بتاريخ 1/12/ 2014 عقد اجتماع وزاري لمجموعة دول "أصدقاء سوريا" في العاصمة الفرنسية باريس، وصدر عنه بيان ختامي يشبه بيان لندن الصادر بتاريخ 22/ 10/ 2013 عن الدول نفسها على مستوى القادة، والذي لم ينفذ أي من بنوده.
وإليكم إثبات ذلك بالوقائع:
دعا بيان لندن "حزب الله" وإيران والقوى الأجنبية والمقاتلين الأجانب للانسحاب من سورية، وهو ما لم يحصل، بل على العكس زاد التدخل الإيراني المنظم في سوريا لاسيما في فترة ما بين المؤتمرين (لندن وباريس)، وبتسهيل كامل من نظام الأسد، وغطاء من روسيا الاتحادية، حتى كادت سوريا أن تصبح دولة محتلة.
وعلى الجانب الآخر جاء بيان باريس مكتفيا بإدانة المقاتلين الأجانب إلى جانب النظام والمجموعات المتشددة، ومطالباً بانسحابهم الفوري والدعوة لوقف تقديم المساعدة لهم.
أدان بيان لندن "جرائم النظام وبالأخص استخدام الكيماوي"، ولم يعمل المجتمع الدولي على محاسبة النظام لارتكابه جريمة القتل بعد تسليمه أداة الجريمة (الأسحلة الكيماوية)، بينما جاء بيان باريس بإدانة سياسة التجويع التي اعتبرها جريمة ضد الإنسانية، وهذه السياسة يطبقها النظام منذ 9 أشهر بحق 3 مناطق رئيسة (أحياء حمص المحاصرة، والغوطة وأحياء دمشق الجنوبية)، وهذا يوضح أن المجتمع الدولي لم يستطع إيقاف سلسلة ممتدة من الجرائم ضد الإنسانية، وعجز عن إدخال رغيف خبز واحد إلى هذه المناطق.
طالب بيانا لندن وباريس بفتح ممرات إنسانية آمنة وإدخال المساعدات الإنسانية العاجلة، وهو ما لم يتحقق أبداً، بل على العكس ارتفعت أعداد الضحايا بسبب سوء التغذية ونقص الوقود، حيث توفي 20 سورياً على الأقل نتيجة البرد القارس، في آخر هجمات البرد.
لم يتم إطلاق سراح المعتقلين، وفي طليعتهم النساء والأطفال أو إدخال المساعدات الإنسانية العاجلة أو تهيئة ظروف مناسبة لعودة اللاجئين وتلبية حاجات النازحين، كما طالب البيان كإجراءات لبناء الثقة، بل على العكس تماما ازدادت حركات النزوح إلى بلدان الجوار وخصوصاً بعد اقتحام النظام للقلمون بريف دمشق وارتكابه مجزرة النبك التي راح ضحيتها المئات خلال 6 أيام، وتم تشديد الحصار على المناطق المحاصرة، واستمر النظام في استخدام التجويع كأداة حرب لتركيع المدنيين في المناطق المحاصرة، وإجبارهم على الرضوخ لبعض الشروط المذلة كما حصل في المعضمية.
لم يتم إيقاف القتل كما طالب بيان لندن بل على العكس قتلت البراميل والحاويات المتفجرة ما يقارب 1000 شخص من المدنيين في مدينة حلب لوحدها منذ 15/ 11/2014، والمجتمع الدولي "تسامح" بشكل مقزز مع هذه الجرائم.
مازال المجتمع الدولي يتعامل مع الشعب السوري ونظام أسد على أنهم طرفان متساويان لا يفرق بين الجاني والضحية في مساواة بين الضحية.
لم يثن البيان على محاربة الغلو والتطرف الأعمى من قبل الجبهات وغيرها من الثوار الحقيقيين، واكتفى بعبارة "ندعم المجلس العسكري الأعلى بالكامل، وكذلك قوات جماعات المعارضة الديموقراطية في تحركهم ضد تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام -داعش-"، واستثنى البيان بذلك قوى ثورية تحارب الغلو والتطرف رغم قلة ذخيرتها وعتادها، بعد إيقاف كثير من المساعدات عن المجلس العسكري الأعلى وبقية الفصائل.
افتقر البيانان لتوضيح "الأصدقاء" آليات تطبيق إجراءات بناء الثقة قبل أي عملية سياسية وإلزام النظام وحلفائه وأدواته بأي اتفاق.
إننا نجد بناء على ما سبق -وغيره- أن الخطوات التي يسير بها "الأصدقاء" متباطئة على عكس خطوات حلفاء النظام، وعليهم أن يدفعوا باتجاه تعزيز بناء الثقة مع الشعب السوري، فبيان باريس لم يأت بجديد، سوى إدانة أشكال القتل التي استحدثها النظام، مع نسيان الأشكال السابقة، وتكرار المطالب السابقة والدعوات السالفة التي لم يتحقق منها شيء.
* عضو مستقيل من "الائتلاف الوطني" - ممثل مجلس محافظة حمص
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية