أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مقاومة مقنعة أم جهاد مقدّس ... محمد زيكار

شكلت سورية مرتعاً خصباً لدول وجماعات من جميع أصقاع الأرض, وكان للجيران دور كبير بما يحصل هناك تحريضاً ومشاركةً, إن كان في صف المعارضة او في صف النظام. وكان للجار اللبناني قدح معلى في تدخله الى جانب النظام, وليس لبنان كاملاً فهو منذ زمن منقسم على نفسه, ولكن تحديداً حزب الله الطرف اللبناني الأقوى, والذي يُعتبر تدخله في سوريا مسألة دفاع عن وجوده لارتباطه الوثيق بالنظام السوري الداعم له سياسياً وعسكرياً.
ان وجود حزب الله على الاراضي السورية زاد في قوة النظام السوري وثبت قدميه, لما عُرف عن خبرته في قتال الشوارع والحروب غير النظامية. وان ما يهمنا من تبريرات الحزب لتدخله في سوريا هي "الدفاع عن لبنان داخلياً من المجموعات المتطرفة الموجودة في سوريا" على قاعدة الحرب الاستباقية.. لنتوقف عند هذا الادعاء ولنرى نقاط اللتقاء والاختلاف بين حزب الله والمجموعات المتطرفة ( تنظيم القاعدة ) بحسبان الطرفين خصمين غير سوريين في حرب على أرض سورية, بدايةً, في نقاط الاختلاف:
ان حزب الله يتبع لقرار سياسي, وينفذ رغبة دول, وما قاله فؤاد السنيورة يبين ذلك "ان حزب الله كتيبة ايرانية على ساحل المتوسط". في حين القاعدة لا توجد دولة معينة تتبناها وتملي عليها الأوامر, وهي تعمل على أساس اللامركزية في اتخاذ القرارات, وشهدنا كيف أن داعش لم تنصاع لقرارات الظواهري بالخروج من سورية.
حزب الله لا يعلن صراحة قتله للمختلفين عنه طائفياً, كما القاعدة التي تتوعد المختلفين عنهامذهبياً بالقتل. (طبعا هذا على مستوى البيانات)
حزب الله تنظيم محلي متواجد في لبنان وعناصره لبنانية. في حين تنظيم القاعدة تنظيم دولي, حيث يوجد في بقاع كثيرة بالعالم, ومقاتلوه من جنسيات متعددة .
هنالك جناح سياسي لحزب الله يمارس السياسة في الدولة, ويدخل في تشكيل الحكومة. في حين القاعدة جناحها السياسي هو ذاته العسكري, وهي تعمل ان تكون الدولة تشريعاً وقضاءاً وسياسة .
اما بالنسبة لنقاط التلاقي فهي كثيرة لكن سنذكر البعض منها:
تنظيم القاعدة هي ميليشيات دينية مذهبية(سنية). وحزب الله هو ميليشيا دينية مذهبية (شيعية) وعقيدة مقاتليه دينية جهادية, وعقيدة مقاتلي القاعدة كسابقه.
تعتمد القاعدة على قتال الشوراع والعصابات, ولديها تجربة كبيرة في ذلك, اضافة لهذا وجود للانتحارين في صفوفها. حزب الله تقوم استرتيجيات قتاله على معارك المدن وحرب الشوارع, وهو ايضاً متمرس بذلك, ويملك انتحاريين كسابقه.
يعامل المجتمع الدولي القاعدة كمنظمة ارهابية. اما حزب الله اتُخذ قرار في الاتحاد الاوروبي بتصنيف الجناح العسكري له كمنظمة ارهابية, و يعتبر كامل الحزب ارهابياً في دول مجلس التعاون الخليجي .
ارتكب حزب الله في سوريا والقصير خاصة جرائم حرب وجرائم ضد الانسانيةحسب تقارير دولية. كما ان القاعدة ارتكبت جرائم وانتهكت حقوق الانسان بشكل يصعب حصره.

ان من يدعي أن ما يحدث الآن في لبنان غير مرتبط بما يحدث في سوريا كمن يغطي الشمس بغربال, فإن لبنان يعد خاصرة سورية الديمغرافية, حتى لو لم يتدخل أي طرف لبناني في الصراع السوري, سيكون لبنان متأثراً, فما بالك اذا شاركت أطراف في القتال!! .. رأينا السيارات المفخخة تجتاح لبنان وتتركز في مناطق حزب الله, والمسؤول عن هذه العمليات هو الطرف الذي يدعي الحزب قتاله في سورية, وهي كتائب "عبد الله عزام" التابعة للقاعدة. نحن نتفق مع من يقول ان مسألة السيارات المفخخة عُرفت في لبنان قبل الأزمة السورية وليست جديدة, لكن تضاعف موجة هذه العمليات كان على أثر قتال الحزب في سوريا. وجدير بالذكر ما صرح به النائب اللبناني مروان حمادة "ان التركيز على سيارات تأتي من سوريا والتغاضي عن دبابات تذهب الى سوريا هي وصفة لاستمرار النزاع واغراق لبنان في دوامة الارهاب ". مما أدى ويؤدي بالدولة اللبنانية الى تحمل خسائر وانعدام أمن وانتشار الأرهاب على إثر قرار اتخذه حزب لبناني بناء على توصية ايرانية سورية للمشاركة في القتال. وليس كما قال السيد حسن في خطابه الأخير انه المخلص المنتظر والمنقذ للبنان من الجماعات المتطرفة الموجودة في سوريا .
شهدت شعبية الحزب تراجع كبيرعلى أثر تدخله في الصراع السوري. وبحسب تصريح الامين العام السابق صبحي الطفيلي "ان مشروع حزب الله بعين شبابه كان لنصرة الامة ومواجهة الاسرائيلي وان هذا سقط تماماً وانه لم يعد حزب مقاوم لقتال الاسرائيلي وانما لقتال المسلمين وبات الحزب ينحر ويمزق الامة".

من المفارقة ما بثته منذ فترة قناة الميادين عن سيناريو اقتحام حزب الله للجليل بخطة محكمة براً وبحراً والسيطرة على مدن في الجليل واخذ المستوطنيين كدروع بشرية. كل هذا سيحدث وجيش الدفاع الاسرائيلي سيقف متفرجا؟! ولنفترض جدلاً ان السيناريو تحقق, هل سيدع الاسرائيليون لبنان سالمة امنة؟؟ ام سيقلبوها رأساً على عقب, وبالتالي سيتحمل لبنان أضعاف مضاعفة من ما ناله بتدخل الحزب في سورية. لكن كل هذه فرضيات وتصورات, وان ما عرضته قناة الميادين برأينا لإعادة النظرة السابقة والترويج للحزب بأنه لم يغير بوصلته ولن يترك وجهه للاسرائيلي مكشوفاً.
ان حزب الله يتماهى حالياًمع النظام السوري الذي مازال يحتفظ بحق الرد على العدو الاسرائيلي, خاصة بعد الضربة الاسرائيلية الاخيرة على مواقع لحزب الله عند الحدود السورية, وحتى لو تاريخ حزب الله سمح له بالرد على هذه الضربة, النظام السوري لن يسمح له باعتباره تحول الى أحد فصائل الجيش السوري. وان تم الرد سيكون تمثيلي لاأكثر. وما يزيد المقاربة, ادعاء النظام في بداية الحراك بوجود المتطرفين حتى استقدمهم, والحزب الذي يقول انا أحمي لبنان داخلياً من التكفيرين حتى أتى بهم الى دياره..

(128)    هل أعجبتك المقالة (130)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي