"داعش" في جنوبي دمشق ورقة النظام الرابحة

"إذا اضطررت سأسلم نفسي للنظام بدلاً من الوقوع بين أيدي داعش"، هذا ما يقوله أحد المقاتلين في جبهة جنوبي دمشق، بعد أن نفذت الدولة حكم الإعدام في عددٍ من عناصر الجيش الحر وحتى القيادات.
جنوبي دمشق الذي دخل خلال الأيام القليلة الماضية في إطار هدنةٍ مع النظام رأى فيها كثيرون أنها صك استسلام، وقع اليوم بين فكي كماشة النظام من جهة وداعش من جهةٍ أخرى.
إعدامات بالجملة
35 مقاتلا قامت الدولة المتمركزة في مناطق من "يلدا" و"الحجر الأسود"، بتنفيذ أحكام الإعدام بحقهم، وتختلف التهم، فأحدها والذي تم تنفيذها بقائدٍ في الفرقة الرابعة التابعة للحر كانت تتمثل في ارتباطه بالمجلس العسكري، وتهم أخرى تتعلق بالمسلكيات العامة.
"أبو اليزن" ناشط إعلامي وهو أحد المنشقين منذ أكثر من عامين ونصف عن جيش النظام والمتواجد في جنوبي دمشق منذ تحريرها، يؤكد أن الدولة موجودة في المنطقة منذ مدة لكنها بدأت بأعدادٍ قليلة، وبدؤوا الهجوم على الكتائب وسرقة أسلحتها، حتى تحولوا إلى قوةٍ على الأرض، تفرض سيطرتها بالترهيب، مع العلم أن الحاضن الشعبي في "يلدا" تحديداً يرفضها.
حاضن شعبي منهك
ويشير "أبو اليزن" إلى أن الدولة بدأت تحاول أن تثير البلبلة حول الهدن التي يتم عقدها حيث أطلقت النار قبل يومين في "بيت سحم"، وتحاول قدر الإمكان منع الوصول إلى هجنٍ واتفاقٍ مع النظام.
ورغم أن من هم خارج الحصار يتفقون مع داعش في رفض الهدنة، لكن المحاصرين المدنيين وبالاتفاق مع الكتائب اتفقوا على الدخول في هذه الهدنة، والأسباب عديدة، لا تتوقف عند فقط حصار النظام وقصفه للمدن والبلدات، حيث يشير أبو اليزن إلى سرقة مال الإغاثة، وتجار الجوع لديهم كتائب مسلحة تحميهم، واغتنوا من احتكار المواد وبيعها بأسعارٍ مرتفعة.
ويؤكد أبو رائد أحد الناشطين في جنوبي دمشق أن الهدنة أو تمادي "داعش" في المنطقة ما كان قُدّر لها أن تكون لولا ضعف وتآكل الكتائب المقاتلة، المنقسمة والتي دخلت في صراعاتٍ أزاحها عن الأهداف الأساسية، وليس كل من حمل السلاح كان هدفه الثورة وإسقاط النظام، وهذا أمر واقع لا يمكن تجاهله، هذا ما أدى إلى تراجع الحاضن الشعبي للثورة، حيث بات الأهالي يبحثون عن مخرجٍ حتى لو كان عبر الوصول إلى هدنةٍ مع النظام.
لن نكون "دفاع وطني"
ورغم نص الاتفاق على تحول بعض عناصر الجيش الحر إلى دفاع وطني، لكن "أبو اليزن" يؤكد أن هذا التحول لن يقوم به العسكر، ربما سيذهب بعض المدنيين لهذا الخيار لكن العسكر وافقوا على الاتفاق لكنهم لن يدخلوا في إطار لجان الدفاع الوطني.
لكن السؤال أين سيذهب المنشقون والمقاتلون؟، يجيبنا أبو اليزن بأنهم سيخرجون من كامل المنطقة، والمدنيون سيقومون بتسوية أوضاعهم، أما المناطق التي تتواجد فيها داعش فستبقى دون هدنة، والنظام من مصلحته إبقاءها على حالها، لتكون فزاعةً لباقي المناطق، وهو ما حدث فعلاً فالجنوب الدمشقي كان محاصرا بين خيارين إما داعش أو النظام.
ومع أن "أبو اليزن" يؤكد على أن الهدنة ستستمر، لكن هناك من يؤكد أن عمر هذه الهدن قصير، والدليل هو المظاهرة التي خرجت في "ببيلا" يوم إعلان المصالحة.
وفي السياق نفسه يشير مصدر عسكري، فضل عدم ذكر اسمه، إلى أن تواجد قوات النظام في "ببيلا" هو خارج حدود المدينة، وللنظام تواجد على الحاجز المشترك أول بلدة "ببيلا" من جهة دمشق، وهو منصوص عليه ضمن الاتفاق، لكن لا يوجد لقوات النظام أي تواجد داخل المدينة، وما حدث كان من مظاهر للمصالحة كان مجرد عملية إعلامية، لكن داخل المدينة مازال الحال على ما هو عليه.
ويبدو أن داعش تسللت إلى حضن جنوبي دمشق، بنفس الطريقة التي دخلت بها إلى مناطق الشمال السوري، وحتى في الغوطة الشرقية يسجل لها حضور خجول في مناطق قرب المليحة، في ظل امتناع الجيش الحر بتلك المناطق من السماح لها بالامتداد والتوسع مستفيدين من تجربة المناطق الأخرى، حسب أحد المصادر العسكرية في الغوطة الشرقية الذي يؤكد عدم وجود حاضنٍ شعبيٍ لها.
زينة الشوفي - دمشق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية