أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

في الانسحاب من الائتلاف وشجون المعارضة السورية

منذ أيام، حضرتُ لقاءً لإحدى الجاليات السورية في الخارج كان ضيوفه الأساسيون السيد حسن عبد العظيم المنسق العام لهيئة التنسيق الوطنية والدكتور عارف دليلة. حضر اللقاء أكثر من ستين شخصية من شخصيات الجالية فيهم مثقفون وأساتذة وأطباء ورجال أعمال، يمثلون طيفا واسعا من المجتمع السوري.

طلب الحضور من عبد العظيم أن يكون المتحدث الرئيس وأن يكون محور حديثه مؤتمر جنيف2 من حيث التحضير له وتوقعاته بانعقاده ونتائجه وكل ماله علاقة به.

قدﱠم الرجل رؤيته ورؤية هيئة التنسيق للموضوع، فركز على جهود الهيئة لتشكيل وفدٍ موحد للمعارضة السورية يضم إلى الهيئة ممثلين عن الأكراد وعن الائتلاف الوطني لقوى المعارضة والثورة السورية. ثم تحدث عن ضرورة عقد المؤتمر وعن رفض الهيئة لما أسماه بالتدخلات الخارجية التي، كما قال، أشعلت وغذت (عسكرة الثورة)، مع الإشارة إلى مسؤولية النظام في ذلك من خلال لجوئه للحل العسكري، ومُلمحاً إلى أن البديل عن الحل السياسي هو سيطرة تنظيم القاعدة و(داعش) على سوريا.

فُتح الباب للحوار والتعليق بعد ذلك، فآثرت أن ألامس الموضوع من زاويةٍ أكثر اتساعاً. بدأتُ الحديث بقولي أنه لايمكن لسوريٍ منصف أن يُنكر نضال الرجل ومعه الدكتور دليلة وغيرهما من المثقفين السوريين في سبيل إحداث تغييرٍ سياسي في سوريا من قبل الثورة. لكنني ذكرتُ أن هذا يدعونا لأن نطلب من هؤلاء أن يكونوا جزءاً من الحل لا أن يصبحوا جزءاً من المشكلة. فبنظرةٍ سُننية لمعاني ودلالات الثورة السورية، يمكن القول أنها قبل كل شيء فرصةٌ نادرةٌ لإحداث نقلةٍ في ثقافة المجتمع السوري بشكلٍ عام، وفي ثقافته السياسية على وجه التحديد.

وهذه نقلةٌ استثنائية لأن كل المنظومات الأخرى، السياسية والاقتصادية والاجتماعية، تنبثق من الرؤية الثقافية. وتغيير هذه الأخيرة بحيث تستجيب بشكلٍ أكبر لمقتضيات العصر، دون أن تتضارب مع العناصر الأصيلة في الهوية التاريخية، يؤدي بالضرورة إلى بناء منظوماتٍ سياسية واقتصادية واجتماعية تلبي أشواق وتطلعات الشعب السوري في الحرية والكرامة والتنمية. وتنفي التضارب الموهوم بين عناصر الهوية ومقتضيات العصر ومُعطياته، وتُعيد إدخال سوريا وشعبها في التاريخ بعد أن وضعها النظام الطائفي على هامشه لمدة عقود.

وذكرت في معرض الحديث أن الثقافة السياسية التقليدية كانت تتكون إجمالاً من عناصر تغلب عليها السلبية، من طغيان الأيديولوجيا إلى إنكارِ الواقع، ومن غلبة الأنا الحزبية والجماعاتية إلى الجزئية والانتقائية في التحليل والعرض، إلى غير ذلك من العناصر.

ثم حاولت ضرب أمثلةٍ على استمرار الثقافة السياسية التقليدية فيما طرحه عبد العظيم وفي رؤية هيئة التنسيق عموماً.

كان أحد الأمثلة يتعلق بمؤتمر جنيف2، حيث تساءلتُ عن السبب في إصرار الهيئة الغريب على عدم الذهاب إلى المؤتمر، إذا انعقد، تحت اسم الائتلاف. ومايزيد الأمر غرابةً هو أن قيادة الائتلاف تنتمي إلى تيارٍ فكري / سياسي ليبرالي وعلماني يشترك في منطلقاته الثقافية مع منطلقات الهيئة. وكان، بالمناسبة، في اللقاء مجموعةٌ من أعضاء اتحاد الديمقراطيين السوريين الذين أكدوا على ذلك خلال الجلسة، بل إن من المعروف تاريخياً أن هناك تداخلاً تنظيمياً بين أعضاء المجموعتين على المستوى الفردي إلى ماقبل شهرين.

أكثرُ من هذا، ذكﱠرتُ السيد عبد العظيم أن الأكراد باتوا ممثَلين في الائتلاف الوطني بمجموعةٍ كبيرة، وأن المراجع الكردية الرسمية أقرت هذا التمثيل. فلماذا هذا الإصرار على الأنا الحزبية وعلى وجود (لافتة) هيئة التنسيق تحديداً؟ ولماذا كل هذه (الجهود) التي تحدث عنها لتوحيد وفد المعارضة؟

وفي مثالٍ آخر على استمرار الثقافة السياسية التقليدية، ذكﱠرتُ الرجل أيضاً أن مقولته بأن (داعش) ستكون بديل النظام ليست اجتزاءاً وتشويهاً للحقيقة فقط، بل إنها تُطابق دعاية النظام التي يستعملها لتخويف السوريين والعرب والمجتمع الدولي من الثورة والثوار في سوريا. وأكدتُ على المفارقة التي تتمثل في أن مَن كان يقاتل (داعش) وقت انعقاد اللقاء لم يكن عبد العظيم أو أنا أو أحداً من الحضور، وإنما كان مجموعات عسكرية إسلامية سورية، وهذا له دلالات لايجب أن تخفى على أمثاله، إلا في حال الإصرار على إنكار الواقع، وهو عنصرٌ أيضاً من عناصر الثقافة السياسية القديمة.

أخيرا، وانسجاماً مع الشفافية والصراحة التي لايمكن أن نعالج قضايانا بالهروب منها، عبرتُ عن الخشية من ضياع الفرصة التاريخية التي تحدثنا عنها أعلاه بسبب التوتر والخوف والتحفز الذي أصاب الليبراليين والعلمانيين مما يُسمى (أسلمة الثورة)، وهو توترٌ بلغ درجة الهاجس والوسواس، خاصةً لدى من ينخرطون في هياكل العمل السياسي. 

إذ ترى غالبيتهم مُشتتين في الفكر والممارسة بين محاول تحقيق مايرون أنه مصلحة البلد، وبين حبك المناورات والتحالفات داخلياً وإقليمياً ودولياً لمحاربة تلك (الأسلمة) المُفترضة. فتأتي خلاصة عملهم خليطاً لاتنسجم مكوناته، وتُظلم مافيه من إيجابيات بأخبار الوقائع التي تدخل في إطار (حربهم) الأيديولوجية، الشرسة أحياناً، والتي تأتي باسم الحفاظ على مدنية الثورة.

والحقيقةُ أن الموضوع أكثرُ تعقيداً من هذا التبسيط والاختزال. فالإسلام السوري كان وسيبقى إسلاماً حضارياً يحب الحياة والعمل ويُقبل على الدنيا، ويستمتع بالفرح والبناء والنجاح. وإذا لم يتعاون المثقفون من جميع المشارب على ترسيخه بما هو عليه فسيكونون عندها جزءاً من المشكلة، ويُصبحون مع الزمن شيئاً من التاريخ.

أستميح القارىء الكريم العذر في طرح ماسبق، لكنني أردتُ أن يكون طرح الأفكار المذكورة في سياقها الطبيعي. لننتقلَ الآن إلى الحديث عن الائتلاف وأحداثه الأخيرة، وخاصةً قصة الانسحابات الكبيرة منه، سواء على مستوى الأسباب أو النتائج الممكنة. ولنفكر جميعاً بوضوح فيما يمكن أن يحقق مصلحة الثورة وسوريا المستقبل.

فقد حصل لغطٌ كثير حول الموضوع، لكنني أقول من البداية أن من الظلم بكثيرٍ من المقاييس مهاجمته واعتباره، من قبل البعض، محاولةً لشق الائتلاف ودليلاً على حب الهيمنة والزعامة وماإلى ذلك.

هانحن نعود مرةً أخرى إلى التبسيط والتسطيح وردود الفعل، وقد يكون هذا مُبرراً لبعض من لايعلم أجواء وخلفيات وتاريخ الائتلاف، لكنه ليس مبرراً لمن يُحيط بتلك الأمور. فلنَبسُطها إذاً بما يمكن من شفافية وصراحة، ولنترك الحكم عليها بعد ذلك لحكمة المواطن السوري ووعيه الذي يجب أن نثق فيه.

لابد من الإشارة هنا إلى أنني لم يسبق وتناولت أسماء شخصيات تعمل في أوساط المعارضة قبل الآن في مقالاتي على مدى ثلاث سنوات، وذلك رغم معرفتي اللصيقة وزمالتي مع الغالبية العظمى منهم. إذ شاءت الأقدار أن أساهم في تأسيس المجلس الوطني من اللحظات الأولى مع عدد من الزملاء غالبيتهم من رموز المعارضة الآن. وقد سافرت قبلها إلى الدوحة للقاء الدكتور برهان غليون في منتصف شهر نيسان عام 2011م، أي بعد شهر من انطلاق الثورة لإدراكي، بحكم التخصص في حقل العلوم السياسية، بأن هناك حاجة لوجود عنوان سياسي للثورة، وعلمي بأن غليون كان يتحرك في هذا الاتجاه.

وكان أن حضرت اجتماعات الدوحة لإيجاد جسم يمثل المعارضة سياسياً برعاية المركز العربي للدراسات، إلى غيره من المؤتمرات والندوات والنشاطات. كل هذا قبل تشكيل المجلس الوطني بتاريخ 2 تشرين الأول / أكتوبر من العام نفسه، حين كُتب بيان التشكيل على (كمبيوتري)، ثم اختارني الزملاء لأكون الأمين العام الأول للمجلس. كما أن الصداقة مع الزميل أحمد الجربا قديمة وتعود لتلك الأيام، كما هو الحال مع غيره من (قيادات ورموز) المعارضة. هذا فضلاً عن المشاركة مع آخرين في تشكيل الائتلاف، وغير ذلك من الوقائع الموثقة التي ستكون مجال دراسات وكتابات تدريجياً.

يضطر المرء لذكر ماسبق لتوضيح الخلفية التي تُشير إلى وجود مُعطيات تُضفي بعض مصداقية على كل ماهو وارد في هذه الورقة، بحيث لايظن البعض أنها مجرد تخمينات واستقراء، ولايحاول البعض الآخر تسليط أشعة الحرمان عليها بدعوى عدم المعرفة بالأمور والخلفيات.

لايمكن طبعاً القول أن المرحلة الأولى لتاريخ الائتلاف كانت وردية، فرغم بعض الإنجازات، ورغم الظروف غير الطبيعية التي صاحبتها، كان يمكن بالتأكيد أن تُنتج عطاءً أكبر.

لكن المرحلة الثانية أتت بزخمٍ إقليمي ودولي رفع بطبيعته العامة ووعوده الخاصة توقعات السوريين، وأعضاء الائتلاف تحديداً، إلى درجة كبيرة. خاصةً وأن القيادة الجديدة أمسكت بصرامة بكل مواقع القرار وأصبحت قادرةً على تنفيذ رؤيتها بشكلٍ كامل. 

من هنا، كان طبيعياً أن تكون هناك فترة ترقب وانتظار، لكن الأحداث أثبتت على مدى أشهر أن الوضع بقي على حاله في الجوهر. وبغض النظر عن شيء من الترتيبات الإدارية الداخلية، وبعض التطوير في العلاقات الخارجية التي لم تُسفر عن دعم سياسي وإغاثي وعسكري ملموس للأسف، بات واضحاً في الأشهر الأخيرة أن الائتلاف وصل إلى حالةٍ من (الاستنقاع) السياسي بشكل عام. بل إن الخلافات الشخصية والتكتلات الصغيرة زادت في صفوف القيادة وأعضاء الهيئة من التيار الذي ينتمي إليها وهو اتحاد الديمقراطيين، وتجلت أحياناً في ممارسات مُعيبة سمع عنها كل الناس.

لكن الأهم من هذا أن قيادة الائتلاف لم تكن أبداً قادرة لاعلى قراءة التحولات الخطيرة التي تجري على الأرض، ولا على التواصل مع القوى الأساسية الفاعلة فيها. ورغم أنني كتبتُ في مقال صحفي أن تلك القوى مُطالبة بالحوار مع كل من يعمل في المسار السياسي، وخاصة ضمن صفوف الائتلاف، إلا أن من المؤكد أن المسؤولية الأساسية في ذلك تقع على قيادة الائتلاف.

ولمعرفة الأسباب بدقة، نعود هنا لتحليلنا عن حالة الهلع والذعر التي كانت ولاتزال تتلبس الزملاء ممن يصنفون أنفسهم في إطار التيار الليبرالي والعلماني من (أسلمة الثورة)، ومن هؤلاء بالطبع أعضاء الاتحاد الديمقراطي في الائتلاف وتحديداً قيادتهم، سواء كانت المُعلنة والرسمية، أو الحقيقية المتمثلة في السيد ميشيل كيلو. وقد زادت المشكلة تعقيداً مع بعض الخلافات بين الطرفين ومع (غموض) طريقة عمل كيلو في الائتلاف، حيث يظهر دوراً وشخصاً حيناً ويختفي أحياناً، ومع تناقض تصريحاته وآرائه في بعض الأحيان.

وكما قال أحد ضيوف اللقاء المذكور أعلاه للسيد حسن عبد العظيم بعد أن طلب منه ضرورة اللقاء مع القوى العسكرية المؤثرة في الداخل السوري: ".. ولكن كيف يمكنكم التأثير بهم وأنتم لاتعترفون بهم أصلاً؟".

نحن إذاً لسنا بإزاء عدم اعترافٍ من طرفٍ واحد كما يختزل الكثيرون الموضوع حين يُنحون باللائمة على قوى الداخل، وإنما ثمة واقع عملي يتمثل في عدم اعتراف قيادة الائتلاف بأولئك شعورياً وعملياً، بل وفي محاولات مستميتة يعلم العارفون بتفاصيلها لإلغائهم وتهميشهم بأساليب مختلفة. وحتى نكون جديين، نحن لانتحدث هنا عن بعض التصريحات الخجولة الإعلانية عن تقدير قوى الداخل، وإنما عن وقائع وأحداث لايخرج إلى الإعلام منها إلا قمة جبل الجليد.

وبغض النظر عن رأي قيادة الائتلاف في تلك القوى، فإن ألف باء الفكر السياسي يقول بأنها أمرٌ واقع لايمكن تجاهله على الإطلاق. هذا في أقل الدرجات لأن هناك معطيات أهم. فالمتابعة الدقيقة والقراءة المحترفة لطروحات وممارسات تلك القوى تُظهر تطوراً مضطرداً في رؤيتها، وهو ما أدركته قوى إقليمية ودولية كما ذكرنا في أكثر من مقال. ومادورُها الراهن في التعامل مع تنظيم الدولة إلا واحد من الدلائل على ذلك.

من هنا، كان حرياً بقيادة الائتلاف أن تُحيط بكل هذه الصورة، وأن تمتلك حصافةً سياسية وإبداعاً في الممارسة السياسية يجعلها تصرﱡ على مدﱢ اليد لهؤلاء والتواصل معهم، وأن يحصل هذا بالتنسيق الكامل مع القوى والأفراد الأقدر على ذلك داخل الائتلاف وخارجه. لكن هذا لم يحصل على الإطلاق. 

كان يجب أيضاً على قيادة الائتلاف أن تُدرك أن هذا الانفصام الكامل سيؤدي بشكلٍ طبيعي إلى يأس قوى الداخل من فعالية الائتلاف، خاصةً مع ماذكرناه من انسداد الأفق السياسي، ومع شبه انقطاع الدعم العسكري، ومع انعدام الدعم الإغاثي الضروري جداً للشعب السوري بجميع أطيافه.

وإذا أضفنا إلى هذا الأخطاءَ الاستراتيجية في التعامل داخل الائتلاف وخارجه مع ملف جنيف2، نجد أن موضوع الانشقاقات يأخذ حجمه الطبيعي في هذه المرحلة الحساسة.

فالمعلومات المتوفرة تفيد أن المنشقين أدركوا حجم الهوة مع الداخل منذ زمن وقدﱠروا خطورة استمرارها. وأنهم، رغم تفاوتٍ في وجهات النظر مع الرؤية الكلية لقوى الداخل، قاموا بالتواصل معها، وغالباً بطرق غير مباشرة. 

كان هذا يهدف أولاً إلى إشعار تلك القوى بالحاجة للتواصل مع العاملين في المسار السياسي وعدم اندفاعهم إلى إلغاء كل ماله علاقة بالائتلاف من حساباتهم وقراراتهم.. ثم إنه كان يهدف إلى توسيع آفاق التفكير بملابسات الوضع السوري وتعقيداته وتشابكاته العالمية، وصولاً إلى امتلاك رؤية أكثر واقعية للواقع، وعلى أمل أن تكون الممارسات والقرارات منبثقة من تلك الواقعية.

المفارقة أن أطرافاً عديدة من المنشقين حاولت تنبيه القيادة بهدوء لخطورة الوضع بالتصريح وبالتلميح، لكن الفكر السياسي التقليدي كان يغلب على عملية الاستجابة مرة تلو أخرى. 

وتشير المعلومات إلى أن محاولة تغيير القيادة عبر الانتخابات كانت محاولة أخيرة لتدارك الوضع ومايمكن أن ينتج عنه في الداخل من سيناريوهات.. لكن بعض الممارسات الانتخابية المؤسفة لم تسمح بنجاح المحاولة الأخيرة.

لم يكن ثمة بدٌ بعد ذلك من الإقدام على خطوة الانشقاق.

ورغم بعض الظواهر الخارجية، قد يُظهر التاريخ أنها كانت خطوةً منعت سيناريوهات أكثر حساسية وتأثيرا على مسيرة الثورة. وهذه مسألةٌ في منتهى الأهمية يجب أن يدرك مغزاها بدقة وهدوء أصحاب العلاقة ممن يتعاملون مع الوضع السوري بجديةٍ يقتضيها المقام...

يسري هذا الطلب على القوى السورية كما يسري على القوى الإقليمية والدولية.

المفارقة ذات الدلالة التي يجب ذكرها هنا، ولايجب القفز فوقها باختزالٍ وتبسيط، تتمثل في أن المنشقين ينتمون إلى أطياف وشرائح مختلفة. وهم لايمثلون فريقاً بعينه، بل إن التاريخ يؤكد على وجود خلافات بينهم سابقاً في وجهات النظر في جملةٍ من القضايا. والذي يعرفهم جيداً يُدرك استحالة اجتماعهم خلف فردٍ أو جهة لدعم زعامة أو طلب رئاسةٍ وموقع..

يطول الحديث وقد نكمله إذا تطلبت الأمور، لكن المسؤولية كبيرة جداً على الجميع في هذه المرحلة.

لهذا، تبدو بعض التصريحات غريبة، مثل تصريح الدكتور غليون حين يُرجع الموضوع كله إلى مصالح شخصية ويحكم عليه بأنه تهديد للائتلاف لايجوز لأي سبب، وهو ممن يجب إلى الموضوع بصورة كلية، خاصة في ظل مواقفه السابقة من عمليات انسحابٍ قديمة، كانت مبررةً لديه ولم يرَ فيها تهديداً للائتلاف. ولا تنفع البيانات التي تصف الانسحاب بأنه انقلابٌ فاشل، وتعطي المنسحبين مهلةً كأنها إنذارٌ وتهديد، ولامواقف الإخوان الذين يُرجعون الموضوع فقط للخسارة في الانتخابات ناسين تقلباتهم الكثيرة من النقيض إلى النقيض بناءً على حساباتهم الخاصة.

قد يكون في هذه المرحلة الحساسة مخاضٌ لولادةٍ جديدة، وهذا مانأمله لمصلحة الثورة، لكن الأمل الأكبر هو أن تكون هذه ولادةً يُشارك فيها جميع من يمتلك القوة النفسية والعملية على التجرد والعمل لمصلحة الثورة، تنبني على قراءةٍ دقيقة سياسية استراتيجية للواقع واستقراء علمي محترف لسيناريوهات المستقبل، يُشارك فيها المعارضون السوريون من جميع المشارب والخلفيات.

انضم حديثاُ إلى كتاب "زمان الوصل"
(125)    هل أعجبتك المقالة (114)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي