أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

الساروت ودهاليز حمص القاتلة

صفر اليدين وخائب الأمل.. هكذا عاد عبد الباسط الساروت من رحلته الخطرة إلى الشمال، والتي التقى خلالها العقيد فاتح حسون قائد جبهة حمص، وشخصيات من هيئة الأركان إضافة للشيخ سهل جنيد.

الرحلة التي بدأت من الريف الحمصي في السادس عشر من أيار 2012، تعرض خلالها لصعوبات جمة، ليس أولها وعورة الطريق والطقس الماطر، وليس آخرها تجار الطرق واللصوص والاضطرار للمرور على حدود قرى يقطنها موالون وحواجز للنظام.

وبعد ثمانية أيام من النوم في العراء، وصل إلى الشمال السوري وبقي أسبوعا في باب الهوى، يطالب بإمداد كتيبته "شهداء البياضة" بالذخيرة والدعم، ويشرح خططا لفك الحصار عن حمص دون أي يلقى أي استجابة أو اهتمام.

في طريق عودته، تعرض الساروت لكمين في بلدة تدعى "الثابتية" وهي إحدى معاقل الموالين للنظام -شرق حمص بنحو 20 كم- خسر فيه ستة من مرافقيه وكل ما يملكون، واستطاع هو الهرب بجسده الجريح.

ربما ما سبق يوضح جزءا من المقدمات التي أفضت لحال كتيبة استحقت اسمها فكان جميع أفرادها "شهداء"، آخرهم سبعون شاباً لا ينتمون لأي فصيل أو حزب أو جهة داعمة قضوا في "مجزرة المطاحن" بعد افتضاح أمر خطتهم لفك الحصار، عبر أنفاق ظلوا شهورا طويلة يحفرونها بأيديهم ووسائلهم البدائية.

وربما ما سبق أيضا يوضح سبب نقمة كثير من نشطاء حمص وثوارها العارفين بدقائق الأمور وحقائقها، ممن اعتبروا أن مدينتهم تدفع فاتورة تخاذل و تقصير الكتائب و الألوية، وهم يقولون في بيان أصدروه إن أولئك القادة "ركنوا إلى الدنيا وانشغل كثير منهم في جمع المال وشراء السيارات على حساب مآسي المحاصرين".

ووجهوا انتقاداتهم مباشرة لـ"أبو راتب" قائد لواء الحق التابع للجبهة الإسلامية وقائد المجلس العسكري لحمص المحاصرة، و"أبو عزام الأنصاري" قائد كتائب الأنصار والرجل الثاني في المكان، وهما الموافقان على خطة فك الحصار، العملية التي، وفقاً لمحللين عسكريين، كانت "مغامرة محفوفة بالمخاطر" وينقصها تكتيكات، سيما أن لا مخرج آمنا فيها للجرحى، ومخرجها الوحيد كان مكشوفاً؟ والجدير بالذكر أن هناك العديد من الخطط التي قدمت وتم رفضها من قبل المجلس العسكري، وهذه الخطة لم تكن الحل الوحيد لكنهم اختاروها كيف ولماذا؟
"حمص ليست للبيع، قادمون قادمون"
تحت هذين الشعارين مرت سنة وأشهر على الحصار، بات المدنيون هناك كل يوم يدركون أكثر أنهم ضحية تخاذل ومصالح لأمراء حرب، ولم تنفع المظاهرات وحركة الاحتجاج التي قادها الشيخ أبو الحارث الخالدي في حي باب السباع منذ عدة أشهر وموثقة عبر مقاطع يوتيوب بمطالبة القادة إيجاد حل للمأساة.

حلان لا ثالث لهما تحدث عنهما الرجل منذ عدة أشهر، الحل العسكري الذي يضمن سلامة المدنيين وطريقاً لإخراجهم، أو الحل السياسي والتفاوض مع النظام الذي –سلفا- كان قد بدأه القادة وشكّلوا لجنة المفاوضات أو خلية الأزمة كما يطلقون عليها.

لكن المثير للاستغراب والتساؤل -والكل في حمص المحاصرة يعلم- أنه في العام الماضي بقي أحد الأنفاق أربعة أشهر متاحاً لإخراج العائلات والنساء والأطفال عبره، لماذا حين كشف أمره وسدت كل المنافذ، تشكلت اللجنة وبدأت التفاوض مع النظام عبر وسيط الهيئة الشعبية للمصالحة الوطنية؟ 
ويبقى السؤال الأهم الذي ينتظر أكثر من خمسة آلاف مدني محاصر الإجابة عنه.. على ماذا ياترى يراهن المجلس العسكري في حمص إذا كان ليس لديه القدرة على إيجاد حل عسكري للأزمة، وليس لديه مقومات للصمود أكثر؟

حمص عاصمة للثورة.. في بيانات القادة والخطب الرنانة الكل يتشدق بذلك، نعم هي عاصمة بالتأكيد بنيت على أجساد ودماء الفقراء والمساكين.

(123)    هل أعجبتك المقالة (123)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي