أدان حزب الشعب الجمهوري التركي التعذيب الذي يتعرض له المعتقلون السوريون على يد نظام بشار الأسد، بل ودعا إلى التثبت ومعاقبة الفاعلين، وهو ما شكل مفاجأة لكل متابع لتصريحات ومواقف هذا الحزب المعروف بتأييده -للعظم- نظام الأسد، فما هي أسباب تبدل المواقف، هل بسبب الانتخابات المقبلة في خطوة تكتيكية سياسية، أم بدأت جرائم نظام الأسد تدعو أشد حلفائه للانفضاض من حوله.
كما أن حدثاً بارزاً آخر حدث في تركيا أخيراً -زيارة رئيس الوزراء رجب طيب أردوغان لإيران- ورأى فيه المحللون تحولاً خطراً، وخاصة بعد ما قيل عن توسط طهران لإعادة تطبيع العلاقات بين النظام السوري وأنقرة.
سألنا الخبير في الشؤون التركية "عبد القادر عبد اللي" عن قراءته لزيارة أردوغان لإيران، وهل فعلا الأسباب اقتصادية وطاقوية كما أشيع؟! .
حاقان وأردوغان..وأشياء خطرة
قال عبداللي:بداية أود أن أذكر بأن الزيارات التي يتبادلها المسؤولون الأتراك والإيرانيون لم تنقطع في أي وقت. وقبل فترة قصيرة كان وزير الخارجية التركي في إيران، وقالها من طهران بأن "تركيا وإيران مختلفتان في الموضوع السوري، ولكن كل منهما تعرف الأخرى." شئنا أم أبينا فإن إيران ليست راعية النظام السوري فحسب، بل هي النظام نفسه، وصارت عبارة: "إذا انسحبت إيران من سوريا يسقط النظام" لازمة يكررها الجميع بعد اعتراف حسن نصر الله بهذه الحقيقية عندما قال: "لو لم نتدخل لسقطت دمشق".
إن المباحثات الجدية كافة حول الشأن السوري تمت مع الإيرانيين. وهناك بالأمس فقط زيارة لنائب وزير الخارجية السويسري إلى طهران وحضرها نائب وزير الخارجية السوري من أجل إيصال المواد الإغاثية إلى المحاصرين في سوريا.
من قال إن هذه الزيارة اقتصادية أو مغلفة بالاقتصاد والطاقة؟ الصحف؟ استناداً لمن؟ ها، أحزاب المعارضة التركية قالت هذا. هل شارك هؤلاء في الزيارة؟ أحد المعارضين انتقد زيارة أردوغان إلى طهران، واتهمه بأنه "أسدي بدوام جزئي"، لماذا لم يأتِ أحد على ذكر هذا؟
لعل ما ميز هذه الزيارة تفصيل صغير غاب عن غالبية وسائل الإعلام في العالم، وهو زيارة حاقان فدان مستشار المخابرات التركية إلى طهران خارج إطار الوفد، ونزوله في الفندق نفسه والطابق نفسه الذي أقام فيه أردوغان، وقد حضر اجتماعاً وحيداً برفقة رئيس الحكومة مع صاحب القرار الإيراني –وبالتالي السوري- علي خامنئي. أنت تعلم -كما الجميع- بأن زيارات الشخصيات المخابراتية لا علاقة لها بالاقتصاد، وحتى لا تتدخل بالسياسة المباشرة، وهي تقدم ملفات يستثمرها السياسي في السياسة والاقتصاد، ماذا حمل حاقان فدان إلى المرشد؟ لا أحد يعرف، ولكن المؤكد أنه حمل شيئاً مهماً...
تطبيع العلاقات مع الأسد
* هل صحيح ما قيل عن إعادة العلاقات التركية مع النظام السوري برعاية إيرانية؟ وهل يمكن لإيران أن تشترط على أنقرة ذلك؟
- ثمة قاعدة ذهبية في البحث الاستراتيجي الجاد وهي: "ليس المهم اكتشاف التزوير، بل الغاية من التزوير" قبل فترة في لقائك معي، أكدتُ لك بأن الخطاب الذي نشرته وكالة الأنباء الفرنسية منسوباً لرئيس الجمهورية التركي مختلق، ولا أصل له، وقدمت لك ترجمة الخطاب الأصلي. مع الأسف أن صحافة العالم كلها ركضت وراء الخبر وتكذيب الخبر، أريد أن أسأل: "ما الغاية من تزوير هذا الخبر، ومن الذي كتبه، ومن موله؟" عندما تجيب عن هذه الأسئلة يمكنك الوصول إلى الاستنتاجات اللازمة.
من هم مصادر خبر إعادة العلاقات التركية مع النظام السوري؟ مجموعة من البرلمانيين الإيرانيين. وهل هؤلاء مصدر خبر؟ إذا كان هؤلاء مصدر خبر يجب أن يكون شريف شحادة وخالد العبود مصدر خبر... لماذا المقارنة؟ لأن هؤلاء تحدثوا حرفياً بطريقة شريف شحادة وخالد العبود، فهم أعلنوا نصراً مؤزراً للخيار الإيراني الممانع على تركيا الإمبريالية في سوريا، ودقوا طبول النصر، وقالوا تركيا تعترف بهزيمتها في سوريا، وجاءت (تتوسل) لإعادة العلاقات... لاحظ لو نشرت تلك الأخبار كما هي لأثارت الضحك، ولكن وكالات الأنباء العالمية (تطوّعت) لإعادة صياغتها بشيء من الحرفية من أجل أن تشكل جاذبية..
الأسئلة المهمة هي: "لماذا ألغي قسم السؤال والجواب من المؤتمر الصحفي لأردوغان مع رئيس الحكومة الإيراني؟" و"لماذا ألغيت محاضرته في مركز الدراسات الاستراتيجية التابع للحرس الثوري؟
"لأن الجانب الإيراني لم يرغب بأن يقول أردوغان شيئاً من إيران. ماذا قال أردوغان البارحة في برلين؟ لم يتغير شيء في خطابه... إذا كانت هناك مشكلة لدى الإيرانيين بأن يقول ما يقوله أردوغان من طهران، وليس في أقواله...
صاعقة حزب الشعب
* أدان حزب الشعب الجمهوري التركي تعذيب المعتقلين في سجون الأسد، فهل هذا التغيير للدعاية الانتخابية..أم تراه تخل عن الأسد؟!
- نعم، كان تصريحه مفاجئاً، ولشدة المفاجأة لم يأخذه أحد على محمل الجد وينشره. فهو يعتبر تحولاً في الاتجاه المعاكس، فقد أدان التعذيب، وطالب بأن تتثبت الأمم المتحدة من هذه الصور، وتتخذ الإجراءات اللازمة بعد أن أكدت صحتها لجنة إنكليزية محترمة... هل هو تحول في الموقف أم تكتيك انتخابي؟ هذا الأمر لا أحد يستطيع تحديده الآن، هناك انتخابات في الثلاثين من آذار، إذا استمر على ما هو، فهذا سيكون تغييراً في الموقف، وإذا تراجع فسيكون تكتيكاً انتخابياً، أما بالنسبة لإقامة المعارضة علاقات مع هذا الحزب، فأنا طالما قلت، وألححت بأن هذا واجب. هناك تيارات في المعارضة السورية قريبة من هذا الحزب فكرياً، لماذا لا تقيم هذه التيارات علاقات باسمها على الأقل، وليس باسم المعارضة مجتمعة. كان على تلك التيارات أن تلح على التواصل مع هذا الحزب من أجل تغيير موقفه، وألا تقطعه في أي وقت، وقد كانت هناك بادرة يتيمة قام بها جورج صبرا، ولم تُتابع.. لماذا لا تطلب الكتلة الديمقراطية لقاء مع هذا الحزب؟ هنا المشكلة، ننتظر من الجميع أن يقوم بواجبه تجاهنا دون أن نقوم تجاههم بشيء... هذه لا يمكن أن يسمى سياسة...
عدنان عبدالرزاق - اسطنبول - زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية