أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

حلب.. مسلسل مكسيكي لا ينتهي، ماذا بعد طرد "الدولة"

مثّل انتصار كتائب جيش المجاهدين (المكوّن من لواء نور الدين زنكي، ولواء الأنصار، تجمع فاستقم كما أمرت، لواء الحرية، وآخرين) في مدينة حلب، وتمكّنها من طرد فصائل تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام حالة من الانشراح لدى العامة من الناس، والمكونات التي كانت تقود الحراك في المدينة لا سيما المتضرر الأكبر من التنظيم ألا وهو "الإعلاميين"، إلا أن ذلك "الانشراح" يبدو مؤقتاً.

فبالرغم من السواد والغموض المحيطين بتنظيم الدولة الإسلامية، وابتعادها عن الإعلام ومحاربته فيما بعد عبر اغتيال العاملين فيه، إلا أن التنظيم استطاع أن يضع بعض الأمور الأساسية في المدينة في نصابها، وحظي بنسبة معقولة من التأييد، وربما هو التأييد "اللحظي" أو الوقتي الذي ينتاب العامة في لحظة يأس.. يأس من كل شيء.. من جهات داخلية معلّقة لا يتبين منها بصيص ضوء، ومن نظام أعلن شعار (من ليس معي فهو ضدي) ومن لصوص، ومافيات وأمراء حرب باتوا خزان السلب والنهب الذي تعرض له الناس.

ففي غمرة كل هذا، حمل تنظيم الدولة على عاتقه، وطبعاً بعد سيطرته على موارد القمح وبعض من موارد المحروقات والنفط، إلى الظهور بمظهر المدافع عن الناس، وعن لقمتهم، فاقتلع ذكر أشخاص طالما دوت أسماؤهم في سماء حلب، وطالما كانت في مقدمة الذكر عند الحديث عن السرقات والسلب أو "التشويل" كما يقال عنه شعبياً.

إجراءات تنظيم الدولة دفعت العامة "اليائسة" أساساً إلى تأييدها، بينما انشغل أولئك القادة ومنذ البداية بتفريغ المصانع والمنازل بتهم مختلفة ليس أبسطها "التشبيح" فظهر تنظيم الدولة بمظهر المدافع الحامي، العامل بشرع الله.

إجراءات التنظيم حقّقت غاياتها في كسب تأييد العامة "اليائسة"، إلا أنّها (بقصد أو بغير قصد) تسبّبت بإضعاف عدة جبهات كانت مسنودة بفضل أولئك الذين كانوا يقومون بالسلب والنهب، ويطلّ أحد أبرز تلك الأسماء "حسن جزرة" الذي أعدمته الدولة الإسلامية بعد القبض عليه بتهم عدة...

خالد حياني.. اسم آخر من أسماء أمراء الحرب الذين لمعوا في حلب، تعرّض الأخير لهجوم كثيف من التنظيم من الناحية الشمالية لمواقع رباطه في جبهة الخالدية والشيخ مقصود والأشرفية، وخسر حاجز "الكاستيلو" الشهير لصالح الدولة، ليصبح مع مقاتليه (لواء شهداء بدر) بين فكي كماشة، تنظيم الدولة من الشمال، وقوات النظام من الجنوب، ولم يفلح التنظيم بالقضاء عليه، إلا أنّه وقع في حصار أربك أداءه القتالي مع قوات النظام.

تحرير المحرّر..
كان لانهيار منظومة "الدولة الإسلامية" في حلب، أثراً واضحاً على الحياة لدى العامة، فيما بقيت أشياء أخرى على حالها، ويرى ناشطون في حلب أن لا شيء تغيّر سوى حالة الخوف التي ازدادت، فمثلاً كان الأهالي يترقبون بقلق براميل الطائرات الحربية الساقطة من السماء قبل انهيار "الدولة"، أما اليوم فإنهم ما زالوا شاخصين بأبصارهم باتجاه السماء، بالإضافة إلى انتظار التفجير المرتقب من قبل تنظيم "الدولة".

عمليات الانتقام من قل تنظيم "الدولة" دفعت الفصائل من جيش المجاهدين والفصائل الأخرى، باتخاذ إجراءات احترازية أبرزها إقامة الحواجز في كل مكان، والتفتيش الدقيق للسيارات، إلا أن ذلك لم يفلح في منع الاختراق، فشهد حي مساكن هنانو تفجيراً انتحارياً في مقر للواء التوحيد أودة بحياة العديد من عناصره، إضافة إلى مدنيين.

وعادت قصص السلب والنهب لتطفو على السطح، ومن أسماء كانت سابقاً ذائعة الصيت بذلك كـ "غرباء أبو الليث" الذي نشر عنه أنه قام باغتصاب نساء تابعات لمهاجرين من تنظيم الدولة في محاولة انتقامية، حيث يعمل أبو الليث بشكل لصيق مع "جزرة".

إلا أن الهيئة الشرعية في حلب، والتي تعتبر الجهة صاحبة القرار (هكذا يفترض) نفت أن تكون عصابة "أبو الليث" موجودة، ودعت لتزويدها بمعلومات (إن وجدت) عن تلك العصابة، كما نفت شائعة الحادثة التي انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي.

ابتزاز من نوع آخر.. 
الابتزاز أحد أبرز القيم السلبية التي تميزت بها فترة تحرير حلب منذ عامين، وغالباً ما يكون على شكل اختطاف لطلب فدية، إما سلاحاً أو مالاً، والذرائع دائماً موجودة، ولا تنتهي.

كانت تهمة "شبيح" سابقاً الكلمة الأولى التي تدور في البال لدى السؤال عن سبب الاختطاف، أما بعد تحرير المدينة من تنظيم الدولة، فباتت تهمة "داعشي" مقابلة لتلك التهمة.

وكمثال عن تلك الظاهرة، علمت "زمان الوصل" منذ فترة قريبة باعتقال أحد أفراد تنظيم الدولة بتهمة ادعائه الانتماء إلى جيش المجاهدين، وتبيّن لاحقاً بأنه كاذب، فكان الخطف، وطلب من ذويه فديةً عبارة عن بندقية كلاشينكوف، ليصار إلى إطلاق سراحه.

ظاهرة اختطاف الإعلاميين لم تنتهِ بخروج "الدولة" فقد شهدت حلب عدة حالات اختطاف بعد خروج التنظيم وأبرها اختطاف الناشط الإعلامي "أبو وسيم" الذي يعمل لصالح مركز حلب الإعلامي.

ولاحقاً تعرّض الناشط الإعلامي "شاهر أبو صلاح" لمحاولة اختطاف فاشلة في منطقة "الشعار" استطاع الفرار منها، واكتفى الخاطفون بإطلاق رصاصة عليه اخترقت قدمه.

إلى ذلك تداول ناشطون خبراً آخر، عن تلك الخروقات التي حدثت وتحدث بعد تحرير المدينة من تنظيم الدولة، وهو سرقة مولدات كهربائية من بريد جسر الحج، وهو منطقة تتبع بالأصل لسيطرة تجمع "فاستقم كما أمرت" الفصيل الأبرز في تجمع "جيش المجاهدين"، إضافة إلى سرقات أخرى يجري الحديث عنها في كل من "الهلّك وبعيدين".

محفر الصالحين، والذي كان عبارة عن مركز خدمات تعنى بالماء والكهرباء والإغاثة أيضاً تعرّض للسرقة، وكان المبنى تحت سيطرة تنظيم الدولة.

في حلب اليوم، يترقب الأهالي حدوث معجزة، معجزةٍ من أي نوع، فبراميل الطائرات الحربية ما تزال تصدح بصوتها يومياً، واقتتال الفصائل لم يبدأ بعد بحسب مصادر جيش المجاهدين، إذ إن ردة الفعل الهزيلة لتنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام، المعروف ببطشه كانت مفاجئة وكانت توقعات الناشطين قبل ذلك أن تكون أقوى، الأمر الذي ينذر ربما بحدوث أمر كبير في الأيام القادمة.

عابد ملحم - حلب - زمان الوصل - خاص
(122)    هل أعجبتك المقالة (119)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي