سوريا.. نحو جمهورية "الحشاشين"

تفوح في سوريا بشكل متصاعد رائحة "الحشاشين"، هذا التنظيم الذي قص شريط الاغتيال بوصفه غاية، وتمرس فيه، حتى استحق أن تنحني له قواميس اللغات الغربية، وتشتق منه كلمة "Assassination" التي تدل على الاغتيال في أكثر صوره بشاعة.
لن نعود إلى تاريخ "الحشاشين" و"إنجازاتهم" فهذه مبسوطة في الكتب والشبكة، لكل من أراد معرفتها والاستزادة منها، ولكننا سنقول باختصار إن نشاط "الحشاشين" في سوريا، قد بدأ يأخذ منحى مغايرا وخطيرا إلى درجة لا تحتمل السكوت، فلم يعد يهتم فقط باغتيال الأشخاص البارزين، بل انتقل إلى اغتيال المناطق والمدن والجماعات، وتصيدها واحدة تلو الأخرى.
نعم.. هكذا تبدو القراءة من دفتر الواقع الراهن، الذي إن لم يتم تداركه، فسنكون أمام "جمهورية الحشاشين" بدل "الجمهورية الثانية"، التي يُطمح إلى بناءها؛ لتشكل امتدادا للجمهورية الأولى التي أعقبت استقلال سوريا.
صحيح أن "جمهورية الأسد" كانت متلبسة بفكر "الحشاشين" عندما مارست اغتيال الفكرة في مهدها وخنق الصوت قبل صدوره وتصفية المعارضين، ولكن "جمهورية الحشاشين" الجديدة ستكون متلبسة وبشكل سافر وواسع جدا، بكل معاني "الإرهاب" بوجهيه الفيزيولوجي والإيديولوجي، أي إنها ستجهز على كل المعارضين والمناوئين وغير المؤيدين جسديا وفكريا، حسبما يلوح في الأفق من ترتيبات.
وسأقولها بصراحة، لن يفرح الكثيرون ممن عقدوا صفقات الهدن المشبوهة مع النظام؛ لأن "الحشاشين" سيكونون لحياة هؤلاء بالمرصاد، وسينهونها بطلقة واحدة، يخرج بعدها النظام ليقول إنها صدرت من مسدس "الإرهاب" الذي يأبى "المصالحة".. وتنتهي القصة!
كما سيكون "الحشاشون" مدججين بكل فرقهم السرية وأحقادهم التاريخية، للإجهاز على أي معارض وثائر قرر الصمود في وجههم، وما حملة الاغتيالات المستمرة التي تطال رموزا ثورية عسكرية ومدنية بخافية على أحد.
وأيا تكن "الاحتمالات" التي ستذهب إليها الأمور في سوريا قريبا، فإن لدى "الحشاشين" وعرابيهم أجندة واحتمالا واحدا، هو التصفية ومزيد من التصفية، إما بطريقتها الخشنة المكشوفة التي تقول: لقد قضيت على عدوي، أو بطريقتها الأفعوانية التي تقذف على الآخرين سمها ثم تنسل وتدعي البراءة.
أكتب هذه المرة بلغة مباشرة جدا، ليس لأن "الحشاشين" قادمون، بل لأنهم صاروا على أعتابنا، وربما قريبا من رقابنا، وستبدي لنا الأيام –كلنا- ما كنا جاهلين.
إيثار عبد الحق - زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية