أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

من هو السوري ؟ ... مازن كم الماز

خلافا للرواية السائدة عن "بلاد الشام" لا يمكن لسوريي هذه الأيام أن يذكروك ببني أمية , و لا بأي من "الفاتحين" أو "الغزاة" أو الحرس أو العسس و غيرهم من "العظماء" الذين مروا من هنا .. إذا ابتعدت عن الفنادق و عن البيوت الدافئة المريحة لبعض سادة هذا الزمان , إذا كنت تقصد أطفال مخيم الزعتري أو أحياء حلب المحاصرة برا بالرصاص و جوا بالبراميل فلا يمكن أن يتبادر إلى ذهنك قصر أحد السلاطين , و لا إحدى مدن الشرق الذي ينام بصمت تحت سياط الحرس .. مخيمات اللجوء لا تشبه مدن الملح , و لا مدن الذهب .. قبل عقود ولدت تلك المخيمات أول مرة , تماما حيث تولد اليوم من جديد , ذات يوم ولد هنا , في مخيمات كهذه , أحمد العربي , أحمد هذا الذي لا يموت , و لا ينتصر , الذي لا يكتشف طريق العودة و لا يصعد إلى السماء , فيبقى منفيا حيث هو , باحثا عن حضن أمه التي قتلها الطاعون , أحمد الذي لا ينتصر و لا يهزم , لكنه ما زال يحلم , و يقاوم , يحاول أن يقاوم .. أصبحت حيفا بعيدة جدا , جدا , أبعد جدا من مخيم اليرموك , من عدرا و البيضا , تاه الوطن في مكان ما بين الجنة و الجحيم .. أحمد السوري , الفلسطيني , المصري , العراقي , اللبناني , لا يمت بصلة قرابة لأي من الحراس أو الغزاة , لا رابطة دم بين أحمد الذي تصادف هذه المرة أنه سوري , عربي , مسلم , و بين "سوريين" , "عرب" , "مسلمين" كالحجاج أو قراقوش , أحمد هذا أقرب إلى الهنود الحمر الوثنيين الذين عرفوا مخيمات اللجوء و النفي و المذابح و الطاعون مثله , أقرب إلى كل مضطهد في هذا العالم , كان و سيكون .. و مثل أي مضطهد , يريدون أن يطفئوا غضبه بالخوف و اليأس , و مثل كل مضطهد , يبقى محاصرا بالشك و التردد , و مثل كل مضطهد يكره الحراس و يخشاهم , يحاول أحمد السوري أن ينهض و يسير , نحو ما يعتقد أنه الحرية

(113)    هل أعجبتك المقالة (118)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي