أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

نداء وطني لكافة قوى الثورة السورية... فرح الأتاسي*

إخوتي في الوطن السوري

تقترب الثورة السورية من عامها الثالث بعد رحلة طويلة وشاقة من الآلام والمصاعب والأحزان قدمت فيها كل أسرة سورية الكثير من التضحيات، وسقط على درب الحرية شهداء أبطال رفعوا رايات الحرية والعدالة والكرامة، تسلمها ويستلمها منهم أبناؤهم وأصدقاء طفولتهم وجيرانهم .. شعب بطل وثوار أشداء ماضون بعزم وتصميم لتحقيق أهداف الثورة. 

اليوم وبعد استشهاد مئات الآلاف من خيرة رجال ونساء وشباب وأطفال سوريا، واعتقال عشرات الآلاف، ونزوح الملايين وتشريد وتجويع ثلث سكان سوريا، وتدمير بنيتها الاقتصادية ونسجيها الاجتماعي، نجد دول العالم تساوي بين الجلاد والضحية، وتسوق بغير عدل بعض قوى المعارضة السورية لفتح حوار بين القاتل والمقتول ! 
وبالرغم من الشعور بالغبن والظلم الذي تحمله كل عائلة سورية فقدت شهداء أحباء لها، أو اضطرت إلى النزوح في بلاد اللجوء الباردة، أو تبكي يومياً بصمت قلقاً على معتقل لها اعتقلته أجهزة الأمن السوري ليلاقي مصيره من العذاب والتنكيل .. كل أسرة في سوريا فقدت الكثير وخسرت الكثير، برغم العجز المرير، بقي الشعب السوري صابراً محتسباً يلملم آلامه ويعض على جراحه ويصارع من أجل البقاء. 

يا إخوتي في الهم السوري

لا أحد يشعر بالألم بقدر من يجربه .. ولا أحد يقدر حجم المعاناة إلا الذي يمر بها. والدموع لا تحرق إلا وجنتي صاحبها .. اليوم وأمام هذه الانعطافات التاريخية في مسار الثورة سياسياً وعسكرياً.. داخلياً وخارجياً.. ما أحوجنا جميعاً إلى الوحدة والتلاقي ونبذ الخلافات والاختلافات لنقف صفاً واحداً منيعاً وجداراً صلباً تتكىء عليه قوى المعارضة الموجودة في جنيف وقوى الثورة المدنية والعسكرية الموجودة على جبهات القتال في الداخل السوري. 
التاريخ سيحكم إن كان مؤتمر جنيف خيراً للثورة أم وبالاً عليها.. لكن اليوم من واجب كل مواطن سوري يدعم الثورة ولو بقلبه وكيانه، ويتقاطع مع أهدافها بقلع نظام الأسد من جذوره من التربة السورية أن يقف إلى جانب الفريق السوري الذي يحمل صوت ومطالب الثورة الموجود في جنيف ... وإذا ساوم بأهدافها فشعب الثورة له بالمرصاد، هذه سوريتنا ومن أجلها جميعاً نخوض هذا المخاض ونحن على ثقة أن راية الثورة مرفوعة وأن الوطن السوري مصان وأن لا حق يضيع طالما وراءه مطالب: الشعب السوري.
وبغض النظر عن المشاعر المريرة والاختلافات السابقة في وجهات النظر من قبول جنيف أو رفضه.. أو قبول الممثلين عن الوفد السوري أو رفضهم.. أو قبول مسرح المفاوضات واللاعبين الدوليين أو التشكيك بنواياهم وخططهم.. ولكن كثرة الكلام والثرثرة كالرصاص الطائش الذي يصيب صاحبه أحياناً.. لا يهم من هو موجود ومن هو غير موجود.. كل هذه التفاصيل تتقزم اليوم أمام أهمية وواجب التلاحم الثوري الوطني المطلوب سياسياً وعسكرياً وإعلامياً وإغاثياً ومدنياً لتصبح روافد قوية تصب في قناة وفد المعارضة وتعزز من موقع الثورة داخلياً ودولياً عبر تلاحم وتعاون كافة القوى الفاعلة فيها.. يجب الظهور بموقف واحد قوي ومنسجم، ولنضع الاختلافات والخطاب السلبي جانباً لأنه لن يفيد إلا النظام الذي يكبر على الشرذمة والتفرق ويستفيد من لغة التخوين والاتهام ويكسب من ضعف صوت الثورة فهدفه إخماد هذا الصوت وإخمادها.. 

إخوتي وأخواتي السوريين 

الساعات الأشد حلكة هي التي تسبق بزوغ الفجر.. والثورة السورية قطعت أشواطاً طويلة.. 
نعم .. ليس من السهل أن تنظر بعين جلادك وترى صور جثث الشهداء وتسمع دعاء الأمهات ونواح الأطفال وأنين الجرحى والمعتقلين وآهات النازحين.. 
ليس من السهل أن ترى وطناً مدمراً في وجه مفاوضك القاتل .. لكن الثورة السورية ثورة حق وعدل وعدالة فلتكن الأقوى في جنيف وما بعد جنيف .. مدوا أيديكم واشبكوها ببعض ولنقسم جميعاً عهد الثورة أن نبقى متحدين أقوياء في وجه نظام الأسد وشبيحته وحلفائه وكل من يدعمه سراً وعلانية.. وأن لا نفرط بتضحيات الشهداء والمعتقلين والنازحين، ونبقى جنوداً في خندق الثورة.. ليتحد القول مع العمل كي تبقى راية الثورة وراية سوريا مرفوعة .. اللهم آمين. 

*ناشطة سياسية مستقلة والأمين العام لرابطة المرأة الوطنية السورية "نسوة"
(124)    هل أعجبتك المقالة (127)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي