أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

ماذا بعد بيع المفتاح؟.... حسن بلال التل

تناقلت وكالات الأنباء ومحطات التلفزة العربية والعالمية خبراً يقول إنه تم مساء يوم الجمعة قبل الماضي بيع أحد مفاتيح الكعبة المشرفة في مزاد علني بدار سوذبي بلندن، وأن المفتاح قد بيع بأكثر من 18 مليون دولار أمريكي محطماً بذلك رقماً قياسياً في أسعار التحف الإسلامية.

الغريب في الأمر أن أحداً لم يسأل عن مالك هذا المفتاح وكيف وصل إليه وكيف باعه؟، كما لم يسأل أحد عن هوية المشتري الذي قال أحد التقارير الإخبارية أنه رجل أعمال إسرائيلي، فيما رجّح تقرير آخر أن المالك مجهول الهوية هو عربي مقيم في كندا، والأغرب من ذلك أن تقديرات خبراء سوذبي وهم أهم خبراء الآثار في العالم لم تتوقع أن تزيد قيمة المفتاح عن 2 مليون دولار، أي أنه بيع بحوالي عشرة أضعاف التقديرات، مما يزيد من التساؤلات حول المسألة.

إلى هنا تنتهي المصيبة الأولى، لكن المصيبة الأكبر أنه حتى اللحظة لم تصدر أية إشارات استهجان أو استنكار أو رفض عربية أو إسلامية، عدا طلب خجل من د.صالح الشيبي سادن الكعبة المشرفة موجه إلى أثرياء'' العرب أن يعيدوا شراء هذا المفتاح، بعد أن أكد الشيبي أن هذا المفتاح صالح فعلاً لفتح الكعبة لأنه رغم تغير أبواب الكعبة إلا أن قفلها لم يغير، ولم يطالب الشيبي السياسيين ولا القادة العرب حل هذه القضية.

إذن، فقد بيع مفتاح الكعبة والأنباء تشير إلى أن البائع عربي والمشتري إسرائيلي، وتناقلت وسائل الإعلام والصحافة العربية الخبر بكثير من الفخر، لأن مفتاح الكعبة قد حطم كل التوقعات وحطم مقياس أسعار التحف الإسلامية، إذن فالمفتاح هو مجرد تحفة وليس مفتاح أقدس مقدسات المسلمين، ولا رمزاً دينياً أو سياسياً أو ثقافياً، رغم أن دار المزادات ذاتها قالت إن هذا المفتاح الذي صنع للخليفة العباسي كان يحتفظ به لدى الخليفة ويتناقله الخلفاء، ويمثل رمزاً من رموز السلطة ومنعة الدولة، ولم يستهجن أحد ولم يستنكر أحد ولم يصدر أي بيان سياسي أو من جهة دينية، وحتى سادن الكعبة وحامل مفاتيحها هو وأسرته منذ العهد النبوي وبأمر الرسول الكريم اكتفى بأن طالب الأثرياء العرب بإعادة شراء المفتاح، ولم يجرؤ على أن يشير إلى السياسيين والزعماء، كما لم يقل كيف تسرب هذا المفتاح رغم تأكيده أن كل مفاتيح الكعبة الأخرى معروف تاريخها وكلها معلوم أماكن تواجدها في المتاحف العالمية.

قبل عام 48 البعض باع أرضه للإنجليز ومنها إلى اليهود، ثم أخذ غيرهم يبيعون إلى الإسرائيليين مباشرة، لكن بقي أهل القدس والناصرة وبيت لحم من أكثر الناس تمسكاً بأرضهم ومقدساتهم برغم المغريات، لكن حتى هؤلاء بدأوا ينهارون تحت شدة الضغط وقلة العون من العرب والمسلمين، ويعذرهم في ذلك طول القهر والمعاناة والاحتلال وأنهم صمدوا ستين عاماً أو يزيد، لكن صاحبنا هذا الذي باع مفتاح الكعبة بالمزاد العلني، أما كان يعلم مسبقاً أن ''الشاري'' قد يكون مجهولاً واحتمال أن يكون غير مسلم أو غير عربي هو الاحتمال الأرجح، هذا الشخص ما عذره فيما فعل، بالتأكيد ليس الحاجة إلى المال، فمن امتلك أن يحصل على هذا المفتاح أصلاً لا بد أنه ليس بحاجة للمزيد من الثروة، ثم عندما شاع خبر احتمال أن يكون ''الشاري'' إسرائيلياً لماذا لم يمتنع عن البيع؟، وعندما شاهد أن السعر تضاعف قرابة عشر مرات عن السعر المتوقع ألم يداخله شك في أن في نفس ''الشاري'' حاجة خفية؟...

وفي العام 67، وبعد أن سقطت كامل فلسطين وقفت جولدا مائير على حدود هذا الكيان المصطنع وتنشقت نفساً طويلاً وقالت: ''إني أشم رائحة المدينة المنورة''، ومنذ مدة طويلة واليهود يطالبون بحقوق مزعومة لهم في الكعبة المشرفة، لأن بانيها هو إبراهيم الخليل الذي يرونه أباً لهم كما هو أب للإسلام والمسلمين، وقبل سنوات بدأت إسرائيل تتحدث حول أموال وحقوق الإسرائيليين في الدول العربية والإسلامية التي خرجوا منها نحو إسرائيل، وقبل أسابيع أقرّ الكونجرس الأمريكي قانوناً يطالب بحقوق اليهود في الدول العربية ومبادلة هذه الأموال بحقوق أهالي فلسطين المحتلة..


إذن فالمسألة أكبر من مجرد بيع مفتاح، إنها مفتاح لفتح باب جديد من الاحتلال هو مطالبة بحقوق اليهود في الدول العربية، ومنها العربية السعودية وبالتحديد خيبر والمدينة المنورة، وإن كان هناك بحق قشة أخيرة في صراعنا مع إسرائيل فقد كانت بيع هذا المفتاح الذي لم يبق بعده ما يُباع او يشترى



[email protected]

(139)    هل أعجبتك المقالة (129)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي