
القاعدة تعلن تبرؤها الكامل من "الدولة" وتصرفاتها، ومراقب يرى نذر قتال أشرس وأوسع

أعلن تنظيم القاعدة تبرؤه من أي علاقة تنظيمية تربطه بجماعة "الدولة الإسلامية في العراق والشام"، قائلا إن قيادة القاعدة لم تخطر بإنشاء جماعة "الدولة"، "ولم تستأمر فيها ولم تستشر، ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها".
وفي بيان اطلعت "زمان الوصل" على نسخة منه، أكد تنظيم القاعدة كذلك تبرؤه من "الفتنة التي تحدث في الشام بين فصائل المجاهدين"، مضيفا: "نبرأ من الدماء المحرمة التي سفكت فيها من أي طرف كان، وندعو الجميع لأن يتقوا الله، ويدركوا عظم المسؤولية الملقاة عليهم".
وهذا نص البيان:
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
أما بعد :
أولاً: تعلن جماعة قاعدة الجهاد أنها لا صلة لها بجماعة (الدولة الإسلامية في العراق والشام)، فلم تخطر بإنشائها، ولم تستأمر فيها ولم تستشر، ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها، ولذا فهي ليست فرعًا من جماعة قاعدة الجهاد، ولا تربطها بها علاقة تنظيمية، وليست الجماعة مسؤولة عن تصرفاتها.
فإن أفرع الجماعة هي التي تعلنها القيادة العامة للجماعة، وتعترف بها.
مع التأكيد على ولائنا ومحبتنا وتأييدنا لكل مجاهد، وحرصنا على الأخوة بين المسلمين والمجاهدين.
ثانياً: تود جماعة قاعدة الجهاد أن تؤكد على بعض المعاني المهمة في العمل الجهادي، ومنها:
- الحرص على الشورى والعمل الجماعي واتخاذ القرارات المصيرية بعد التشاور بين المجاهدين وإقرار قيادتهم لها.
- الحرص على أن تحل مشاكل المجاهدين فيما بينهم وليس عبر الإعلام.
- الحرص على أن نكون جزءًا من الأمة، ولا نفتئت على حقها، ولا نتسلط عليها، ولا نسلبها حقها في اختيار من يحكمها، ممن تتوفر فيهم الشروط الشرعية. ولا نسارع بإعلان إمارات ودول، لم يستشر فيها علماء المجاهدين ولا القيادة ولا سائر المجاهدين والمسلمين، ثم نفرضها على الناس، ونعد من يخالفها خارجًا.
- الحرص على حشد الأمة حول القضايا الرئيسية، وهو منهج الشيخ أسامة بن لادن رحمه الله، الذي ارتقى به بالعمل الجهادي ودعا إليه، حتى اتخذه الله شهيداً، نحسبه والله حسيبه.
ولذلك أصدرت الجماعة (وثيقة نصرة الإسلام) تأكيدًا لهذا المنهج وتبيانًا للقضايا التي يجب حشد الأمة حولها.
- الحرص على تخليص العمل الجهادي من المخالفات والتصرفات المضرة ولذلك أصدرت الجماعة وثيقة (توجيهات عامة للعمل الجهادي).
- البراءة من أي تصرف ينشأ عنه ظلم ينال مجاهدًا أو مسلمًا أو غير مسلم.
وهنا نؤكد على تبرُئِنا من الفتنة، التي تحدث في الشام بين فصائل المجاهدين، وأننا نبرأ من الدماء المحرمة التي سفكت فيها من أي طرف كان، وندعو الجميع لأن يتقوا الله، ويدركوا عظم المسؤولية الملقاة عليهم، وفداحة الكارثة التي أصابت الجهاد في الشام ومستقبل الأمة المسلمة بالفتنة التي خاضوا فيها.
وندعو كل ذي عقل ودين وحرص على الجهاد أن يسعى جاهدًا في إطفاء الفتنة بالعمل على الإيقاف الفوري للقتال ثم السعي في حل النزاعات بالتحاكم إلى هيئات قضائية شرعية للفصل فيما شجر بين المجاهدين.
ثالثاً: نؤكد على أن باب التناصح بيننا وبين الجميع مفتوح، وأن المسلم المجاهد يبقى له حق الأخوة والنصرة والولاء مهما زاد خطؤه، ولا نبرأ أنفسنا من ذلك [وَمَا أُبَرِّئُ نَفْسِي إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي غَفُورٌ رَّحِيمٌ].
[إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَمَا تَوْفِيقِي إِلاَّ بِاللّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ أُنِيبُ]
وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه وسلم.
وفي سبيل استقراء أهم مدلولات ما ورد في بيان تنظيم القاعدة وتداعياته المحتملة على الأوضاع داخل سوريا، سألت "زمان الوصل" أحد المراقبين للشأن الجهادي، والمتابعين الدائمين لتطوراته عن بيان القاعدة، فأشار إلى أنه بيان واضح وصريح في نقد تنظيم "الدولة" من أول سطر فيه وحتى ما قبل آخره.
واستشهد المراقب على رأيه بعبارات أوردها البيان عند ذكره تنظيم "الدولة" صراحة، ومنها أن "القاعدة" لم تخطر بإنشاء جماعة "الدولة" ولم ترضها، بل أمرت بوقف العمل بها، وأن "القاعدة" ليست مسؤولة عن تصرفات "الدولة"، في إشارة إلى مجموعة من السقطات التي وقعت فيها "الدولة" بدءا من احتكار راية الجهاد، وانتهاء باستباحة دماء الكتائب الثورية والجهادية ونسف مقراتهم بالمفخخات، مرورا بإطلاق العنان لتكفير أو تفسيق كل من لايقر "الدولة" على رؤيتها.
وقال المراقب إن بيان "القاعدة" حوى نقدا لاذعا جدا لجماعة "الدولة" حين ذكر تصرفات هذه الجماعة دون أن يسميها، ومن هذا التعدي على حق الأمة والتسلط وسلبها حقها في اختيار من يحكمها، والمسارعة بإعلان إمارات ودول، لم يستشر فيها علماء المجاهدين ولا القيادة ولا سائر المجاهدين والمسلمين، وفرضها على الناس، واعتبار من يخالفها خارجا.
وحسب المراقب فإن هذه الأوصاف السلبية التي استنكرها بيان القاعدة تنطبق بلا شك على جماعة "الدولة"، التي أرادت أن تفرض تنظيمها كـ"دولة" على الجميع إطاعتها، والمسارعة إلى بيعة "أميرها" المكنى "أبو بكر البغدادي"، وإلا كان آثما، هذا إن لم يصبح فاجرا أو مرتدا.
وتابع المراقب: حتى تذكير البيان بمؤسس تنظيم القاعدة (أسامة بن لادن) لم يأت عبثا، ففيه إشارة واضحة إلى أن "البغدادي" و"دولته" لايمثلون هذا النهج، ولايحق لهم ادعاء تمثيله، بحسب ما يقول سياق البيان وترتيب فقراته.
أما بخصوص الفقرة الأخيرة التي تؤكد أن "باب التناصح بيننا وبين الجميع مفتوح، وأن المسلم المجاهد يبقى له حق الأخوة والنصرة والولاء مهما زاد خطؤه"، والفقرة الوادرة في المقدمة من أن "القاعدة" تبذل ولاءها ومحبتها وتأييدها لكل مجاهد، مع حرصها على الأخوة بين المسلمين والمجاهدين... فقد رأى المراقب أن هاتين الفقرتين عامتين، لاتلغيان ما ورد في الفقرات السابقة من استنكار أفعال الدولة –تصريحا وتلميحا-، وهذه الفقرات هي بمثابة "النصوص الخاصة"، ويعلم السلفيون أكثر من غيرهم أن النصوص العامة التي تحمل معاني واسعة غالبا ما تفهم وتفسر على ضوء النصوص الخاصة.
وختم المراقب تعليقه بالتأكيد على أن بيان "القاعدة" هو بمثابة إعلان طلاق كامل وقطيعة تامة مع تنظيم البغدادي، ولصدور هذا البيان –مكتوبا وليس مسجلا- دلالة إضافية على أن الأمور قد وصلت إلى طريق مسدود بين الطرفين، وأن تنظيم "الدولة" قرر المضي في مشروعه الخاص الذي تبينت معارضة "القاعدة" له، بنص هذا البيان؛ لتبقى ساحة الصراع في سوريا مفتوحة على احتمالات تصعيد واقتتال أشرس طبيعة وأوسع مدى.

زمان الوصل - خاص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية