من الغوطة الشرقية.. يوميات طبيب

حادثة واحدة قد تكون كفيلة بتغيير أسلوب حياتك أو عملك، هذا تماماً ما حدث مع الطبيب كرم، الذي كان وبعض زملائه يحاولون إسعاف طفل غريق عمره سنتان ونصف..وعلى الرغم من أن حال الطفل لما وصل إلى المشفى الميداني كان شبه ميؤوس منه، إذ إنه كان بحالة ثبات لمدة نصف ساعة، ولذلك أراد الأطباء إعلام أهل الطفل بوفاته.. إلا أن الطبيب كرم قرر محاولة إسعافه، غير آبه بتعليقات زملائه.. 

يقول كرم: بعد نصف ساعة من الإنعاش أعطى الطفل استجابة ضعيفة لا تدل على أنه على قيد حياة ولذلك قررت إيقاف الإنعاش وفقدت الأمل، وعندها استعاد الطفل أنفاسه..وهو مازال بصحة جيدة حتى اليوم.. أراد الطبيب كرم مشاركتنا بهذه القصة، ليخبرنا أن الطفل المتمسك بالحياة يشبه إلى حد كبير سوريا العاشقة للحياة..وبحسب كرم فإنه صار بعد الحادثة المذكورة يحرص على إنعاش الجرحى حتى وإن كانت حالتهم ميؤوس منها.

وفي رسالته التي بعثها كرم لـ"زمان الوصل" يقول: "تخرجت من كلية الطب عام 2009، وكنت أنهي اختصاصي "أنف أذن حنجرة، وجراحة رأس وعنق" عندما بدأت الثورة ومع تصاعد الأوضاع لم أتمكن من الحصول على شهادة الاختصاص".

اليوم يقضي كرم يومه في المشافي الميدانية، ويبيّن: تغيرت وظيفتي بشكل جوهري بعد ما تحرر الغوطة، في الفترة الأولى لتحرر الغوطة كان همنا الوحيد إسعاف الجرحى وإنقاذ حياتهم..ولذلك نسينا نحن الأطباء اختصاصتنا.. ويضيف: لكن اليوم يحاول الناس قدر المستطاع معاودة حياتهم بشكل طبيعي.

لذلك قد أطبب مريض أذن أو حنجرة خلال اليوم، طبعا بالإضافة إلى جرحى القذائف والانفجارات.. ويذكر كرم أنه ذات مرة، كان وحده برفقة صديقه الطبيب متواجدين في أحد النقاط الطبية.. فواجهتهما أكثر من 100 إصابة، وأجريا 23 تفجير صدر خلال 10 ساعات.. وأنقذا وحدهما أكثر من نصف المصابين.

أكبر التحديات التي تواجه كرم، بالإضافة إلى ضغط العمل الكبير، هي نقص المعدات والكادر، ويوضح: "تنقصنا المستهلكات بشكل كبير، من شاش وقطن وأكياس دم وسيروم، حيث يستخدم مليون ونص نسمة 100 كيس دم فقط!..".

وفي الختام يقول الطبيب كرم: كنت أتوقع أن الإنجازات التي حققتها لن أنجزها قبل أن يكون عمري 47 سنة.. إلا أنني مازلت في 28 من عمري.