لم تكن مفاجئة الهوّة التي ظهرت بين وفدي المعارضة السورية ونظام الأسد، فكانت تجسيدا للواقع ووجها آخر للفجوة بين اللاعبين الكبار الولايات المتحدة وروسيا.
ففي حين اعتبر وزير خارجية الأسد "المعلم" أن الحديث عن رحيل الأسد مجازا خط أحمر و"يحرف مسار جنيف"، سارع الجربا ليرد بأن وجود الأسد أيضا خط أحمر وخروج عن مسار جنيف.
ولم يأتِ الطرفان بجديد في خطابهما، فرسول الأسد استمر بتدبيج الاتهامات في خطاب إعلامي لم يحد عنه النظام من بداية الأزمة الذي كان يتوجه إلى غير السوريين أكثر من توجهه إليهم وهم أصحاب الشأن، وهذا دأب النظام على مدى أكثر من 40 عاما.
إلا أن "معلم" الوفد الأسدي رفع جرعة الالتفاتة إلى الخارج مقتديا بأسياده في طهران عندما توجه إلى "كيري" بالاسم، كما لو أنه يذكّره بتعاون النظام الذي أشاد به الأمريكيون غير مرة في مكافحة الإرهاب.
"الإرهاب" كلمة السر العلنية التي يراهن عليها "المعلم" ومعلميه في طهران وموسكو ليكون طوق النجاة الأخير لنظام سقط نظريا لولا فياغرا السياسة والعسكر والسلاح القادمة من روسيا وإيران!
بالمقابل لم يخالف أحمد الجربا رئيس وفد الائتلاف السوري المعارض التوقعات ليعيد خطاب المعارضة بكلمة مدروسة مدعّمة بالدلائل والشواهد التي تستمد حقيقتها من توثيق حدوثها بالزمان والمكان.
واختصر الجربا الطريق على الحضور -كما قال في كلمته- بإعلان ما يلي:
"أولاً: إننا نوافق بشكل كامل على مقررات جنيف1 الذي اتفقتم عليه جميعاً، ونريد أن نتأكد إن كان لدينا شريك سوري في هذه القاعة، مستعد أن يتحول من وفد بشار إلى وفد سوري وطني مثلنا".
ودعا إلى توقيع الجميع الفوري على وثيقة "جنيف1" بحضور الجميع الآن، "لنقوم بنقل صلاحيات الأسد كاملة، بما فيها الصلاحيات التنفيذية، والأمن والجيش والمخابرات، إلى هيئة الحكم الانتقالية التي ستضع اللبنة الأولى في بناء سورية الجديدة."
وطرح السؤال المحوري والواضح والمباشر: "هل لدينا هذا الشريك؟ .. عندما نقول جنيف؟
وهذا يعني وقف قصف المدنيين وإطلاق الأسرى وسحب قطعان الشبيحة الإرهابيين من المدن، وطرد المرتزقة إلى خارج البلاد، وفك كل أنواع الحصار لوقف حالات المجاعة التي يعيشها شعبنا.
ثانياً- لقد حضرنا إلى جنيف2 استناداً موافقتنا الكاملة على نص الدعوة التي وصلتنا من السيد بان كيمون الأمين العام للأمم المتحدة، والتي تنص على تطبيق وثيقة جنيف1، وإنشاء هيئة الحكم الانتقالية التي هي موضوع مؤتمرنا هذا، وهي موضوعه الوحيد.
ثالثاً: نحن نعتبر النقطتين السابقتين مقدمة لتنحية بشار الأسد ومحاكمته مع كل من أجرم من رموز حكمه، وأي حديث عن بقاء الأسد بأي صورة من الصور في السلطة هو خروج بجنيف2 عن مساره. لذلك نشدد على أننا لسنا بوارد مناقشة أي أمر في عملية التفاوض قبل البت الكامل بهذه التفاصيل وفق إطار زمني محدد ومحدود، سنقدمه ونقدم مسوغاته الظرفية والسياسية في أول جلسة للمفاوضات".
ورأى الجربا أن الجميع ينتظر النتائج لاستخلاص العبر من اجتماع جنيف، مبينا أن "شعبنا الذي عانى ما عاناه يدرك جيداً أن طريق الخلاص محفوفة بالمخاطر والأمل، ويعلم أن كلفة الاعتدال في عالم تملؤه حالات التطرف باهظة."
وأضاف أن الشعب لمس فداحة الخسائر في طلب الحرية من دكتاتور مجرم، مدعوم من إيران ومرتزقتها، مؤكدا تصميم الشعب على سلوك درب حريته، "للوصول إلى دولته التعددية الديمقراطية العادلة، الدولة المؤمنة بالله، وباحترام حقوق الأفراد والجماعات، دولة الاحتكام إلى صناديق الاقتراع والقوانين التي تكفل حماية الحريات وحقوق الأفراد والجماعات".
وأردف "نحن شعب ذاق المر من استئثار فئة بغت فطغت. لذلك عقدنا العزم على إعلاء القانون فوق الجميع، لتستظل الأكثرية مع الأقلية تحت سقفه في إطار دولة جامعة تحترم تنوع بنيها."
واعتبر الجربا في كلمته أن سوريا "أصبحت بفعل إرهاب الأسد ومرتزقته، مرتعاً لبعض الإرهابيين الذين يشكلون الوجه الآخر للأسد ويهددون السلم والأمن في المنطقة والعالم.".
وأكد جدية المعارضة في مكافحة آفة الإرهاب بكل صورها ومسمياتها، مشرا إلى أن "جيشنا الحر يسطر على مدار الساعة أروع البطولات في مواجهة مرتزقة الإرهاب الدولي الذين استقدمهم الأسد وعلى رأسهم إرهابيو "حزب الله" الذي يحاكم اليوم في لاهاي لقتله رييس وزراء لبنان وقادة الرأي في ذلك البلد، ويحفل سجله بالأعمال الإرهابية على مساحة العالم. كما يواجه جيشنا الحر الحرس الثوري الإيراني، الذي تم توثيق مشاركته في القتال في سوريا عبر أكثر من مستند، وآخرها الشريط الذي صوره أفراد من الحرس الثوري أنفسهم وحصلت عليه وبثته شبكات إخبارية دولية."
وقال إن أبطال الجيش الحر يخوضون حرباً ضروساً مع مرتزقة الإرهاب الذي شحنه الأسد الابن إلى الشعب السوري من العراق، حاملاً معه أوزار تاريخ طائفي مزيف بكل ضغائنه.
وتحدث رئيس وفد المعارضة عن "داعش"، لافتا إلى "مآثر الثورة في مواجهة هذا التنظيم الذي سهل له نظام الأسد، ومكّنه في سوريا بطرق مباشرة وغير مباشرة".
وأضاف "لا زالت طائرات الأسد حتى اليوم تلقي براميلها الحارقة فوق قوات الجيش الحر لتمنعه من التقدم في معاركه مع داعش. لكن مع ذلك كله تمكن الجيش الحر بإرادة مقاتليه وغطاء كامل من الائتلاف الوطني، وبمساندة كبيرة من الدول الشقيقة والصديقة وعلى رأسها المملكة العربية السعودية؛ تمكن من تطهير إدلب وريفي حلب الغربي والشرقي وكامل حماة، من إرهاب داعش، وكبدها مئات القتلى والأسرى."
وخلص الجربا إلى القول بأن "الصورة واضحة أمامكم اليوم أيها السيدات والسادة.. فالثورة تواجه إرهاب الأسد والإرهابيين الذين أتى بهم أو سمح لهم من كل حدب وصوب، ليطهر التراب السوري، بينما يمعن الأسد في استيراد كل أشكال المرتزقة الإرهابيين المصنفين دولياً، ويدعي مواجهة الإرهاب .. فمن تصدقون؟".
زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية