أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

هل للكردي إلا الريح؟ ... إدريس نعسان


ربما نحوج كثيراً إلى الأنطلاق من العنوان الآنف لتشخيص الحالة الكردية السورية كجزء من الأزمة السورية العامة، وسواءً أكانت نظرة الشاعر الفلسطيني الراحل "محمود درويش" سلبية ام إيجابية تجاه الكرد فيما ذهب إليه، فإننا سنخوض في البعض مما يتراءى أمامنا راهناً.
إن الحالة التشرذمية التي أصطبغت المعارضة السورية بكافة ألوانها والحدود الانفصامية القوية التي تفصل بينها، ليست جلها بإرادات أجنبية أو لخدمة مصالحها وإنما هناك أسباب داخلية وهي الجوهرية، تتعلق بالثقافة التي تأسس عليها كل طيف أو إطار من هذه المعارضة، لذا فإن التفاهم، كأضعف إيمان، بين هؤلاء الفرقاء يحتاج إلى تأسيس ثقافة قبول الأختلاف بادئ ذي بدء، قبل رمي حبال اللوم على الآخرين، وهذا ينطبق على المكون الكردي السوري، الممزق بين تمزق الأطر السورية الأخرى تارة وبين أخواتها الكردستانية تارة أخرى، مضافاً إليها الاختلاف البنيوي الذي بنيت عليه، لذا فإن جميع المحاولات اللملمية التي حدثت إلى اللحظة ما كانت إلا ميلادات متوفاة، ما حملت إلا حبراً على الورق، ولم تخطو أبعد من عتبات القاعات التي ولدت فيها، وعاد بعدها كل إطار إلى ما كان عليه قبلاً ومضى في مخططاته قدماً، متخذاً من بعض التفاهمات، وحسب رؤيتها، رداءً ليس إلا؟!

لكن ماذا لو أراد الفرقاء الجمع؟ هل بإمكانهم ذلك؟ قد لا تكون تلك عملية سهلة، لكنها ليست مستحيلة، خاصة وأن جل الاتفاقات التي حدثت في قامشلو أو هولير، أظهرت إمكانية التفاهم على الخطوط الأساسية لحل المسألة الكردية كصورة مصغرة عن حل المسألة السورية برمتها، لكن ما يحدث بعد ذلك يبقى حجر العثرة الذي يعيد الأمور أسوء مما كانت عليها وهنا يكمن التساؤل؟

يقول مواطن كردي: "ما يكسبه الكردي في أرض المعركة، يخسره على طاولة المفاوضات". ويقول الراحل محمود درويش: "ليس للكردي إلا الريح!"
ترى ماذا يستطيع الكردي أن يفعل في هذه المرحلة الغير مسبوقة في تاريخ سوريا؟
هل فاته قطار التفاهم وبات محكوماً ببنية تكويناته وبأجنداته الكردستانية إلى حد الإزمان السرطاني؟

قد لا يكون الجواب بالإيجاب على هذا السؤال، فإمكانية التفاهم قائمة إلى اللحظة وستبقى طالما أن البحث عن الحلول مازال جارياً للمسألة السورية عامة، ويكمن جوهر التفاهم الكردي في قبول توزيع الأدوار بين القوة الفعلية بمؤسساتها الفاعلة وإمكانياتها التي أثبتت على مر الأيام قدرتها على حماية مخططاتها، وبين الإطار الذي يمكنه الولوج في أروقة صنع القرار العالمية ووضع المعاناة الكردية على الطاولات المنتجة لخرائط الحلول والنزاعات في العالم.

فالمطلوب شيء من الإرادة الحقة غير المسبوقة بنيات مبيتة كي تنجح التفاهمات وتتجسد في خطوات عملية، بعيداً عن البروبغندا التي لم تعد تنطلي على أحد أو ممارسات لي الأذرع التي لها عمر معين والتي لن تتعدى كونها إشارات إلى ضرورة أخذ أصحابها بعين الأعتبار، ويبقى المواطن الكردي في تسائل: "هل سيكون للكردي أكثر من الريح؟"

(130)    هل أعجبتك المقالة (132)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي