تستمر حملات التشويه، لبعض أطراف المعارضة السورية، وحملات التلميع لبعضها الآخر، بينما تحوم طائرة حربية تابعة لسلاح جو قوات النظام السوري فوق أحياء حلب تلقي البراميل المتفجرة والقنابل العنقودية، وبينما تنتشر 55 ألف صورة لـ11 ألف حالة تجويع وقتل وتعذيب مارستها أجهزة النظام القمعية بحق سوريين.
وكذلك يفعل البعض، ليعملوا على اصطناع حقائق من خيالاتهم ويخلصوا من خلالها إلى استنتاجات لا تعبر إلا عن تضليل مقصود ومتعمد للحقيقة، واستخفاف بعقول القراء، وبنهضة شعب ثائر منذ 34 شهراً على نظام الأسد المجرم.
لماذا يحاول البعض تصوير ما يحصل في بنية الائتلاف على أنه صراع محموم على السلطة؟، ويتجاهلون ضرورات التغيير الدائم لثلاثية النهج والفكر والممارسة، بعد أن أثبتت فشلها في تحقيق الترابط مع الداخل السوري على المستويات الإغاثية والعسكرية وشرعية التمثيل السياسي.
الانسحاب حق سياسي وموقف صحي كما نراه، وأن ينأى 44 عضواً من الائتلاف بأنفسهم عما يعتبرونه كارثة بحق الشعب والثورة، بعد فشل محاولة التغيير الديموقراطي، لا يمنح أي شرعية لأن تشن عليهم حرب شعواء، وتلفق لهم تهم لا دلائل تشير إلى صحتها.
إنه وقوف في وجه أي تعد على مبادئ وقيم الثورة، قد يصيب أو يخطئ، وانسحاب المجلس الوطني السوري يوم 20 كانون الثاني دليل يشير إلى صحة قرار المنسحبين من الائتلاف، واقترابه من صوت الشارع السوري وإرادته.
إنه لمن الخطأ الفادح، القول بأن القوى السياسية المنسحبة من الائتلاف تطمع في مناصب ومراكز، ومن الخطأ أيضا قذفها بتهمة تبني منهج تقديم المصلحة الخاصة على المصلحة العامة، كما قال السيد عبد الرحمن الراشد في مقالته المنشورة في صحيفة الشرق الأوسط بتاريخ 19-1- 2014، بهدف شرعنة ذهاب الائتلاف إلى جنيف2.
وإنني لأتساءل لماذا يُقْدم بعض من عرفوا بمواقفهم الموضوعية، ودفاعهم المستميت عن مبادئ الديموقراطية، وروح القوانين، على الترويج لصوابية قرار صدر بموافقة 58 صوتا من أصل 121، جلهم رافض لفكرة جنيف في الظروف الحالية والمعطيات الراهنة من أساسها؟!.
كنت أتمنى على أولئك أن يقولوا رأيهم الموضوعي الصادق، في قرار ذهاب مؤسسة الائتلاف إلى جنيف بنسبة الأصوات تلك، وبتجاوز رئيس الهيئة القانونية لميثاق التأسيس والنظام الداخلي ولقرار اللجنة القانونية نفسها، في الوقت الذي تغيب فيه 48 عضواً يمثلون كتلاً مؤسسة في الائتلاف عن اجتماع الهيئة العامة.
وأتساءل: هل هذا العمل ديموقراطي أيها السادة؟!، أليس تجاهلكم للحقائق السياسية والقانونية في كتاباتكم، محاولة لإقناع القراء بالتغطية على جريمة كبرى؟!!
لقد خاب الأمل، فبينما يشارك 16 فصيلاً مسلحاً شيعياً في قتل الشعب السوري، يذود البعض عن فئة من المعارضة تجاوزت حدودها، وتغاضت بممارساتها عن الاحتلال الإيراني لسوريا والدعم الروسي الهائل لنظامها الإرهابي، حين قبلت أن تسافر إلى مونترو بلا أي ضمانات، للجلوس مع قتلة السوريين بلا أي خطوط حمراء.
ما من تفكير سياسي حصيف، يقود شخصا للسكوت عن مهزلة الديموقراطية الحاصلة في الائتلاف، أو يقبل الذهاب بالشعب السوري إلى المجهول، على سفينة متهالكة بلا شراع، تعطلت بوصلة ربانها.
ما من تفكير سياسي حصيف، يشكك في أن المقاطعة هي إحدى آليات العمل الديموقراطي في حالات الطوارئ العظمى والكوارث الكبرى، أو تقبل المصائر المشؤومة المرسومة سلفاً في الأروقة الضيقة والصناديق السوداء، وما من عقل يضج بالحياة يقبل بقاء ربان سفينة غير جدير بالثقة، وحاشية لا تعرف واقع بلادنا مثلما تعرفه القوى التي انسحبت من الائتلاف.
كلمة صدق نريدها، وحقيقة نحتاج لتوضيحها من أقلامَ كبار كتاب عالمنا العربي الإسلامي، وليست مجرد أسطر نخطها لكسب مديح، أو دعم توجه، أو تعويم طرف على حساب طرف آخر.
عبد الإله فهد - مجلس محافظة حمص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية