الفراعنة يشبهون الروس! ... محمود إبراهيم الحسن

في بداية عام 2005 ذهبت إلى السفارة السورية في موسكو لتمديد جواز السفر فرفض الموظف تمديده بحجة أن السفارة لم تكن مخوّلة بتمديد الجوازات "الجديدة" حينها، وعندما حاول موظف آخر مساعدتي جدد الموظف المسؤول عن التمديد رفضه وإدانته وشجبه واستنكاره لمحاولتي البائسة لتمديد جواز سفري، وقال لي بالحرف الواحد: "بدك نغير القوانين منشانك؟!
قلت له (في نفسي طبعاً): غيرتم دستور الجمهورية العربية السورية فقط لكي يصبح "سيادته" رئيساً؟ ومنشان جوازي خربت الدنيا!.
وبعد أيام قليلة، عدت إلى سوريا لنفس الغرض، وفي اليوم التالي لوصولي ذهب بشار الأسد إلى موسكو، في أول زيارة رسمية بعد جلوسه على كرسي الحكم، اتصلت في ذلك اليوم بأحد الزملاء الذي يحب طرح الأسئلة الغريبة فقال لي بعد السؤال عن الحال:
ما شفته للسيد الرئيس بموسكو؟!
قلت له: لا والله، أنا حريص أن يبقى عدد السوريين في روسيا ثابتاً!، "سيادة الرئيس" راح على موسكو من هون، وأنا جيت لسوريا من هون!
فقال لي بلكنة مخابراتية:
هلق من كل عقلك اللي اجا متل اللي راح؟! متقارن حالك بسيادة الرئيس!
وعرضت قنوات العربية والجزيرة التي لم تكن مغرضة حينها تفاصيل تلك الزيارة، وبدأت القنوات السورية الرسمية وشبه الرسمية بعرض برامج عن تاريخ روسيا، وحضارة روسيا، وعقدت الندوات التلفزيونية عن السياسة الروسية الناجحة في الشرق الأوسط، وعادات وتقاليد الشعب الروسي، ووصل الحد بالمذيعة "نهلة السوسو" لأن تقول: نحن نشبه الروس!
فقط لأن سيادته في موسكو حتى حب الهجرة التي اشتهر بها أجدادنا الكنعانيون أخذناها من الروس، وخشيت حينها أن يتحمس فضيلة المفتي "أحمد حسون" ويقول (أنا سوري في عروبتي، روسي في إنسانيتي!).
فضيلة المشير "السيسي" قام هو الآخر بزيارة تاريخية إلى موسكو منذ عدة أيام، وبدأت القنوات المصرية بالتطبيل والتزمير لهذه الزيارة، وعرضت تقارير وبرامج تتغنى بالحضارة الروسية العريقة، وبمنجزات الحركة التصحيحية المباركة التي قادها السيد الرئيس "فلاديمير بوتين".
بعد مرور سنين عجاف على العلاقات التاريخية بين النظام السوري وروسيا كلنا يرى الآن كيف أفسدت روسيا الثورة السورية، وكيف أبقت على بشار المدجج بالبراميل والصواريخ حيّاً حتى هذه اللحظة، وكيف أضيف رأس الرفيق بوتين إلى الرؤوس التي لا تركع إلا "لله"!.
هل الشقيقة مصر مقبلة على الدخول في نفس النفق المظلم الذي وصلت إليه سوريا بعد أن تنفس الروس في ثورتهم؟! وهل تصل درجة التشبيح عند إعلاميي مصر للقول بأن " الفراعنة يشبهون الروس السلافيين!" أو أن تصل درجة التقديس عند أبناء الطائفة الكريمة من مؤيديه إلى السخرية من أي مواطن مصري يقارن نفسه مع سيادة المشير حتى عددياً وحسابياً؟!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية