الأسباب الخفية في انشقاق الجولاني عن دولة البغدادي... سعد العقيدي*

على خلفية انشقاق جبهة الجولاني عن الدولة الإسلامية في العراق والشام، أروي لكم أسرارا عن جوهر الخلاف، وسوف أبدأ من الشهر الرابع للعام 2011، حيث يخرج الشيخ أبو محمد الجولاني من سجنه في دمشق بالعفو الرئاسي الأول بعد اندلاع الثورة السورية.
وقد كانت وجهة الجولاني إلى العراق، حيث التحلق بصفوف الدولة الإسلامية في العراق حيث عمل الجولاني شرعيا للأمنين في ولاية نينوى.
في هذه الفترة وتزامناً مع الحراك الثوري في سوريا كان الشيخ أبو بكر البغدادي يبحث عن شخصية قيادية لتكون فرعا للدولة العراق الإسلامية في سوريا.
وكان الجولاني من بين المرشحين لهذه المهمة بعد أن حمل رسالة إلى البغدادي وهي تزكية من الشيخ ومدرس الجولاني في السجن.
وبعد أن وقع اختيار البغدادي على الجولاني طلب مقابلته شخصياً وكان في هذا الوقت الجولاني مازال شرعيا في نينوى.
وفي مقابلة البغدادي مع الجولاني تم رسم شكل الفرع الجديد في سوريا ومناقشة آلية التنفيذ، وكان الحدث الأبرز في هذا اللقاء هو بيعة الجولاني للبغدادي وهي بيعة (على السمع والطاعة في المنشط والمكره).
وكان من أهم التوصيات والشروط أن يكون الجناح الشامي الجديد هو فرع يتبع للدولة الإسلامية في العراق وحل أي جماعة إن وجدت بعد هذا التشكيل.
انطلق الجولاني من العراق في الشهر الثامن من نفس العام 2011 ليشكل "جبهة النصرة"، ومعه سبعة من كوادر الدولة الإسلامية، وتم إعطاء الجولاني نصف المال والسلاح الذي تملكه دولة البغدادي.
بدأت جبهة "النصرة" تتسع كالنار في الهشيم، وتنتشر في كل سوريا حتى أصبحت الفصيل الأقوى في سوريا.
والجدير بالذكر أن البيعات التي كانت تأخذها جبهة النصرة من الجماعات والأفراد كانت تؤخذ للبغدادي، والكل كان يعلم ويعي أن "جبهة النصرة" هي فرع من دولة البغدادي في سوريا.
يبدأ الخلاف بين البغدادي من جهة والظواهري والجولاني من جهة أخرى عندما يوفد الشيخ أيمن الظواهري "أبو خالد السوري" إلى الشيخ البغدادي يطلب منه بيعة الدولة الإسلامية في العراق للشيخ أيمن الظواهري، ليكون رد البغدادي على الطلب بالاعتذار لأسباب ظهر منها بعد المسافة بينهما، وغابت أسباب شرعية أخرى.
ليتجه أبو خالد السوري إلى الجولاني طالباً البيعة للظواهري وكان الطلب قيد الدراسة
لتتسارع بعدها الخلافات الجانبية وحالة من عدم الرضى بين دولة البغدادي ونصرة الجولاني، وسادت حالة من التململ لدى الجولاني وعدم الرضا على سياسة دولة البغدادي التي تفاقمت في مطلع العام 2013.
ولمست دولة البغدادي كثرة تملص الجولاني من تنفيذ أوامره، وعدم تقديم المساعدة التي تطلبها "الدولة" في العراق.
وبدأ مندوبو البغدادي في سوريا ينقلون الرسائل عن نية الجولاني إقامة إماره بمعزل عن الدولة الإسلامية، ما استدعى البغدادي طلب لقاء الجولاني على عجل.
وبعد اللقاء اعترف الجولاني ببعض الأخطاء، ووعد بالإصلاح ليعود بعدها إلى سوريا، ولكن لم يتغير أي شيء من سياسة الجولاني اتجاه المركز في العراق، وبقي يرفض الإذعان للأوامر، ما اضطر البغدادي إلى إرسال الشيخ الجولاني ومدرسه العلم الشرعي في السجن الذي خرج من السجن بعد الجولاني بمدة للذهاب إلى سوريا والتدخل في الإصلاح ليعود الشيخ الجولاني إلى الشيخ البغدادي ويخبره أن الجولاني عازم على الانفصال عن الدولة الإسلامية في العراق وأن الأمر انتهى، فالجولاني أحكم قبضته على كل ما يجري داخل الجماعة في "النصرة".
وهنا اجتمع مجلس شورى المجاهدين لدولة البغدادي لتدارك انفصال فرع الشام عن العراق ليفضي إلى قرار الاستعجال بمشروع الدولة في العراق والشام للسيطرة على ما يجري على الأرض.
وهذا ما يفسر الإعلان المفاجئ للبغدادي عن قيام الدولة الإسلامية في العراق والشام
وقد رد الجولاني على إعلان البغدادي بأنه لم يستشر بالأمر، وأعلن بيعته للشيخ أيمن الظواهري الذي كان يطلب بيعة الجولاني للقاعدة الأم، لتدب الخلافات بين أنصار الفريقين، وكانت هذه الخلافات مادة دسمة للمتصيدين في الماء العكر من خصوم السلفية الجهادية في العالم.
ودخل الشيخ أيمن الظواهري عبر تسجيل صوتي بعد أن أدرك أنه كان سببا رئيسيا في انفصال "النصرة" عن الدولة الإسلامية، طالباً من الدولة الإسلامية في العراق العودة إلى العراق والنصرة تبقى في ساحة الشام.
وعيّن لهم "أبو خالد السوري" مندوبا للظواهري ووسيطا لنقل وحل الخلافات بينهم
ليرد البغدادي على الشيخ الظواهري بتسجيل صوتي بالرفض والإصرار على البقاء في سوريا.
*ناشط ميداني
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية