أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

دروز سوريا والتبعيّة المرجعيّة.. زوبعة في فنجان "إسلام دروز إدلب" وكل يفتي على ليلاه

"أشهر دروز جبل السماق في محافظة إدلب إسلامهم"، تصريح مفاجئ، ولكن ما لم يكن بحجم المفاجأة أن الغالبية العظمى من السوريين وخصوصاً من طائفة الموحدين المسلمين الدروز كما يفضل أصحاب المهابة والحضور مشايخها الأجلاء تسميتها، توجّهت أنظارهم وأصاخت آذانهم إلى ما سيترتب على هذا التصريح من ردود أفعال جنبلاطية أرسلانية و.. وئامية؟!
فهل ارتهنت الطائفة الدرزية بدورها لمرجعيات خارجية؟ حتى لو كان هذا الارتهان على أساس مذهبي.

في سياق متصل أكدت بعض الجهات المقربة من المؤسسة الدينية في جبل العرب لـ"زمان الوصل" أن ثمة قرارا اتخذ من قبل مشايخ ووجهاء الطائفة بعدم الرد على هذه التصريحات، وبعدم الخوض في هذا الموضوع إعلامياً، فهل كان استثناءً الاختراق الجزئي الذي نفذه الشيخ "نزيه جربوع" بتصريحاته المقتضبة اتجاه الموضوع بحكم موقعه الديني كأحد مشايخ عقل الطائفة حيث أكد فيها أن الموحدين هم مسلمون وأن ما يحدث وتقوم به الجماعات التكفيرية يستهدفُ النسيج الاجتماعي السوري ككل ليس الدروز وحسب، كما يأتي هذا التصريح مشابهاً من حيث عمومية المعنى والاقتضاب لما قاله الشيخ الحناوي صاحب الصفة الدينية نفسها حين أدلى برأيه موضحاً أن السوريين لا يعرفون الأمور الطائفية وأنهم مواطنون سوريون قبل انتماءاتهم إلى مذاهبهم أو دياناتهم. وبأن الدروز مسلمون أقحاح. 

وقد جاء هذا الموقف منسجماً مع التوجه العام الذي اتخذته هذه المؤسسة الدينية من كل ما يحدث على الأراضي السورية منذ انلاع الثورة الشعبية في اذار 2011 بمحاولة نأيها عمّا يجري .. قدر الإمكان.

حيث يرى بعض وجهاء الطائفة من أصحاب الميول السياسية الوسطية أن طائفة الموحدين الدروز قد أُخرجت عمليا من الواقع السياسي السوري منذ انقلاب اّذار عام 1963 وأُخضعت لتبعية النظام الأسدي مرغمة ولأسباب وظروف عديدة، وقد كُرس مفهوم الطائفة داخلها خدمة لسلطة البعث وعليه وكأقلية مضيّق عليها من الطبيعي أن ترتهن إلى مرجعياتها الطائفية حيث لا مرجعية سياسية تحميها.

وكان لـ"زمان الوصل" لقاءٌ مع إحدى الشخصيات السياسية في محافظة السويداء حول هذا الموضوع.

ألا يشكل النظام الأسدي مرجعية سياسية للطائفة؟! على الأقل هذا ما ظهر منذ اندلاع الاحتجاجات في سوريا، وكيف تلجأ الطائفة إلى مرجعية دينية خارجية وهي التي تحوي ثلاثة شيوخ عقل داخلها؟!!.

إن نظام الأسد لا يشكل مرجعية حقيقية للطائفة الدرزية حتى وإن بدا الأمر على هذا النحو، ذلك لأن كل الطائفة وبكافة شرائحها الاجتماعية تعرف حق المعرفة أن النظام لم ولن يحميها، وأنه على استعداد لبيعها أو تركها في مهب الريح إذا رأى في ذلك مصلحة له، وفي ذاكرة هذه الطائفة مواقف كثيرة تثبت صحة هذه الحقيقة وإنّ ما يظهر شكلياً الآن من توافق بين الطائفة الدرزية والنظام ما هو إلا ارتهان المحكوم للحاكم ليس إلا. 
أما فيما يتعلق بالمرجعيات الدينية الخارجية كالزعيم وليد جنبلاط أو الأمير طلال أرسلان لذلك أسباب أخرى في جوهرها أن الدروز يدركون تماماً حجم وثقل المؤسسة الدينية الدرزية في سوريا ويعلمون أن سقوفها الفعلية تتوقف عند حدود متدنية جداً ولا تتعدى مقدرتها في التوسّط عند أولي الأمر لصالح حل مشكلات اجتماعية صغيرة، أما حيز الفعل والمناورة والقدرة على التواصل والإمداد بمعنييه المادي والمعنوي وفي ظل هذا النمط من الصراعات، فذلك شأن آخر، فأشخاص مثل وليد بك أو الأمير طلال أرسلان وبغض النظر عن مواقفهم الحالية من النظام أومن الثورة فهم على مقدرة حقيقية من التواصل والانفتاح على دول إقليمية في المنطقة وعلى عواصم قرار عالمية مختلفة، في حين تصطدم أعلى سقوف المشايخ الأجلاء عند شخص أمين فرع أمني ما أو في أحسن حالاتها عند صوت أحد ما من خلال هاتف في مكتب رئاسة الجمهورية. 
وبالنسبة لوئام وهاب فهو مجرد مراسل أو ساعي بريد لا يحتمل الموضوع ذكره في هذا السياق.

ومن فحوى ما ذكرت من إمكانية تواصل بعض الزعماء الدروز مع العواصم الفاعلة وأصحاب القرار، في لقائه مع صحيفة الأخبار قال الزعيم جنبلاط رداً على خبر إشهار دروز إدلب إسلامهم: "لم نصل إلى نتيجة إيجابية في موضوع دروز إدلب خلال تواصلنا مع الدول الداعمة للتكفيريين".
وقال: "مع الجيش الحر فينا نحكي ،أما معن ما بعرف" . هل تعتقد أن الزعيم وليد جنبلاط يملك ثقلاً يؤهله للخروج بحلول على هذا المستوى؟!.

لا يأتي تحرك وليد بك في هذا التفصيل أو غيره ربما على قاعدة الحل للموضوع السوري أو الطائفي على وجه التحديد، إنما مثله مثل كل الزعامات الطائفية التقليدية يأتي بهدف تكريس موقعه كزعيم جماعة مسؤول ومعني بحماية رعيته، أنا لا أقصد أنه لا يرغب أو لا يتمنى الوصول إلى حلول ولكن، أعتقد أنه يدرك تماماً حجم الموضوع وأنه أكبر وأعقد من هذا بكثير، من المعروف أن في ظل ما يجري على الأرض السورية وبسبب طبيعة الصراع الذي انفتح على كل أشكال التدخلات كان لابد ومن المتوقع أن تصبح المكونات الاجتماعية السورية كلها في موضع التنازع والتحشيد وهذا طبيعي في هذه الحالة ويأتي واقع الطائفة الدرزية كإحدى هذه المكونات التي لا تخرج من هذه المعادلة، فمن اللحظات الأولى للحراك الثوري السوري تنبهت كل الأطراف إلى هذا الواقع وبالتالي راح كل طرف يدعم من يمثلهم أو يعتبر نفسه ممثلا لهم على الأقل. 

والقصد هنا كل أشكال الدعم المادي والمعنوي، السياسي والعسكري والإعلامي ."كل واحد منن زبط زلمو".
ـ هل ينطبق هذا على الطائفة الدرزية رغم محاولات حيادها الدؤوب؟

طبعاً، الطائفة الدرزية طائفة ضعيفة أقصد مادياً وعسكرياً وحتى إعلامياً، والضعيف خصوصاً عندما يمارس عليه كل أشكال التخويف وتوجّه له رسائل الاستهداف المختلفة، يصبح مؤهلا أكثر وعلى استعداد أكبر للخضوع لهذا الشرط، لم يعد خفياً على أحد أن النظام وبتشكيله جيش الدفاع الوطني وتخصيصه رواتب لعناصره إنما يأتي في هذا السياق، ومن المعلوم أن الأمير طلال أرسلان له جماعته التي يمدها بالأجور ووئام وهاب عنده جماعته وهو يمدها مادياً وعسكرياً، وبطبيعة الحال فإن الزعيم وليد جنبلاط قد صرّح مبكراً معلناً عن موقفه بدعمه للحراك الثوري في سوريا وقد حث الطائفة الدرزية على الوقوف إلى جانب أصحاب الحق في سعيهم للمطالبة بالحرية والكرامة ونبّه الطائفة إلى عدم الانسلاخ عن المجتمع السوري, وعدم الانعزال عن محيطهم السني الذي يشكل الغالبية العظمى من المجتمع، كما ويؤكد أكثر من مصدر أن الحزب التقدمي الاشتراكي يدعم بعض كتل المعارضة السورية مادياً وعسكرياً خصوصاً الدرزية منها، إن وضع التعايش الاجتماعي الجيد تاريخياً للطائفة الدرزية في جبل السماق إلى حد الآن رغم أقليتهم الطائفية العددية في المنطقة ورغم فقرهم المادي وتباعد قراهم عن بعضها جغرافياً قد حوفظ عليه من خلال أمرين: الأول أنهم فتحوا بيوتهم وقلوبهم لجيرانهم اللاجئين والمهجرين من القرى السنية المجاورة على مختلف انتماءاتهم، والثاني أن التقدمي الاشتراكي لعب ويلعب دوراً جوهرياً في دعمهم لوجستياً لإبقاء هذه الحالة من التعايش قيد التحقق وبالتالي لحمايتهم ودرئ الخطر عنهم.

و هذا يعني أن ليس إعلانهم الإسلام من حماهم، فدروز إدلب لم يعلنوا إسلامهم أصلاً...على اعتبارهم مسلمون بالأساس.

ورغم أن مصادرنا تؤكد أن بعضاً منهم قد دخل الجوامع وصلى فيها، لكن ذلك حدث بشكل فردي وربما لأسباب لحظية تتعلق بسلامتهم، وبكل الأحوال إن التقارب الجغرافي للمكونات المختلفة يجعلها تتشابه من حيث العادة والتقليد والسلوك، بمعنى اّخر حجم الاختلاط والتقارب الاجتماعي في بعض الأمكنة توحّد أشكال سلوكياتها الاجتماعية وهذا لا يعني توحّد أفكارها أو معتقداتها، الأمران مختلفان، وهناك العديد من المظاهر الاجتماعية على هذا الصعيد تؤكد الموضوع، ففي جرمانا مثلاً كانت النساء ترتدي الحجاب الإسلامي السني عند نزولها إلى دمشق ذلك حفاظاً على مشاعر الاّخرين من جهة، وكتقية من جهة ثانية، حيث تمتلك الأقليات جميعها هذا المبدأ الاجتماعي الديني مبدأ التقيّة، كما أنهم يحتفلون بعيد الفطر بما له من دلالة رمزية سنيّة، و هناك فئة ليست بقليلة من سكان باب مصلى الدمشقي أو حي الميدان من الطائفة الدرزية والتي لا تستطيع تميزها عن محيطها الاجتماعي السني من حيث العادة والتقليد, فقد اندمجوا اندماجاً كاملاً في محيطهم الاجتماعي.

تبقى السويداء خارج هذا الواقع بسبب عزلتها الجغرافية واستقلالها المكاني، وبالعموم قد حافظت هذه الفئات رغم تداخلها الجغرافي والاجتماعي مع محيطها المختلف على الكثير من عاداتها الخاصة وطقوسها الدينية التي تجعل منها طائفة متميزة ومكوّن اجتماعي مختلف عن غيره. 

وبالمناسبة فإن بشار الأسد دخل الجامع الأموي وغيره من المساجد وصلى فيهم، وقبله الأسد الأب فعل هذا، هل يعني أنهم أعلنوا إسلامهم؟.

يبقى موضوع الأقليات في الواقع السوري وفي كل لحظاته الإشكالية رهن أسئلة كثيرة، ربما كان أبرزها يتمحور حول "الهويّة والانتماء". 

مراسلة "زمان الوصل" ترد على التكفير: أنا سورية مسلمة درزية وهذه هويتي
2013-12-26
أثارت مادة "هل أعلن دروز إدلب إسلامهم" التي نشرتها "زمان الوصل"، عددا من التعليقات، ذهب معظمها إلى مناقشة إن كان الدروز مسلمون أم لا، وبالطبع التقرير الصحفي الذي كتبت لا يناقش من المسلم ومن الكافر، إنما حاولت أن أنقل...     التفاصيل ..

هل أعلن دروز إدلب إسلامهم...؟
2013-12-25
تناقلت الصفحات التابعة لجبهة النصرة نبأ إعلان دروز جبل "السماق" في محافظة إدلب إسلامهم، لكن كيف إذا كانوا أصلاً مسلمين؟، وما هو موقف هذه الفئة من محيطها المنتفض منذ ثلاث سنوات؟. الخبر الذي أوردته العديد من المواقع...     التفاصيل ..

سارة عبد الحي - زمان الوصل
(203)    هل أعجبتك المقالة (233)

نجاح

2014-01-06

أنا لا أفهم سبب التركيز على هذه الطائفة في سوريا فنحن السنة في سوريا عددنا يتجاوز العشرين مليون بينما هذه الطائفة الصغيرة فعدد سكانها بالكاد يصل إلى خمسمائة ألف. وأنا هنا لست بصدد التقليل من أهمية هذه الطائفة في سوريا أو سواها ولكني أرى التركيز عليها في غير محله، فهم لو وقفوا جميعاً إلى جانب بشار الفسد أو ضده أو على الحياد فماذا سيكون فعلهم مقابل لفعل الأكثرية السنية في سوريا؟ هل يبحث البعض من الأكثرية السنية على حجج لتماهي الكثيرين منها بالقتال إلى جانب الأسد فيدور الحديث حول هذه الفئة من الناس أو تلك لتضيع البوصلة والتهرب من المسؤلية؟.


التعليقات (1)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي