لم يكن لقب عاصمة الثورة لحمص لقبا فخريا في يوم من الأيام، بل ان حمص تستحق بكل جدارة لقب عاصمة الثورة فهي تلقت من النظام منذ بدء الثورة وحتى الآن وابلاً من الحقد لم تنله منطقة أخرى في سوريا، فمنذ اعتصام ساحة الساعة والمجزرة التي وحتى اليوم لم تستطع أي منظمة حقوقية تقدير عدد ضحاياها تتعرض حمص للحصار والقصف والتجويع والتنكيل باهلها وشبابها وشيبانها، وبلغ الامر حده بمحاولة النظام الحاق حمص بطهران عبر تهجير ممنهج لأهل حمص وتدمير سجلاتها العقارية ليجعل من احتلال شبيحته لاحيائها امرا واقعاً، فتهجير عائلات تقدر بمئات الآلاف الى مناطق عدة في سوريا جريمة إبادة جماعية بحق حمص واهلها، بل وزاد النظام في اجرامه أن حرم من تبقى في حمص القديمة من مقومات الحياة وحين ارغمته مفاوضات جنيف على فعل شيء في حمص لم يسمح إلا بإخراج من تبقى من أهلها فيها ليكمل جريمته الموصوفة .
واليوم تتابع حمص قصة ثبات الجبال عبر نحو ثلاثة الاف جبل في حمص القديمة رفضوا الخروج من حمص وبقوا فيها صامدين شامخين يدافعون عن هوية مدينتهم وحقهم التاريخي فيها، يرفضون الركوع او الخنوع لتلك الهمجية البربرية التي سيسجل التاريخ في توثيقها ان اول مظاهرة في احياء عكرمة والنزهة الموالية للنظام في حمص كانت لمنع ادخال رغيف الخبر وعلبة الدواء للمحاصرين في حمص القديمة، إن صمود من تبقى في حمص القديمة امام مغولية الأسد وشبيحته لهي حكاية سيرويها التاريخ كما يروي قصة الثلاثمائة رجل اسبرطي اسسوا لاعرق ديمقراطيات العالم عبر صدهم لهجمات الفرس ضد الاغريق، واليوم ان الثلاثة آلاف جبل في حمص بصدهم للتمدد الفارسي في قلب سوريا يحافظون على حقهم التاريخي في ارضهم وعلى وحدة سوريا ارضاً وشعباً وعلى تنوع سوريا الديموغرافي في ظل الصمت الدولي تجاه هذه المجرزة بحق التاريخ والانسان السوري في حمص .
وفي ظلال هذا الجبال الصامدة في حمص يتردد في خاطري شعار "ياحمص سامحينا" وهو شعار لطالما نادى به ثوار سوريا، والحق يقال إن حمص وأهلها انتظروا لسنوات ثلاث ومازالوا صامدين كجبال ينتظرون دعم اخوتهم السوريين، لكن للأسف فالكل المكلوم والكل يعاني فحلب تدفن يوماً بعد يوم بركام براميل البارود وعلى أطرافها وفي ادلب تطهير سوريا من تنظيم داعش خلخل الصفوف، وكذلك في الدير والحسكة والمناطق الشرقية وأما درعا يفصلها عن حمص دمشق وريفها وهما فيما هم فيه من قصف وحصار وتجويع، وفي كل هذا ماذا يمكن للشعب السوري أن يفعل في هذه اللحظات العجاف تجاه حمص؟!
"ياحمص سامحينا" فلا حول لنا ولا قوة، وانتم يا جبال حمص الصامدين طبتم وطاب ممشاكم فانتم صمودنا وبكم نرفع رؤوسنا، فقد صمدتم وحافظتم على ثورتكم من تدخل الغرباء فيها ولم تظهر فيكم امراض الثورة من حب السلطة والتنازع عليها، ياحمص لك الله وعهدا علينا سنعلم أولادنا في دولتنا الديمقراطية غدا قصة الثلاثة الاف جبل في حمص .
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية