أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في جنيف2: الائتلاف يجبّ ما قبله، ويسجل أولى النقاط

لم يكن من السهل على الائتلاف اتخاذ قرار المشاركة في مؤتمر جنيف2، فقد كان صعبا ومصيريا، وهدد بتفكك الائتلاف وانهياره. كما أن القرار لم يحظَ بإجماع هيئات المعارضة السوريّة على الرغم من الاجتماعات والنقاشات الطويلة على مدار الأشهر الثلاثة الماضيّة، وذلك لأسباب وصعوبات كثيرة عدة جرى تذليلها أو "تجاوزها" وفق الآتي: 

أولاً: خلافات الهيئات السياسية مع الائتلاف: ونقصد هيئة التنسيق، والمجلس الوطنيّ السوريّ الذي يعتبر أحد المكونات الرئيسيّة للائتلاف. إذ رفضت هيئة التنسيق حضور المؤتمر اعتراضا على عدم توجيه الأمم المتحدة دعوة رسمية لها، و"حصر" الدعوة بالائتلاف، الإقرار بأحقيته في تشكيل وفد المعارضّة. أما المجلس الوطني، فقد صوتت أمانته العامة في 4 كانون الثاني/ يناير 2014 لـ"مقاطعة" المؤتمر، وهددت بالانسحاب من الائتلاف. مع ذلك، لم يجد هذا القرار أي صدى له نتيجة تصويت مكونات رئيسيّة في المجلس الوطني كالإخوان المسلميّن وإعلان دمشق لصالحه. وبقي رفض المجلس الوطني وقراره بالانسحاب "شكليا" لم يجد اهتمام من الفاعلين الداخليين والخارجيين. 

رفض الفصائل العسكريّة: فيما سبق، توافقت جميع الفصائل العسكرية المعارضة بمختلف توجهاتها وتقسيماتها على رفض مؤتمر جنيف2، فيما اعتبرته الفصائل الإسلاميّة مؤامرة "تستهدف" الثورة، وهددت بنزع الاعتراف عن أي هيئة سياسية تقرر المشاركة فيه. 

وقد وصل الأمر ببعض قادة الجبهة الإسلامية كزهران علوش إلى "تهديد" من يشارك فيه، والتلويح بوضعه على قائمة المطلوبين للجبهة. مثّل هذا الموقف تحديا كبيرا- ساهم سابقا في تأخير اتخاذ قرار واضح من جنيف2. وقد جرى "تجاوزه" بعد اجتماع عقد في أنقرة بالتزامن مع اجتماع الهيئة العامة للائتلاف وضم الفصائل الكبرى (الجبهة الإسلامية، جبهة ثوار سوريا، أجناد الشام، جيش المجاهدين، هيئة الأركان..)، وانتهى بـ"تأييد" بعضها المشاركة كهيئة الأركان والقوى التابعة لها، و"عدم اعتراض" أو "سكوت" بعضها (الفصائل الإسلامية).

الخلافات داخل الائتلاف: جاء قرار المشاركة بعد اجتماع الهيئة العامة للائتلاف والذي التأم بغياب 44 عضواً منها لاعتراضهم على "أداء" القيادة الحالية للائتلاف، ومايصفونه بـ "التجاوزات وعدم النزاهة" في الانتخابات الأخيرة (6 كانون الثاني/يناير2013 ) ونتائجها بفوز أحمد عاصي الجربا "المتحمس" للمشاركة في جنيف2. لقد خلق غياب المنسحبين إشكاليات قانونيّة كون قرار المشاركة يتعارض مع النظام الأساسي للائتلاف والذي يحظر التفاوض مع النظام، ويتطلب تعديله موافقة ثلثي أعضاء الائتلاف وهو ما لم يتوافر في الاجتماع الأخير. 

وقد جرى تجاوز هذه الإشكالية من قبل هيثم المالح رئيس اللجنة القانونيّة، إذ اعتبر المنسحبون بمنزلة "المستقيلون"، وسمح بانعقاد الاجتماع بحضور (75) عضواً، وجواز تمرير القرار بالأغلبية البسيطة (النصف+1). وقد انتهى الاجتماع بالموافقة على المشاركة بأغلبية 58 عضواً، مقابل 14 أخرين صوتوا ضد المشاركة. 

لاشك أن غياب الإجماع، أو الإجماع بالحد الأدنى أظهر الائتلاف في موقف ضعيف قبل جنيف2، لكن قرار المشاركة اتخذ لأسباب ضرورية يذكرها المفكرو المعارض السوريّ برهان غليون، وتختصر وجهة نظر "مؤيدي" المشاركه وهي:
• عدم إتاحة الفرصة للنظام وحلفائه للانفراد باستخدام مؤتمر جنيف2 للدعاية له في الإعلام والرأي العام العالي، والتذرع برفض المعارضة الحل السياسي لتمرير روايته عن الثورة وتأليب العالم عليها. 
• فتح مسار للحل السياسيّ حتى لا تبقى الثورة مجرد صراع مسلح قد يطول في ظل عدم القدرة على الحسم العسكريّ، وإجماع غالبيّة القوى الدولية والإقليمية على الحل التفاوضي.
• محاولة استمالة بعض مراكز القوى داخل النظام والدولة للدفع بالحل السياسيّ من خلال جنيف2، بما يسمح لها بالتمايز ولو قليلاً عن نهج الحرب الشاملة والتدميرية التي يتناها الأسد والمقربون منه.
• تخفيف المعاناة الإنسانيّة لشرائح كبيرة تتعرض للقتل والتشريد والتجويع. 
• إنقاذ الائتلاف من التفكك، وعدم ترك الثورة تفقد وجهها "السياسي المدني" الوحيد والمتبقي على الرغم من ضعف أدائه وهو ما يخلق فراغا سياسيا يدفع القوى الدولية والإقليمية إلى تفضيل بقاء النظام مقابل حالة الفوضى على الصعيد السياسي والعسكريّ. 

وعلى عكس التوقعات السابقة جاءت مجريات الأحداث في اليوم الأول من جنيف2 لصالح الائتلاف. فكملة رئيس وفد النظام وليد المعلم كانت ضعيفة ومملة ومطولة وفارغة المضمون تخللها مساجلات مع الأمين العام وأظهرت مدى ضعف الحجة في رهن مصير بلد وشعب بشخص الأسد. في المقابل كانت كلمة رئيس وفد الائتلاف أحمد الجربا موقفة، كونها موثقة وتحتوي على نقاط واضحة الأهداف ومحددة المطالب حملت هموم شرائح كبيرة من السوريين لأنها أوحت بجاهزية المعارضة للحل ووقف الحرب على أساس تطبيق بيان جنيف1. أما النقطة الثانية فقد كانت في كلمات الوفود والتي جاءت بمعظمها مؤيدة للثورة، ومنتقدة لجرائم نظام الأسد، ومجمعة بأغلبيتها على ضرورة تنحية "رأس النظام" عن الحكم كأحد أهداف جنيف2. 

لقد أحرج الائتلاف النظام، وحشد الدعم الدوليّ، وحافظ على هيكليته من التفكك، وقد نفسه كوجه مدني ممثل للثورة متسمك بأهدافها ومدافعا عن مبادئها، ومقدرا لتضحياتها. 

من الصعب التوقع بنتائج مفاوضات جنيف2 نظرا لتعقيدات الأزمة السوريّة وتشابكاتها وتشعباتها، وبالتالي فإن جميع الأطراف الداخليّة والخارجيّة تدرك مدى وصعوبة إخراج "تسوية" للصراع الجاري قريبا. وعلى الرغم من ذلك يشكل المؤتمر "فرصة" راهنة للمعارضة السوريّة كونه يرمي إلى هدف رئيس منصوص عليه بشكل لا لبس فيه في الدعوة الرسمية وقرار مجلس الأمن الدولي 2118 وهو تحقيق الانتقال السياسي من خلال هيئة حكم انتقاليّة تتمتع بصلاحيات كاملة "Transitional Body with full authorities" بما فيها الأمن والجيش، وهو ما قد يكون مقدمة لتحييد هذه المؤسسات التي تشكل ركائز النظام الأساسية، وأده بطشه بما يساهم لاحقًا في تفكيك منظومته السياسية والاقتصاديّة.

نجح الائتلاف في التأكيد على هذه النقطة كمطلب وهدف واضح للمؤتمر. وبناء عليه، فإن الائتلاف يجب أن يستمر في هذا النهج، وأن يتجنب تقديم مطالب كثيرة متشعبة التفاصيل، إذ لا يستطيع هزيمة النظام في لعبة يبرع فيها بحكم خبرته التفاوضيّة وجاهزيته الفنية والتقنية. 

لقد أدرك النظام منذ وقت طويل خطورة حصر أهداف المؤتمر في "تشكيل هيئة حكم انتقالية كاملة الصلاحيات، وسعى جاهدا إلى حرف الاهتمام بها لصالح قضايا وتفاصيل أخرى كمكافحة الإرهاب وحماية الأقليات، والبدء بالترتيبات الأمنيّة المحلية. وقد كان انزعاج وفد النظام واضحا بعد فشلهم في حرف المؤتمر عن أهدفه للتركيز على مكافحة الإرهاب. وقد عبر عن ذلك صراحة عضو وفد النظام بشار الجعفري خلال المؤتمر الصحفي الذي عقد في نهاية اليوم الأول من المؤتمر.

يعد مؤتمر جنيف2 معركة سياسيّة لا تقل صعوبة عن المواجهة المسلحة في الداخل، وتستطيع المعارضة إذا ما نجحت في تشكيل الهيئة الانتقالية ذات الصلاحيات الكامة تحقيق جزء كبير من أهداف الثورة وخاصة استبعاد الأسد، وطغمته من مستقبل سوريّة. لذلك فإن التحدي الأكبر يكمن في تسريع تشكيلها، واختيار الشخصيات المؤهلة في المعارضة والنظام لتكون ضمنها.

من كتاب "زمان الوصل"
(115)    هل أعجبتك المقالة (121)

افرام ابو جورج

2014-01-23

انا شخصيا فقدت الامل للتباعد بين الموقفين المعارضه ووفد المعلم لذلك كنت اتمتع بالنظر الى وجهين جميلين وحه لونا الشبل ووجه فتاة جميله كانت بجانب كيري.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي