أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

مساعدات على طبق من دماء لأهل حمص المحاصرة.. 11 شهيدا في خرق الهدنة، وناشطون يدينون قوات الأسد

تضاربت الأنباء حول أرقام المدنيين التي استطاعت الأمم المتحدة إخلاءهم من أحياء حمص المحاصرة خلال الهدنة التي شهدت خرقا أزهق أرواح 11 شخصا أثناء عمليات الإخلاء.

وتم حصر عدد المدنيين الذي استطاعوا الخروج بين 800 و 1100 سوري من مدينة حمص، وسط أنباء عن تمديد هدنة وقف إطلاق النار لثلاثة أيام أخرى.

ونقلت "الأناضول" عن "مارتن نسيركي" المتحدث باسم الأمين العام للأمم المتحدة، في مؤتمر صحفي، أن "الأطراف المتصارعة في سوريا وافقت على تمديد فترة وقف إطلاق النار لثلاثة أيام أخرى، من أجل إيصال المساعدات للمحتاجين في مدينة حمص".

وأعرب نسيركي عن أمله في تمكن الأمم المتحدة من الاستفادة بشكل كبير من فترة وقف إطلاق النار، من أجل إيصال المساعدات إلى أكبر عدد من المحتاجين، لافتا إلى أن المنظمة أخلت أكثر من 800 شخص، وتعمل في ظروف صعبة جدا منذ 7 شباط/فبراير، وأنهم نجحوا في إيصال مساعدات إلى مناطق لم تصلها أية مساعدات منذ عامين.

وأضاف المتحدث باسم الأمين العام، أن 11 شخصا لقوا مصرعهم نتيجة إطلاق نار على موظفي الهلال الأحمر السوري ووفد الأمم المتحدة، وأن المنظمة فتحت تحقيقا بهذا الشأن.

بينما يؤكد ناشطون من قلب حمص المحاصرة امتلاكهم لدلائل تدين النظام بخرق الهدنة، أهمها أن الضحايا من المدنيين ومقاتلين في الجيش الحر أثناء استقبال وفد الإغاثة.

* قصة مدينة
وذاقت حمص المحاصرة التي استمر حصارها ما يقارب 600 يوم من الجوع والتعب والقصف والدمار ما يكفي، فبعد شهور أخد ورد بين النظام السوري وأهالي حمص المحاصرة وكتائبها فقد تم التوصل إلى هدنة اممية تحت رعاية الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدولي والهلال الأحمر السوري لمدة أربعة أيام كانت قد بدأت يوم الجمعة الماضي 07/02/2014 بحيث تم الاتفاق فيها على الشروط التالية: 

تعهد النظام (وهو نظام غير ملتزم سابقا بالهدن التي تم عقدها في أغلب المناطق السورية)، تعهد بضمانة منظمة الأمم المتحدة والصليب الأحمر الدوليين ما يلي:

أولا ً: أن يسمح لكل المدنيين الذين يريدون النزوح لمنطقة أكثر أمنا بالخروج إلى منطقة الوعر دون أن يتعرض لهم بأي اعتقال أو إهانة.
ثانياً: كما تعهد بإدخال كميات الطعام اللازمة لمن آثر البقاء.
ثالثاً: وتعهد النظام أيضا بالسماح للجرحى والمصابين بالخروج الآمن إلى المشافي دون أي أن يتعرض لهم أو يعتقلهم.

الهدنة بدأت يوم الجمعة، صباحا، 7/2/2014 و تستمر أربعة أيام.
في اليوم الأول، تجمع عدد من كبار السن مع عدد محدد من العوائل ليتم تسجيل أسمائهم وتجهيزهم في آخر نقطة من نقاط الحصار, وتقسيمهم إلى دفعات.

حيث بدأت عملية الإخلاء ظهر7/2/2014 بدفعة من 11 مسنا ليسيروا في طريق الميماس لمسافة مئتي متر للوصول إلى سيارة الأمم المتحدة مع عدد من السيارات التابعة للنظام المتوقفة في المنطقة الفاصلة بين الثوار وقوات النظام. حينها أطلقت عدة رصاصات باتجاه مجموعة من المسنين أثناء عبورهم, وأصيب أحدهم برصاصة في البطن عند الساعة 12 والنصف ظهرا. قامت سيارة تابعة للأمم المتحدة بإسعافه إلى مشفى "البر" في حي الوعر الواقع خارج المنطقة المحاصرة، ثم أتت عدة سيارات تابعة للأمم المتحدة لمكان السيارة السابقة في منتصف الطريق، وأتت جرافة لإزالة متاريس تابعة لقوات النظام لتسهيل عبور المحاصرين. 

-عند خروج الدفعة الثانية أطلقت عدة رصاصات دون إصابة أي أحد رغم تواجد أربع سيارات للأمم المتحدة لنقل الخارجين من الحصار, ليتم بعدها نقلهم إلى الطرف الآخر الذي يتوافر فيه قوات النظام مع كاميرات تابعة للتلفزيون التابع للنظام وعدد من سيارات الأمم المتحدة مع عدد من الباصات.

-بعدها أُخرجت دفعتان أيضا من المسنين وأربع عوائل دون حوادث تذكر, ليصبح العدد النهائي للخارجين عند نهاية اليوم الأول هو 76 شخصا فقط. حيث إن مكان تجمع المحاصرين وفق بنود الاتفاقية هو حي الوعر، أحد الأحياء التي تتعرض للقصف في الفترة السابقة.

*خروق اليوم الثاني
وفي اليوم الثاني للهدنة بعد أن تم الاتفاق مع ممثلي الأمم المتحدة على أن يتام ادخال المساعدات صباح يوم السبت 8-2-2014 إلى داخل الأحياء القديمة، وتم تحديد المكان والزمان على أن يكون المكان من جهة قيادة الشرطة في السوق القديمة والزمان الساعة التاسعة صباحا.

قامت الكتائب في حمص المحاصرة بنشر عناصرها على محيط المكان لتأمين الحماية اللازمة للقافلة والتأكد من عدم خرق الهدنة، وعدم خروج رصاصة واحدة من الجهة التي تسيطر عليها.

وما حدث حينها عند الساعة التاسعة صباحا، وصل وفد الأمم المتحدة متمثلا بسيارات (UN) إلى جانب قصر رغدان المقابل لقيادة الشرطة، وانتظروا ساعة البدء بإدخال سيارات المساعدات، عندها سقطت قذيفة بجوار سيارات الأمم المتحدة وقذيفة أخرى بجانب قصر رغدان وقذيفة أخرى وسط الساحة.

حيث تم رصد مصدر القذائف وتبين أنه من الأحياء الموالية للنظام ( الزهراء -النزهة) حيث إنهم قاموا في الليلة السابقة بالتحريض على المشاركة بأي وسيلة لمنع قافلات المساعدات للدخول إلى الأحياء المحاصرة، وضغطوا على المحافظ وقاموا باعتصامات في أحيائهم وأعمال شغب لمنع سير القافلات وإخراج المدنيين. الأمر الغريب أن المحافظ استجاب لهذه الضغوطات، وحين تكلم مع السؤولين من قبل المحاصرين في الداخل أصرّ على أن تكون المساعدات الطبية هي الأولى ومن ثم المساعدات الغذائية، الأمر الذي رفضه مندوب الأمم المتحدة و علّق قائلا: "سيارات الأغذية جاهزة للتحرك والمسير وعلينا بتحريكهم فورا"، لكن المحافظ أخذ يماطل ويماطل، وطلب أن نقوم بإخراج عدد من المدنيين قبل دخول المساعدات، وهذا كله في حركة للمماطلة وتضيع الوقت رضوخا لمطالب مؤيدين النظام السوري، إضافة إلى خرق النظام لبنود الهدنة الممتدة لأربعة أيام منذ اليوم الأول حين أطلق النار على عدد من المدنيين أثناء اخلائهم من حي القرابيص بحضور الأمم المتحدة، وخرقها مرة أخرى في نفس اليوم مساء حيث أمطر أحياء حمص القديمة بقذائف الهاون من العيار الثقيل وسقوط العديد من الجرحى في الأحياء المحاصرة.

موالو النظام السوري عرقلو تحرك القافلات ودفعوا باتجاه خرق الهدنة، حيث أطلقوا حملات لأجل هذه العرقلة، ومنع دخول المساعدات إلى حمص المحاصرة عبر صفحاتهم، وقاموا بالتحريض على عدم تنفيذ الاتفاقية وإفشال الهدنة برمتها، فقد دخلت سيارتان فقط من المساعدات، وكان الاتفاق يقضي بإدخال أربع سيارات. السيار الأولى ضمت 100 حصة، والثانية أدوات تنظيف ومستلزمات نسائية وفوط أطفال.

وقد ذهب ضحية هاتين السيارتين جراء قصف النظام خمس شهداء وما يقارب عشرين من الجرحى. وبذلك بدأت أصابع الاتهام تتجه إلى المجتمع الدولي وتواطئه مع النظام السوري بأن ساعد النظام في عملية التهجير القسري لسكان حمص وللتغير الديموغرافي فيها.

وقد طالب ناشطو الأحياء المحاصرة هيئة الأمم المتحدة بتقديم تصريح علني بمن خرق الهدنة، وأفاد ناشطون هناك بأنهم يمتلكون الأدلة بالصوت والصورة الكافية لتعرية النظام السوري لخرقه للهدنة الأممية، وعلى المجتمع الدولي أن يتحمل مسؤولياته تجاه هذه العملية الإجرامية.

* اليوم الثالث
ففي مـواجـهـة الـقـذائف والـرصـاص في اليوم الثالث للهدنة الأممية 
حيث كان من المفترض اليوم الثالث من الهدنة 9/2/2014 أن يكون هناك وقف لجميع عمليات الهدنة واستصدار بيان رسمي من الأمم المتحدة يدين الخرق الذي حصل في اليوم الثاني من عمليات وقف إطلاق النار وإخلاء المدنيين وإدخال المساعدات والذي ذهب ضحيته خمسة شهداء وأكثر من ثلاثين جريحا وعلى مرأى ومسمع مندوبي الأمم المتحدة في داخل الأحياء المحاصرة. 

فما حصل في اليوم الثالث بعد الظهر، أنه ورد اتصال من وفد الأمم المتحدة إلى المفوضين بالتحدث باسم المدنيين داخل حمص المحاصرة يطلب منهم أن يقوموا بتحضير عدد من العائلات والمدنيين لأنفسهم كي تقوم الأمم المتحدة بإخراجهم من الداخل ومحاولة إدخال دفعة أخرى من المساعدات الإنسانية (غذائية -دوائية) إلى الداخل المحاصر وذلك عن طريق حي القرابيص. 

استجاب المفوض في الداخل المحاصر إلى هذا الاتصال وتوجه نحو حي القرابيص داعيا العائلات في طريقه أن تحضّر نفسها وتقوم بالتسجيل للخروج عبر حي القرابيص، هذا كله بدأ بعد الظهر حوالي الساعة الواحدة ظهرا، وتوجهت العائلات إلى منطقة القرابيص نحو المنطقة الفاصلة بين الأراضي التي يسيطر عليها الثوار والأراضي التي تسيطر عليها قوات النظام، بعد أن وصلت العائلات إلى مكان الانطلاق والتوجه نحو مكان تمركز سيارات الأمم المتحدة مقابل المصابغ على طريق الميماس وبدأت قذائف الهاون تنهال فوق رؤوس المدنيين والعناصر المتواجدة على أطراف الطريق وفوق السيارة التي كانت تحاول نقل العائلات، سقط ما يزيد عن سبعة قذائف هاون أدت إلى سقوط عدد من الشهداء بشكل مباشر، وإصابة العديد من الجرحى (بسبب اكتظاظ المدنيين في المنطقة المذكورة)، هذا كله ووفد الأمم المتحدة يقف مراقبا من بعيد على أطراف مطعم "ديك الجن" الذي يبعد مئات الأمتار فقط.

بعد هذه الحادثة مباشرة كانت العائلات قد توافدت من حمص القديمة إلى حي القرابيص متكبدة العناء والمشقة من الأنفاق والطرق الوعرة، وبالتالي وقعوا تحت نارين مطبقين عليهم، إما أن يعبروا تحت النار والقصف، أو يعودوا أدراجهم مع المعاناة وتحت وطأة القصف والنار أيضا، فكان الخيار أن يتابعوا مسيرهم نحو سيارات الأمم المتحدة فلا مجال غير ذلك, وهنا أبلغ مبعوث الأمم المتحدة أنه قد يكون هذا اليوم هو اليوم الأخير للإخلاء؛ ما أدى إلى حدوث فوضى عارمة بين المدنيين دفعهم إلى التضحية بأرواحهم مرغمين ومكرهين لمتابعة المسير. 

ومع كل ذلك كانت إحدى السيارات التابعة للأمم المتحدة و الهلال الأحمر تحمل عددا من أكياس البرغل و الطحين والأرز، وتوقفت في مكان الإخلاء؛ ما سبب فوضى أخرى غير عملية تجميع المدنيين، فوضى ناتجة عن التدافع للحصول على المساعدات. جميع ما سبق حصل بين الساعة الوحدة بعد الظهر وامتد إلى ما بعد المغرب مساء. 

عدد المدنيين الذين تمكنوا من الخروج ما يزيد عن 250 من (أطفال، نساء، كبار سن، ذوي احتياجات خاصة).

عدد الشهداء الذين ارتقوا نتيجة لخرق النظام السوري للهدنة الأممية الذي استهدف مكان الإخلاء هو 7 شهداء، وعدد الجرحى ما يزيد عن الخمسة عشر، تتراوح إصاباتهم بين المتوسطة والخفيفة. 

وأفاد ناشطو الحصار أن لديهم ما يكفي من الفيديوهات اللازمة لإثبات ما سبق بالصوت والصورة وفضح خرق النظام السوري للهدنة وإعاد اتهامه للنظام العالمي بالاشتراك في عملية التهجير القسري لأهالي حمص من أحيائهم إضافة لعجز المجتمع الدولي عن الضغط على النظام كي يسيطر عليه موالوه، وذلك في عدم إصدار بيان رسمي من الأمم المتحدة لاستنكار الخرق، حيث كان اليوم الثالث للهدنة يحمل معه مجـزرة مـسـاعـدات بـطعـم الـدم للمـرة الـثـانيـة.

عاصي بن الميماس - زمان الوصل
(126)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي