أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من داعش إلى ماعش...إياد الدليمي*

ربما لايعرف الكثير من القراء أن مصطلح "داعش" الذي أطلق على تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، هو مصطلح ساخر أطقه أحد نشطاء الثورة السورية على هذا التنظيم بعد أن بدأت عمليات التنظيم تأخذ منحى يصب في خدمة نظام بشار الأسد وليس الثورة السورية التي انطلقت قبل نحو ثلاثة أعوام لإسقاط واحد من أكثر الأنظمة استبدادا وديكتاتورية في العالم.

ساخر عراقي آخر رد على نظيرة السوري بإطلاق مصطلح "ماعش" على التنظيم، وهو مصطلح وفقا لما فسره هذا الناشط العراقي " ميلشيات إيران في العراق والشام" معللا ذلك بأن هذا التنظيم، الدولة الإسلامية، ما هو إلا ذراع إيرانية تقوم بعمليات تستهدف بالدرجة الأساس الأضرار بكل تحرك ثوري سواء في العراق أو سوريا خدمة لأنظمة عميلة لإيران في بغداد ودمشق.

وبعيدا عن سخريات الساخرين، والتي هي في نهاية المطاف تعبير عن رفض واقع بات مريرا سواء في سوريا أو في العراق، إلا أن الحديث عن داعش هذه الأيام يطغى على أي حديث، فعملياتهم في سوريا التي باتت تستهدف بالدرجة الأولى الجبهة الإسلامية وجيش المجاهدين والائتلاف الوطني السوري والجيش الحر، وفي العراق يسعى هؤلاء لإدارة ملف المعارك في الأنبار بطريقة لا يبدو أنها تخدم أهل الأنبار بقدر ما تخدم حكومة نوري المالكي التي تنكل بشعب الأنبار.

سأسرد هنا بعضا مما عشته، كإعلامي، عن تنظيم القاعدة الذي دخل العراق عقب الاحتلال الأميركي، لأنني أشعر أن الحاجة لمثل هذه الأشياء باتت ضرورة في ظل مساع يقوم بها هذا التنظيم لسحب البساط من تحت ثوار العشائر في الأنبار، مدعومين بإعلام عربي وغربي، لا يعرف إلا أن يكبر ويضخم من هذا التنظيم، حتى أن بعضا من تلك الوسائل لم تتكرم ولو لمرة واحدة بذكر المعارك التي دارت بين عشائر الأنبار وقوات نوري المالكي.

في العام 2003، دخلت أولى عناصر القاعدة إلى العراق وتحديدا في المناطق الكردية، ومنها تسللت إلى الموصل، وبعد ذلك انتشرت في عموم العراق وخاصة المناطق السنية التي وجدت في هذا التنظيم انسجاما مع المقاومة التي انبثقت في العراق عقب الاحتلال، وكان التنظيم في أول ظهور له، أطلق على نفسه تنظيم التوحيد والجهاد، قبل أن يبايع الزرقاوي أسامة بن لادن ليتحول إلى تنظيم القاعدة في بلاد الرافدين.

لن أسهب طويلا في ذكر تاريخية هذا التنظيم في العراق على أهميته، ولكن أذكر أنه في العام 2008 وفي حوار لي مع الشيخ حارث الضاري الأمين العام لهيئة علماء المسلمين نشر على صفحات العرب الغراء، سألته عن القاعدة، فقال، أول عامين كان تنظيم القاعدة في العراق تنظيما جهاديا لا غبار عليه، وبعد ذلك اخترق.

وعلى ذكر الاختراق، نشرت المخابرات العراقية التي أسسها الأمريكان عقب الاحتلال بقيادة الضابط عبد الله الشهواني الذي استقال فيما بعد، وثائق تتحدث عن معسكرات إيرانية لتدريب عناصر القاعدة على الحدود العراقية الإيرانية قرب ديالى، كما نشر الجهاز وثائق عن وجود أذرع إيرانية وأخرى سورية لإدارة القاعدة، وهو ما عرف فيما بعد بالقاعدة الإيرانية والقاعدة السورية.

رفع التنظيم حدة المواجهة مع العديد من الجبهات ولعل واحدة من تلك الجبهات، الجبهة السنية التي شكلت حاضنة لهذا التنظيم، فبدأ بعمليات قتل عناصر الشرطة المحلية في المناطق السنية، ثم استهدف بعض الساسة ممن شاركوا بالعملية السياسية، ثم بدا باستهداف العلماء والمشايخ ممن لا ينسجمون مع منهج التنظيم، فقتل على يدهم الداعية الموصلي عمر الصيدلي في العام 2005 وبعدها توالت الاغتيالات لتمتد إلى إياد العزي أول معتصم عراقي يوم أن نصب خيمة على مشارف أبو غريب للمطالبة بإطلاق سراح السجناء، والداعية الذي كانت له صولات وجولات في سوح المقاومة وأيضا على منابر الخطابة، ثم جرى اغتيال حمامة مساجد بغداد الشيخ مهند العزاوي، وكل ذلك تحت يافطة المشاركة بالعملية السياسية، والقائمة هنا تطول.

عندما اشتعلت الأرض تحت أقدام الغزاة الأمريكان عقب الاحتلال، وبينما كانت المقاومة العراقية منشغلة بمقارعة هذا الاحتلال، وبعد مقتل الزرقاوي، أعلن خليفته أبو بكر البغدادي أنه أمير للمؤمنين، في ولاية العراق، وطالب تلك الفصائل المسلحة المنشغلة بمقارعة الأمريكان، بمبايعته، وبعد أن رفضت العديد من تلك الفصائل، حصلت مواجهات بين التنظيم والجيش الإسلامي مثلا، كما حصلت مواجهات مع كتائب ثورة العشرين المقربة من هيئة علماء المسلمين، وفيها قتل الشيخ ظاهر الضاري أحد قادة الكتائب.

لا اشك أن هذا التنظيم، سواء أكان داعش او ماعش، يضم بين دفتيه صادقين، وأنهم قادرون على أن يقلبوا المعادلة في أي نزال يدخلونه، غير أني لا أشك أيضا أنهم بهذا الفكر الذي يرفض الآخر، والآخر هنا ليس شيعيا أو نصرانيا أو يهوديا، وإنما سني مثلهم، لا يخدمون أحد سوى خدمة أعدائهم.

وأيضا لا أشك أن هذا التنظيم مخترق من قبل إيران وأيضا أطراف عربية وإقليمية وحتى دولية أخرى، ليحولوه إلى شماعة جاهزة لتنفيذ أغراضهم وقت الحاجة، أمور لا يبدو أن الكثير من الصادقين في هذا التنظيم يفطنون إليها.

كلمة أخيرة لأهل الأنبار، لا يجب أن ترتفع راية في معارككم ضد المالكي سوى راية عشائركم الكريمة، ولا يجب أن تتركوا أي ثغرة ينفد منها أعداؤكم وأولها ما يرددونه عن وجود هذا التنظيم.

* كاتب عراقي
(117)    هل أعجبتك المقالة (117)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي