أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

إعلاميو المتة يقرقعون في "مونترو"

"يقرقع" المتة في جنيف2 كي يشتت انتباه الحاضرين عن كلمة رئيس الائتلاف السوري أحمد الجربا، هو الصحفي الألمعي فراس مارديني أو أبو جعفر -كما يفضل التعريف بنفسه- مراسل قناة سما الموالية.
كانت تلك الصورة المنشورة على صفحته في "فيسبوك" هي الأصدق لصحفي يعمل في الإعلام الرسمي منذ عقود طويلة، فليس من المستغرب على من قادته الواسطة وصلات القربى والنفوذ إلى شاشة التلفزيون السوري، ومن تمرن على أيدي الأفرع المخابراتية أن يقدم نفسه بهذه السذاجة في أروقة مؤتمر جنيف2 وبحضور أربعين وزير خارجية من مختلف دول العالم وأهم وكالات ومؤسسات الإعلام والتلفزة.
ورغم أن بعثة النظام الإعلامية إلى مونترو ضمت عدداً كبيراً من "الصحفيين" إلا أن أياً منهم لا تختلف صورته في الجوهر عن "أبو جعفر"، وأدائهم في أحسن الأحوال لا يعدو عن كونه قرقعة.
هناء صالح تقرقع على طريقتها وتحتار أي شخصية تتقمّص، تارة يحلو لها أن تصبح عرّافة تتنبّأ بما يجري داخل الغرف المغلقة والجلسات السرية لما يسمى المعارضة حسب قولها، وتارة تتقمص شخصية المفتش "كادجيت"، ففي ثلاث دقائق هو زمن رسالتها عبر الأقمار الصناعية تبلغنا السيدة الحديدية أنه رأت وبطريق المصادفة -بينما هي ضائعة في أروقة المبنى- وزير خارجية تركيا يضغط على أحمد الجربا ويملي عليه ما يقول!

والاكتشاف الأخطر أنها لمحت الدكتور محمد حبش جالساً مع مجموعة أشخاص تابعين للأمم المتحدة ويخططون لمستقبل سوريا ومبادرات المجتمع المدني، تكرر السيدة على مسامعنا بنبرة أعلى السبق الصحفي وتقول: "إذاً محمد حبش يعمل مع هذه الجهات ويجتمع بهم في ساعة متأخرة من الليل"، تنظر إلى ساعتها وتكمل: "إنها الثامنة الآن في جنيف..لا عفواً إنها السابعة".

إعلام النظام الذي اعتاد شيطنة الآخر واستهبال المشاهد لم ولن يغير سياسته الإعلامية، فهذا أقصى ما تفتّقت عنه عبقرية الدماغ المخابراتي حتى وإن كان الحدث كجنيف2 الذي من المفترض أن الذاهبين إليه مقتنعون أنه سيفتح باباً للسياسة والحوار وسيغلق دوامة الموت الدائرة منذ ثلاث سنوات، لكن على شاشة النظام ما زال التشبيح سيد الموقف، وما زال مراسلوه ومتحدثوه ورموزه على بعد سنين ضوئية من الحوار والسياسة أو تقبل الآخر حتى إن كان هذا الآخر هو صحفي يبحث عن الأجوبة، كما حدث مع الزميل رامي الجراح (أحد مؤسسي شبكة أنا للإعلام) وتجاهل عمران الزعبي لأسئلته ورفضه إعطاءه أي كلمة حتى لو كان من باب "الإتيكيت" وسط بحر الإعلاميين المحيطين بالمكان.

لم يكن رامي ناشطاً حراً أو يعمل في وكالة ثورية كما يحلو للبعض التعريف عنه، بل الأصح أن نقول إننا إزاء صحفي مهني، من جريه وراء الحدث، والتزامه بالمعايير والأخلاق الصحفية ومناداته عمران الزعبي بسيادة الوزير، كان رامي مهتماً بتحصيل إجابة الطرف الآخر أياً كانت الإجابة، لم يكن يركض خلف سبق صحفي مجاني، ولم يكن يبشر بالمؤمنين كعادة الإعلام البديل...ولم يثرثر ولم يتهجم ولم يشتم ولم يهذر بكلمات دون طائل...كان صحفياً يعرف من أين تؤكل الكتف، أسئلته مكثفة كررها عشرات المرات ولم ييأس، وقدم للعالم نموذجاً من إرهاب نظام الأسد، حتى أن مراسل قناة "روسيا اليوم" في لقائه مع عمران الزعبي لم يستطع تجاهل ما فعله رامي فأعاد تكرار الأسئلة ضمن لقاء مسجل بثته القناة في ذات اليوم.

وكما فعل رامي كذلك أجاد الزميل "أحمد زكريا" مراسل راديو الكل الذي واجه مندوب سوريا الدائم لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري بأسئلة دقيقة عن جرائم الحرب التي ارتكبها النظام، وعن براميله المتساقطة على رؤوس المدنيين في حلب، بلطافة فائقة ونبرة صوت واثقة استطاع إخراج الجعفري عن طوره واستحصل منه إجابات بالعرف الدبلوماسي هي أخطاء قاتلة.

أمثال هؤلاء الصحفيين وغيرهم كثر من الذين أفرزتهم الثورة، كان الأجدى أن تستثمر طاقاتهم وأن يكونوا في قمة الهرم الإعلامي للمعارضة وكان من الأجدى بدلاً من تركهم يقاتلون ويناضلون لبناء مشاريعهم الثورية الخاصة والصغيرة أن يتم الاستفادة منهم في بلورة استراتيجية جامعة تقدم صوت وصورة الثورة للعالم وهو الأمر الذي فشل به المكتب الإعلامي التابع للائتلاف إلى يومنا هذا.

بالمناسبة نال أحمد ورامي نصيبهما من الاعتداء والركل والرفس من قبل شبيحة استُقدموا على نفقة الحكومة لهذه المهمة بالتحديد..في الوقت الذي ما زال به أبو جعفر يقرقع.

من كتاب "زمان الوصل"
(143)    هل أعجبتك المقالة (110)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي