بعدما أضاعت البوصلة في حمص.. جريدة الأخبار "الحالشية" تستغل "براءة" 8 سنوات بروايات يعجز عنها "هيتشكوك"!

لا تكف جريدة الأخبار "الحالشية" عن بث سمومها ونشر أكاذيبها عن حمص التي "ماتت وما استراحت" فتصف صحفيتها "مرح ماشي" في تحقيق بعنوان (حمص القديمة ... لم يبق إلا المسلحون والفئران) رحلة مختَلَقة تدعي أنها قامت بها إلى حمص القديمة ويبدو اختلاقها واضحاً من خلال جهلها بأسماء الأمكنة والاتجاهات التي تتحدث عنها فمن زار حمص مرة واحدة يعرف أن مديرية التربية تقع في أول طريق طرابلس وليس أمام مدرسة الأندلس في آخر شارع الدبلان.
حمص التي تتحدث عنها هذه الصحفية باستعلائية وتشفٍ حاقد (لم يبق فيها -كما تقول- إلا المسلحون والفئران) مما دفع عشرات المسلحين فيها إلى التسلل بين النساء والأطفال الذين أخرجهم اتفاق دولي مع الحكومة السورية أخيراً من الحصار، فالهدنة وقعت بين النساء والأطفال من جهة والدولة من جهة أخرى ولا علاقة للثوار بها- وبنبرة بعيدة عن أي حس إنساني تقول إن "الفئران العملاقة هي الأكثر حضوراً في المنطقة التي عاش المحاصرون فيها على تناول القطط".
رحلة هذه الصحفية التي تشي معلوماتها عن المدينة، وكأنها لم تخرج من وراء طاولتها، تبدأ من شارع العراب القريب من حي الدبلان فهي تسمي الشارع الشهير حياً ووجهتها كانت مدرسة الأندلس، ولكنها سرعان ما بدأت بوصف الشارع المسقوف بالخشب الذي (يشي بأيام دفئ عاشها سابقاً) والكل يعرف أن السوق المسقوف الذي يسمى السوق النوري أيضاً نسبة إلى الجامع النوري الكبير نُزعت الأخشاب عن أسقفه منذ سنوات كما هو واستبدلت بالعوارض الحديدية بينما تسميه مرح ماشي (الشارع المسقوف بالخشب) والغريب أن الصحفية تذكر أن الشارع المسقوف "كان يحتضن معارض فنية وفعاليات ثقافية).
"هيتشكوك" كان في حمص !
بلقطة الخطف خلفاً (فلاش باك) باصطلاح السينمائيين تعود الصحفية العتيدة لتتحدث عن مدرسة الأندلس التي تقع بجانب مبنى الخدمات الفنية في نهاية شارع الدبلان حيث "يعيش الخارجون من حمص القديمة" وليس مقابل مديرية التربية كما تتحفنا الصحفية "الضائعة"، ومدرسة الأندلس حسب وصفها هي المكان الذي "حولته الدولة إلى مركز إيواء للنازحين" وليس معتقلاً للشبان الذين اختطفهم شبيحة النظام تحت أنظار اللجنة الأممية في منطقة الميماس.
وفي هذا المبنى -بحسب الصحفية- يعيش نحو 340 مدنياً -رغم أن العدد أكثر من ذلك بكثير- تمهيداً لإخراج بعض الرجال مع عائلاتهم "إلى حيث يريدون" عند انتهاء تسوية أوضاعهم، فيما يبقى في المبنى القديم كل "من لا مأوى له تحت رعاية الدولة"، فهل هناك أكثر من هذا التزييف، ومبنى الأندلس تحول حسب مخيلة الصحفية إلى ما يشبه المنتزه يقف على مدخله" عناصر من الشرطة "يدققون في البطاقات الشخصية ويفتشون الداخلين"، أما في باحة المدرسة فالأولاد يلعبون كرة القدم "ورجال دين يغادرون المركز".
وبحسب الصحفية يبدو أطباء حمص كلهم إما راضخ للعمل في مستشفيات النظام أو مخطوف من قبل "الجماعات المسلحة للعمل في المشافي الميدانية وفي هذا السياق تدعي أنها التقت طبيباً يدعى عبد القادر زبير "كان أمامه شهران فقط لينهي اختصاصه في مشفى الوليد في حي الوعر، إلا أن الأمر انتهى به في مشفى ميداني، بعدما خُطف من المشفى الذي يعمل فيه" وتضيف على لسانه:"كنّا بين نارين. خايفين من المسلحين جوّا، وما عم نسترجي نهرب لبرا، لأننا كنا خايفين من تعاطي الأمن والجيش معنا إذا عاملونا كأننا مسلحين".
وتسوق الماشي أيضاً قصة طبيب تخدير يدعى "خالد المصري" خُطف من مشفى البر في الوعر أيضاً، للعمل في مشفى ميداني في جورة الشياح. يقول: "إن الخيار الوحيد المتاح للأطباء في ذلك المكان هو التعايش مع الوضع. الخروج من المستشفى – يقصد الميداني- كان ممنوعاً. يمكن، فقط، الوصول إلى الحديقة لجلب الحطب وتكسيره بغرض التدفئة".
وعلى طريقة أفلام الأكشن يروي المصري بحسب الصحفية -كيف تمكّن وزميله من الهرب، مستغلَّين دخول المساعدات، من خلال المساعدة في حملها. يقول:"التقينا بممثل الأمم المتحدة، ووضعناه في صورة وضعنا. فما كان منه إلا أن أقلّنا بسيارته فوراً للخروج. خضعنا لتحقيق روتيني، ثم خرجنا".فهي تفترض هنا أن ممثل الأمم المتحدة قام بتسليمهم إلى قوات مخابرات النظام.
براءة وجيرانها الثوار!
براءة الأطفال لم تسلم من استغلال صحفية الأخبار التي تسوق كلاماً مفبركاً على لسانهم يخدم أفكارها المسمومة فتحت عنوان (براءة وجيرانها الثوار) الذي يوحي وكأن الثوار يعيشون في مستوطنة مجاورة ولا يمثل أهل حمص القديمة حاضنتهم الشعبية - تنقل عن الطفلة براءة 8 سنوات، قولها "هني -تقصد الثوار- ما بيعرفو يقوصو لأنن مو خادمين عسكرية. كانوا يجو يسألوه لبابا كيف بيحطّو الرصاص، لأنو بابا خادم عسكرية بيعرف يقوّص بس ما بيحمل سلاح لأنو بيخاف علينا".
وتضيف الصغيرة: "ونحنا طالعين صارو يتخبو بيناتنا. وحملونا أنا وأختي جنى لحتى يفكرن الجيش عائلات".
وتكرر الصحفية سؤالها: يعني طلعوا معكن؟ فتجيب الصغيرة: "أي طلعوا. كانوا أكتر من العائلات". وتضيف الصحفية بلغة مرمزة: "اسمها –تقصد براءة- يعكس نقيض حديثها، وتتحدث بدراية امرأة عجوز، من دون أن ينتابها الخجل من رواية ما يمنع الأطفال من الحديث فيه" ولا تتردد صحفية "حالش" من القول إن "عائلة الطفلة "براءة" عانت من الحصار طوال سنة ونصف، وخرجت من جورة الشياح ووجوه أفرادها "ملوثة" بالسواد، إلى درجة العجز عن تبين ملامح الصغيرات اللواتي بدَون خارجات من مدخنة"، دون أن تشير إلى المسبب في هذا الحصار.
*روايات "دنيوية"
"الأخبار" التي ظهرت كما لو أنها النسخة الورقية عن قناة "الدنيا" الرائدة في الفبركات الوقحة، تمضي في رواية قصة هذه العائلة التي خسرت الأم والطفل الرضيع -كما تقول- إثر انفجار عبوة ناسفة قبل 7 أشهر. حمل الأب مع بناته أشلاء الأم، لدفنها. ومنذ ذلك الحين عرفت الصغيرات أن "والدتهن لم تعد والدتهن"، بل أضحت قطعاً من اللحم المتناثر والكثير من الدماء على أيديهن الصغيرة.
وتستخلص كاتبة التحقيق معلومات غير موثقة على لسان الطفلة براءة التي لم تتجاوز الثامنة من عمرها وليس على لسان والدها مثلاً فعائلة الطفلة كانت تجاور الثوار و"كانت براءة وأشقاؤها الصغار يجمعون الحطب ويكسرّوه ويضعوه في براميل ليتدفأ الثوار".
الثوار الذين كانوا بحسب ما نقلت "ماشي" عن براءة "يخلعون أبواب المنازل ويأتون بها إلى الصغيرات لتكسيرها باستخدام حجارة كبيرة وتلبية طلبات هؤلاء الشبان".
*أدنى من "الدنيا"
"قول لبناتك بدنا شاي، قول لبناتك بدنا حطب"، تردّد براءة جمَلهم التي يوجّهونها لوالدها. تحاول تقليد نبرتهم قائلة: "حجّب بنتك. عيب نحنا إسلام. خلّيها تلبس مانطو وتغطي وجهها"، كل هذا الكلام خرج من فم طفلة عمرها 8 سنوات، وليس ذلك فحسب، بل تضيف الأخبار نقلا عن مصدرها الطفولي: "كان بدو يشتري أختي جنى اللي عمرا 3 سنين قَلّو لبابا: بدفع قد ما بدك حقها. وقلّو أنا باخد بناتك بربيون إذا ما بتقدر إنت تطعميون".
وبحسب كلام الصغيرة المفبرك، فقد حاول الأب إخراج بناته من الحي، فأطلقوا عليه الرصاص وعالجوا جرحه بلا تخدير، فهم أطلقوا عليه النار "بلا رحمة"، ولكن الرحمة عندما استفاقت بداخلهم قاموا بعلاجه ولكن "بلا تخدير"، فهل هناك سخف وتزييف أكثر من ذلك؟
ثم تتحول فبركات كاتبة التحقيق إلى نوع من أفلام الرعب " الهيتشكوكية" ودائماً على لسان الضحية براءة التي تحولت بالنسبة للجريدة إلى كنز من الأخبار:"كانوا يقولو لنا إنو الجيش رح يقطعلنا إيدينا ورجلينا ويرش علينا دوا يحرق وجهنا إذا طلعنا لعندو ".
أسعار العصافير !
وتنتقل مرح ماشي التي لم تتحرك من وراء طاولتها في بيروت، كما يبدو، من فبركاتها لتصف أوضاع المسلحين داخل حمص المحاصرة بحسب ما يروي مدنيون خارجون -هذه المرة- فهؤلاء المسلحون يتكيفون مع الوضع بلا كهرباء، عن طريق مولّدات كهربائية تعمل 4 ساعات يومياً، ويستخدمونها لـ "شؤونهم الخاصة" - لم تذكر شكل الخصوصية فيها - أما المدنيون فقد "نسوا الكهرباء نهائياً. يأتون بالمياه من بئر قديمة يخرج مع المياه تراب وأوساخ، فيقضون وقتهم في تصفيتها قبل الشرب.
وتستمر صحفية الأخبار في اختلاق القصص والتلفيقات عن الثوار داخل حمص القديمة الذين "كانوا يخلعون الأبواب ويسرقون المونة والأكل بعدما يحطوا السلاح براس صاحب البيت".
وتتابع نقلا عن الشاهد الملك براءة قائلة: "من كتر ما أكلنا لحم قطط امتلأت البيوت بالفيران الكبار". وكان بمقدور أهل حمص الهرب من الحصار -حسب تلفيقات صحفية الأخبار على لسان فريحة 12 عاماً -هذه المرة- وقد "حاول بعضهم الهرب فعلاً ولكن المسلحين أعدموا على - طريقة ثوار مالي أو رواندا - أربعة منهم بقطع رؤوسهم، ليكونوا عبرة للآخرين وهناك شخص آخر، بحسب فريحة، حاول الهرب، ما أدّى إلى تعرّضه للجلد في الشارع، ولكن لماذا لم يقطعوا راسه اسوة بالأربعة السابقين؟ الجواب عند أهل "ألأخبار"!
مأساة أهل حمص المحاصرة خلال أكثر من سنة ونصف اختصرتها صحفية الأخبار بأشياء تافهة وهامشية كـ "أسعار العصافير" و"الدخان العربي" عندما قال لها الشاب عمر (15 عاماً) الذي كان يجلس قرب سور مدرسة الأندلس. ويشعر بالسعادة لأنه "يحمل السجائر في كلّ جيوب بنطاله": (سعر العصفور 10 آلاف مع إنو بيتاكل. بس سعر كيلو الدخان العربي 3 ملايين ليرة) ويضيف: "كل اللي جوّا معن ملايين. بس مواد للشراء ما في".
وتعيد "ماشي" على لسان هذا الشاب إسطوانة مشروخة دأبت على تكرارها عن الثوار الذين "سرقوا كل شي، السوق المسقوف ومحلات الصاغة والتياب والمصاري".
أما محمد (20 عاماً)، الذي حمل السلاح أسبوعاً، بحجة أن "من لا يحمل السلاح لا ينال حصصاً من الطعام"، فيقول لها بأسى: "قتلوا صديقي بحجة أنو متعامل مع الجيش السوري. لهيك بطّلت أحمل سلاح. صرت أشتغل معهن متل معظم السكان اللي كانوا يستثمروهن بأعمال لوجستية متل حفر الأنفاق وخدمتهن وكتير أشغال شاقة كانوا يجبروا الناس تشتغلها".
http://www.al-akhbar.com/node/201213
فارس الرفاعي - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية