ماذا يريد داوود الشريان من الثورة السورية ؟!... جعفر الوردي

إن الشخصيات التي لا تجدها على قرار معين، وتجدها بين الحين والآخر متذبذبة بين موقف وخلافه، هي شخصيات غالب ما توصف بالمرتزقة أو بالمأجورة.
وفي زمان تحكّم الإعلام بالرأي العام وتوجيهه بدأ أول ما بدأ في مصر وفي سيناريوهات الانقلاب العسكري الآثم على ثورة 25 يناير وإجهاض إرادة الشعب، فظهر إعلاميون مصريون ينادون باسم الحرية وحق الرأي والتعبير، حتى بدت عوراتهم في أنهم كانوا ينفذون أجندة معروضة عليهم، وكانوا مجرد أدوات للتعبير عن إرادة طغمة يسيرون تحت أمرها.
داوود الشريان لا يختلف كثيرا عن هذه الأصوات الإعلامية التي طفت مؤخرا، وبرنامجه المسمى (الثامنة) هو من أشد البرامج عفونة ومخالفة للمهنيات الإعلامية بل وحتى الأبجديات الأدبية والأخلاقية.
في كل جديد من حلقاته يتم تداول موضوع يستشف جميع المشاهدين من سير الحلقة أنه موضوع ليس من عند نفسه ولا من بنات أفكاره، بل يراد به تغيير صورة نمطية لدى المشاهد وإرسال رسائل تهم الذين يعمل عندهم حتى تصل وتغير فكر المتابعين له.
لا أحدثك عن الخروقات الأخلاقية والأدبية والمهنية للعمل الإعلامي في حلقته، ولن أحدثك عن السفاهة التي يحدث بها ضيوفه أحيانا، كأنه في ديوانية مفحطين يتجاذبون أطراف الصراع.!
ظهر في حلقته الأخير أنه الأب الشفوق على المواطنين وأن الرحمة متوردة في فؤاده ودموعه، فتحدث بطريقة سوقية عن مشايخ وشخصيات عرفت بالفكر والإصلاح واتهمها جزافا ولبّس الحق على العامة.
بيد أننا لم نرَ الشريان في كل محاور الصراع والمجازر التي يقوم بها المجرم بشار الأسد ضد شعبه منذ ما يقرب من ثلاث سنوات، ولم تظهر رحمته لا بمن فقدت ابنها ولا زوجها، ولا بمن ماتوا جوعا في سورية.
إذا كانت تلك المرأة التي امتلأ قلبك حزنا وشفقة –مصطنعة- عليها قد فقدت إبنها –وإننا لنعزيها ونجل مصابها- فإن عشرات آلاف السوريات قد فقدن أولادهن وأزواجهن، ولا بواكي لهن ولا مواسي لهن.
فهلّا أريتنا شفقتك المعفونة في كل من سقط من الأطفال والشيوخ والنساء، وجئت تتاجر بابن ثكيلة مسكينة.
إن كل مشايخ سوريا أجمع، وكل منظري الثورة من السوريين وغيرهم قالوا من أول يوم نرفض دخول أي غير سوري إلى سوريا إطلاقا ولأي سبب؛ لأن دخوله فتنة ووبال.
وأنا استضفت من أوائل أيام الثورة في برنامج (نحن معكم) على قناة المجد، العديد من الشخصيات السورية والسعودية ومنهم سلمان العودة –الذي تهجم عليه الشريان- وعبد الكريم بكار وغيرهم وكان آكد ما قالوه: عدم جواز الذهاب لسورية ولا الجهاد فيها.
فإن كان بعض السعوديين نفر من تلقاء نفسه أو حرضه أحدهم، فلا تلقي باللوم على الثورة السورية ولا على أنات الثكالى هناك.
أم أن هناك فصلا جديدا من فصول الهجوم على الثورة السورية وإسكات صوتها في البلاد العربية يتاجر الشريان بهذا المشهد، ولعل ثمة خفايا ستظهر بعد حلقته تلك..!؟
كنا نرجو أن نسمع منك مواساة لمن فقدن أولادهن من السوريات، وعزاءً للأطفال الذين يتساقطون جوعا.. لكن شيم الكرام لن تجاورك وما هي بعشم فيك..!
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية