بعد أكثر من سنة ونصف من الحصار الخانق الذي فرضته قوات النظام الأسدي على مدينة حمص بدأت هذه المدينة تتنفس مع خروج عشرات المدنيين بموجب اتفاق هدنة رعته الأمم المتحدة، ونص على السماح بخروج مدنيين واشترط اتفاق الهدنة أن تكون أعمار الخارجين من الحصار دون 15 سنة وفوق 55.
ولكن بعض الشبان ممن لا يتوفر فيهم هذا الشرط التعجيزي ولأسباب صحية خرجوا فوقعوا في فخ قوات النظام التي قامت باعتقالهم تدريجياً حتى بلغ عدد المعتقلين أكثر من 500 تم احتجازهم في مدرسة الأندلس النسوية ومدرسة الغوطة اللتين تحولتا إلى معتقلين كبيرين يضمان شباناً هربوا من موت مؤجل إلى موت عاجل في ظروف غامضة، وروى ناشطون أن عشرين شاباً منهم تم احتجازهم في فرع الشرطة العسكرية.
ومن جانبه اعترف "أمين عوض" المنسق الإقليمي لمفوضية الأمم المتحدة السامية للاجئين في سوريا، بأن أجهزة المخابرات السورية تقوم باعتقال الأشخاص الذين تتراوح أعمارهم بين 15 إلى 55 عاماً، وذلك دون أن يدين هذه الاعتقالات بكلمة واحدة، وجاء اعترافه هذا في رد لقناة العربية عن سؤالها حول اعتقال عدد كبير من المدنيين والانتهاكات التي يقوم بها النظام السوري مع المدنيين المحاصرين في مدينة حمص، حيث تقوم مفوضية هيئة اللاجئين بنقلهم إلى أماكن آمنة.
ونقل الناشط "أبو مازن الحمصي" على لسان أحد أعضاء لجنة المصالحة الوطنية لدى طلبه من رئيس فرع الأمن العسكري في حمص بالإفراج عن المحتجزين الذين خرجوا من حمص المحاصرة والتي تزيد أعدادهم عن 500 شخص قال: هناك 550 عنصرا مفقودا من الأمن العسكري منذ بداية الثورة، عندما يعودون يتم الإفراج عن الشباب الذين خرجوا من حمص المحاصرة، وذكر الناشط "مازن غريبة" على صفحته في "فيسبوك" أن الشبان المحتجزين في مدرسة الأندلس موجودون تحت حراسة أمنية مشددة جداً, واقامة جبريّة في المدرسة. خوفاً من اعتقالهم وخطفهم وتعذيبهم أو حتى تصفيتهم, وأضاف أن بعضاً من موظفيّ الأمم المتحدة يتواجدون في محيط المدرسة, و "يمنعون" الأمن من الإساءة لهم, ومع ذلك حدثت العديد من التجاوزات والعديد من حالات التعدّي الجسديّ واللفظي على موظفيّ الأمم المتحدة وعلى الشباب في المدرسة.
وبحسب الناشط فإن المعلومات حول هذا العدد الكبير من المحتجزين منقوصة وغير كاملة بسبب صعوبة التواصل أو الوصول إليهم في المدرسة, وهذا يزيد الوضع خطورة.
ويتساءل غريبة: ماذا سيحدث لهؤلاء الشباب عند انتهاء مدة عمل لجنة الأمم المتحدة؟ من سيحميهم من عناصر الأمن "الحاقدين" عند خروج موظفيّ الأمم المتحدة من محيط المدرسة؟
ويجيب قائلاً: أعتقد أن معظمنا يعرف الجواب, ومعظمنا يعلم أن مستقبل هؤلاء الشباب مجهول تماماً, وهم في خطر، إذا لم يسلّط الضوء عليهم, وإن لم يتم التحرّك سريعاً لحمايتهم.
وأضاف: لقد تركنا أهلنا في حمص المحاصرة للجوع على مدى سنة وسبعة أشهر, وتدخّل المجتمع الدوليّ بعد فوات الأوان, فلعب الدور الذي اعتاد على لعبه في سوريا "الترقيع" أو بالحمصي "التسكيج". فدعونا لا نكرر الخطأ مرة أخرى).
أما الناشط عمرالتلاوي فيرى أن شدة الجوع يفقد السيطره على النفس وأن ورقة الجوع والحصار في حمص القديمة أفرزت العديد من المآسي والقصص التي لن تنسى لكن أقساها وأكثرها فتكاً وإيلاماً سيكون تفريغها من الشباب الذين غادروها وسلموا أنفسهم وأعدادهم في تزايد مخيف.
ويضيف التلاوي لقد استطاع النظام التشبيحي استغلال الجانب الإنساني ليكسب المعركة عسكرياً وقد نكون على موعد مع فاجعة جديدة هناك.
فارس الرفاعي - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية