أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

النظام متخبطا.. بين الإنكار والاتهام بتسييس التقرير، والاعتراف بوجود الصور ومن سربها!

كان من المتوقع أن يغلق نظام بشار الأسد فمه، حيال 55 ألف صورة وثقت قتله 11 ألف معتقل بشتى أنواع التعذيب والقتل، أو أن يخرج بنفي كلي كعادته، يقول فيه إن الصور التقطت في دولة أو حتى كوكب آخر.. لكن النظام الذي تمرس في المجازر وحصل على ما لايحصى من الأضواء الخضراء للاستمرار فيها دون أي خوف من الملاحقة القانونية أو حتى المساءلة، اختار هذه المرة أن يصف التقرير الحقوقي حول "جريمة العصر" بأنه "مسيس" ويفتقر إلى "الموضوعية والمهنية، ويقول إن صور القتلى لا تعود لمعتقلين في سجون النظام، بل لإرهابيين، ومجهولين، وأناس قتلهم "الإرهابيون" بذريعة موالاتهم للنظام!!

لكن اللافت في كلام النظام هو اعترافه من حيث بوجود شخص منشق زود المحققين الدوليين بالصور!، وصفه النظام بأنه "فار وملاحق قضائيا"!

وعلى خلاف المعتاد في نظام الأسد، الذي يوكل إطلاق التصريحات لوزير إعلامه، فقد حاول النظام التذاكي والإيحاء بـ"مصداقية" تصريحاته، حينما أوكل مهمة إصدارها لوزارة العدل؛ كي تبدو تصريحات الوزارة وكأنها تقييم حقوقي بحت، وهو لا يعلم او لايريد أن يعلم أن العالم كله تجاوز مثل هذه "الحركات" الساذجة من قبل نظامه.

وقد نقلت وكالة أنباء النظام (سانا) عن وزارة العدل نفيها صحة التقرير الذي أعده مكتب "كارتر- روك" البريطاني للمحاماة، ووصفته الوزارة بأنه تقرير مسيس يفتقر إلى الموضوعية والمهنية، مشيرة إلى أن "المكتب المذكور معروف بارتباطه مع جهات معادية للجمهورية العربية السورية منذ بدء الأزمة فيها".

وقالت الوزارة إن "التقرير هو عبارة عن تجميع لصور أشخاص غير محددي الهوية ثبت أن عددا منهم من الإرهابيين الأجانب الذين ينتمون إلى جنسيات متعددة ممن سقطوا أثناء مهاجمتهم للنقاط العسكرية والمنشآت المدنية، وقسما منهم من المدنيين والعسكريين الذي قضوا نتيجة تعذيبهم وقتلهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة بداعي موالاتهم للدولة".

وأوضحت الوزارة في بيانها أن التقرير استند إلى مجموعة من الصور التي تم تزويد المكتب بها من قبل أحد الأشخاص الفارين خارج سوريا والملاحق قضائيا أمام المحاكم السورية المختصة، مدعيا أن الصور التي حصل عليها كانت من خلال عمله كمصور لدى إحدى الجهات العامة وهي صور لجثث تم الادعاء بأنها لمعتقلين ماتوا بسبب التعذيب أو القتل أو التجويع.

وقالت الوزارة: "إن كل من يعمل في مجال التحقيق الجنائي يمكنه أن يكتشف أن هذه الصور مزيفة لعدم ارتباطها بمعتقلين أو موقوفين في السجون السورية".

وأشارت الوزارة إلى أنه يتضح من التقرير أن المكتب قد استمع إلى شهادة أحد الأشخاص الذي أعلن أنه غادر سوريا بعد خمسة أيام من بدء الأزمة، متسائلة.. "كيف تمكن من الحصول على ما ادعى أنه وثائق ومستندات".

وبينت وزارة العدل أن صدور هذا التقرير قبل يوم واحد من انعقاد مؤتمر جنيف في الوقت الذي يشير فيه معدو التقرير وفي أكثر من موضع إلى أن الوثائق كانت بحوزتهم منذ فترة زمنية طويلة إنما يدل دلالة قاطعة لا تحتمل الشك على أن الغاية من نشره سياسية بامتياز وذلك لتقويض الجهود الرامية إلى إحلال السلام في سوريا وإنهاء الإرهاب الدولي فيها.
وقالت الوزارة في ختام بيانها: "نؤكد مجددا أن السجون السورية تخضع لرقابة دقيقة من الجهات القضائية المختصة والنيابة العامة والتفتيش القضائي الدوري، كما أن المحاكمات تتم أمام جهات قضائية مختصة بصورة علنية، ووفقا لأفضل معايير العدالة المتعارف عليها عالميا وتمت زيارة الصليب الأحمر لهذه السجون خلال الأزمة الراهنة".

وتوضح قراءة سريعة لبيان وزارة "العدل!" التابعة للنظام، أنه مليء بالمتناقضات التي تكشف مستوى متدهورا من التخبط، ففي بداية البيان ينفي النظام صحة الصور جملة وتفصيلا، ثم يعود ليقول بأن التقرير الذي استند إليها "مسيس" ويفتقد "للموضوعية والمهنية"، وما يلبث بعد سطور قليلة حتى يقول إن الصور هي تجميع لقتلى مجهولي الهوية، ثبت أنهم "إرهابيون أجانب ممن سقطوا أثناء مهاجمتهم للنقاط العسكرية والمنشآت المدنية، وقسم منهم من المدنيين والعسكريين الذي قضوا نتيجة تعذيبهم وقتلهم من قبل المجموعات الإرهابية المسلحة بداعي موالاتهم للدولة"، ثم يتراجع قليلا ليقر بوجود شخص سرب الصور، ومن ثم يعود ليقع في شر كذبه، فلاينفي صحة الصور، بل ينفي "ارتباطها بموقوفين في السجون السورية"، وأخيرا يقحم نفسه في دوامة سؤال ساذج يستفهم فيه عن مغزى الكشف عن الصور المريعة قبل يوم من جنيف2، رغم أنها كانت بحوزة معدي التقرير منذ زمن، وكأن المسألة هنا ليست الجريمة بل توقيت الكشف عنها!
أما الفقرة الأخيرة التي تدعي أن سجون النظام "تخضع لرقابة دقيقة من الجهات القضائية المختصة والنيابة العامة"، وأن "المحاكمات تتم أمام جهات قضائية مختصة بصورة علنية، ووفقا لأفضل معايير العدالة المتعارف عليها عالميا"، فهو أمر ثابت كذبه بآلاف الشهادات، التي وردت عن ألسنة ناشطين، بل وحتى على ألسنة محامين محايدين يترفعون في قضايا بعض المعتقلين، حيث أقر واحد من أشهرهم بوجود المحاكم الميدانية التي لا يضبط حكمها ضابط، ولايحق لمحام أن يترافع أمامها، ولا تخضع أحكامها لأي نوع من أنواع النقض والاستئناف، وهي المحاكم التي جردها حافظ أواخر السبعينات وأوائل الثمانينات ليصفي الآلاف من خصومه ومعارضيه، وعاد بشار ليشهرها فوق رؤوس الثوار وكل من والاهم، فصارت هذه المحاكم منعقدة باستمرار للتمكن من "مواكبة" كثافة ملفات المحتجزين، و"الوفاء" بإصدار الأحكام العاجلة بحقهم!

زمان الوصل
(110)    هل أعجبتك المقالة (105)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي