدون بمواجهة مجرمين بلا حدود، منهم من كان جارا من أهل الدار، ومنهم من استقوى به ذلك الجار من وراء الحدود!
بعد المجازر اليومية بكل أشكال إجرامها ومجرميها وألوان أساليبها التي رجعت في بعضها إلى عصور ما قبل الإنسان، لم يعد مستغربا أي مشهد وحشي جديد مهما بلغت قساوته، وردة الفعل الوحيدة لدى السوريين هو صبر بلا حدود، أما "العالم المتمدن" وراء البحار فكل شي لديه محدود، إدانة واستنكار لمجرد التعبير عن الوجود!
بعد "الحولة" وأخواتها و"داريا" وبنات عمها و"البيضة" وباقي سواد الأسد، لن نجترح من قواميس اللغة مصطلحات جديدة، فأحيانا تعجز اللغات مُبستِرة اتساع جغرافيتها وعمق تاريخها عن أن تجيد وصف مشاهد تتلعثم وتتبلكم أمامها الحروف، فالصمت سيد اللغات ولسنا من جماعة الشيطان الأخرس، يشهد الله أن المشهد يُخرس العين إلا من دموع قهر على بلد ضاع بين براثن الفجّار!
هل رأى العالم مشاهد الحقد الجارف؟ التي صنعها النظام ،"حزب الله"، ربما... لكن من يمتلك الحيل لامتطاء صهوة خيل اللغة وخيالها، فليتفضل ويُلبس هذه الجثث المحترقة بالحقد الجارف أي لباس يشاء! مع التذكير بأنها جريمة حدثت في بلد اسمه سوريا، وتحديدا في الغوطة الشرقية، المكان نفسه الذي ابتلعت تربته جثثا لأكثر من 1500 مدني قتلوا بكيماوي الأسد، فكانت المكافاة صفقة أزكمت نتانة رائحتها أنف كل ذي ضمير. ذلك الحبر الرديء الذي وثق مذابح "سبرينتشا" و"رواندا"، يسيل على صفحات سوداء لـ"دولة" اسمها "الجمهورية العربية السورية" ما زالت عضواً في منظمة الأمم المتحدة، رغم كل جرائم نظامها، إن جازت التسمية، تحت سقف الوطن والفيتو الروسي الصيني، فهنيئا لمنظمة الحفاظ على السلم والأمن الدوليين، عصابة تهين جثثا لا حول لها ولاقوة بأسنان جرافاتها التي تجرف كل معاني الإسانية والسلم والأمن والأمم المتحدة وغير المتحدة!
عاصي بن الميماس - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية