أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

لمن لا يقرأ التاريخ

يُذْكَر أن الجنرال الفرنسي غورو، عندما دخل دمشق بجيشه محتلاً، وقف أمام قبر صلاح الدين خلف المسجد الأموي وقال: "ها قد عدنا يا صلاح الدين"... فحلم الغرب في السيطرة على المنطقة يبدأ منذ دخول القائد الروماني بامبيوس بجيشه سوريا عام 62 ق.م، ويستمر إلى اليوم بطرق وأشكال مختلفة، ليس آخرها اتفاق سايكس-بيكو على تفكيك الإمبراطورية العثمانية، وتقاسم المنطقة وخيانة عهودهم للعرب بالاستقلال والحرية والوحدة عام 1916، وصولا لإقامة الدويلات الموالية والحليفة في الساحل الشرقي للمتوسط وعلى رأسها إسرائيل، ولم تنقطع محاولاتهم تلك، والتي نتوقع أن تكون آخر إبداعاتها (قيام الدويلة النصيرية–الصيلبية) وغيرها من الدويلات في المنطقة، على أنقاض الوطن السوري.. ربما هذه المرة عبر المتعهد الروسي وشريكه الإيراني. 

فالمطلوب غربيا هو استكمال تقويض الوجود العربي بصيغة الاعتدال الإسلامي (الذي هو رمز استقلال هذه المنطقة، وإطار وحدتها وحضارتها عبر التاريخ)، وتحجيم دور العرب لجعلهم أقلية سياسية، ومكونا من مكونات عدة لا يطبع المنطقة بهويته، كحلقة أخيرة في عملية السيطرة على هذه المنطقة واستدامة تبعيتها، إن حدثت، عبر تجديد نظام العمالة والخيانة والإجرام حليف روسيا وإيران، تحت مسمى الحل السياسي الوحيد المسموح به بإشراف دولي، أو عبر إقامة دولة المكونات (الديمقراطية العلمانية) الاتحادية (الفاشلة بنموذجها العراقي واللبناني)، أو التقسيم العملي بوجود قوات دولية، وقيام الدويلات الطائفية والعنصرية على منطق القمع والتهجير والمجازر. وما مؤتمر جنيف إلا لشرعنه أحد هذه الحلول ومنع إسقاط النظام لرمزيته ودلالته.

وما ردة فعل الأغلبية الثائرة التي تتعرض لحرب إبادة وتهجير وتقويض وجود، إلا إدراكا منها لعمق الجرح الذي أحدثه الاختراق الغربي والاستعماري في جسدها.. بعد أن نجح عبر أنظمته المستبدة في دق الأسافين بين العرب والكرد والأتراك، و بين السنة والشيعة، وبين كل التنوع الطائفي والمذهبي، ليس حبا بأي منها بل حبا بالفرقة بينها.. وانتقل اليوم للتركيز المفرط على عناصر التفرقة في زمن الدولة ما بعد القومية، والتركيز على المكونات والأقليات، وتحويل التباين والتنوع الثقافي إلى مبرر لغياب الهوية والانقسام السياسي والحرب الأهلية، بعد إهمال الواقع العام (الاقتصادي -السياسي) المزري الذي هو حاصل التبعية والنهب الخارجي والفرقة، وهو سبب المشاكل. 

يقولون: علينا تطمين الأقليات، وكأن قرونا من العيش المشترك غير كافية، وكأن الدولة الحضارية الحديثة التي حَرَمَنا منها الاستبداد لا تضمن حقوق الجميع.. بينما لسان حال الشبيحة يقول: "نحن نستطيع فعل أي شيء لننتصر في معركتنا، وإذا خسرنا المعركة سننسحب لدولتنا الخاصة وسيحمينا الغرب بجيوشه فهو لن يتخلى عنا)، هذه هي نتائج سياسة التطمين والإفلات من العدالة التي ينتهجها الغرب، والتي تنعكس غطرسة وجريمة، سوف تولد بالتالي كل أشكال رد الفعل وتبررها. ليوجه بعدها تهمه بالتطرف والإرهاب. 

وعليه ..ولكي لا نطيل، نقول: نحن هنا نؤكد على رمزية إسقاط النظام وتفكيكه في سوريا، على يد الثوار المجاهدين وبدعم من الدول العربية والشقيقة. لأنه يعني هزيمة مشروع التبعية والتقسيم والهيمنة والتخلف، وضمان استعادة هوية المنطقة وطابعها الحضاري كشريك في الحضارة وليس تابعا، ونؤكد على خطورة البحث في حلول وتسويات تلغي الهوية وتضيع السيادة والوحدة، وتقفز فوق العدالة، ونحذر من تحويل القضية السورية لقضية إنسانية وعنف ونزاع ولاجئين، وليست قضية وجود وهوية وتاريخ.

إن رمزية إسقاط النظام وطرد الغزاة وتوحيد الوطن تحاكي رمزية تحرير القدس على يد الناصر صلاح الدين، لتشابه ما حدث بالماضي مع ما يحدث اليوم على ذات الأرض. ولا مانع لو لم يعجب هذا الكلام دبلوماسيي الغرب الذين يحبون أوطانهم ويخدمون مصالحها العليا، لو فكروا أننا علينا أن نفعل مثلهم، وأن الصداقة الحقيقية تدوم فقط بالصدق والاحترام، وأن السلام يقوم فقط على الحق والعدل.

من كتاب "زمان الوصل"
(129)    هل أعجبتك المقالة (128)

مجد الأمويين

2014-02-02

إن رمزية إسقاط النظام وطرد الغزاة وتوحيد الوطن تحاكي رمزية تحرير القدس على يد الناصر صلاح الدين، لتشابه ما حدث بالماضي مع ما يحدث اليوم على ذات الأرض. لذلك لم يكن غريبا أن صلاح الدين قبل أن يتوجه لتحرير بيت المقدس قضى على دولة الحشاشين، لعلمه أن يجب أن يحمي ظهره أولا من غدرهم..


mohammad ali

2014-02-02

great history and we always looking for your articles..


زنوبيا

2014-02-02

سخافات لا تستحق التعليق.


ham

2014-02-27

نحن أمة سيد المرسلين نمرض ولا نموت ستكون سورية بوابة الفتح المحمدي الجديد بتحطيم أصنام الدح\جالية العالمية بكل صورها العربية و الغربية وسنقف جميعا يوما عند قبر السلطان صلاح الدين والسلطان عبد الحميد الثاني رجال الإسلام المعتدلين ونقول لهم ها نحن أحفادكم عدنا وعادة القدس مدينة عالمية تحكم العالم بالخير و العدالة و السماحة 2023.


التعليقات (4)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي