أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

عاش في خيمة والحرارة تحت الصفر: حليم سبيناتي يروي لـ"زمان الوصل" لحظات معايشته معاناة اللاجئين السوريين

تداولت صفحات التواصل الاجتماعي شريط فيديو لشاب مغترب من أصل سوري يدعى "حليم سبيناتي" وهو يجلس في خيمة في الهواء الطلق في درجة حرارة تحت الصفر بإحدى المدن الكندية، ويبدو وهو يتلمس قدميه ويرتجف من البرد في معايشة منه لمعاناة أوضاع مئات الألوف من اللاجئين السوريين في دول اللجوء الذين ليس لديهم خيار سوى العيش في مثل هذه الظروف الجوية الصعبة.

"زمان الوصل" استطاعت التواصل مع صاحب الفكرة "سبيناتي" الذي يعيش في مدينة "لندون أونتاريو" ويدرس السنة الأخيرة في طب الأسنان بجامعة University of Sydney Dentistry، وحول هذه الفكرة والأسباب التي دعته لتنفيذها يقول:
طالما كنت أرى الفيديوهات المؤلمة التي تصور معاناة السوريين في الداخل وفي بلاد اللجوء على الإنترنت وفي كل مرة أتأثر كثيرا بما أرى وكنت أشعر بالحزن والقلق وعدم الرغبة بالنوم مثلما كنت في الماضي وبحثت عن أفضل طريقة استطيع من خلالها إيصال معاناة وعذابات السوريين إلى العالم فخطرت في ذهني فكرة تطبيق معاناة الشعور بالبرد تحديداً ومعايشتها على أرض الواقع من خلال نصب خيمة والجلوس فيها في ظروف حقيقية تنخفض درجة الحرارة فيها إلى ما دون الصفر. 

وحول خطوات هذه الفكرة وكيفية تنفيذها يقول حليم سبيناتي:
لم يكن تنفيذ هذه الفكرة سهلاً بالنسبة لي وأول صعوبة واجهتني هي العثور على مكان لنصب الخيمة فتواصلت مع بلدية المدينة التي اسكن فيها وهي مدينة London, ontario, Canada وكنت أفكر في نصب الخيمة بمكان قريب من تجمعات الناس كساحة عامة أو ملعب أو غيرها غير أن البلدية لم تقبل هذه الفكرة وقالوا لي: قد يحسبك الناس متشرداً أو متسولاً، فجاءت فكرة أن أنصب خيمتي في مكان بعيد عن منزلي ومنطقتي التي أعيش فيها، وبعيد كذلك عن أماكن تجمع الناس، وكانت الغاية من ذلك أيضاً استبعاد فكرة بعض الناس أنني يمكن أن أدخل إلى منزلي في حال تعبت أو مللت من التجربة، ووجدت أرضاً فارغة وساعدني صديق لي في تنفيذ الفكرة وهو الذي قام بتصويري أيضاً أثناءها. 

ويضيف سبيناتي: بعد دقائق من دخولي إلى الخيمة تركني صديقي وقمت بتجهيز كاميرا التصوير من الداخل وكنت أفكر في أن تستمر تجربتي لثلاثة أيام، وأنا أرتدي قميصاً وبنطالاً لا يقياني من البرد الذي يشتد في مثل هذا الوقت في كندا، ووجدت أن تنفيذ هذه الفكرة لثلاثة أيام متواصلة أمر في غاية الصعوبة والخطورة وخصوصاً أن الجو في كندا في مثل هذه الأيام في أسوأ حالاته كما ذكرت، وفكرت أنني إذا قمت بهذه التجربة الصعبة فإنني سأعرض نفسي للخطر، فرأيت أن تكون هذه التجربة لفترة 12 ساعة، وبعد دخولي إلى الخيمة شعرت بتيبس في أعضائي ورجفان شديد وحاولت التغلب على هذه المصاعب في البداية، وبعد حوالي نصف ساعة شعرت بأن أصابع قدمي لم تعد تتجمد فقط، وإنما أصبحت تشعرني بالوجع وكأنني أمسك بسكين واقوم بتقطيعها، وغالبت الألم وبعد حوالي ثلاثة ساعات ونصف شعرت بعدم القدرة على الاستمرار ووصلت إلى درجة أن قدماي قد تجمدتا تماماً وكذلك جسدي من الداخل فخرجت من الخيمة في وضع صحي سيء و دخلت إلى سيارة صديقي التي كانت متوقفة بجانب الخيمة، ورغم أن صديقي قام بتشغيل الشوفاج إلا أنني لم أبدأ باستعادة الإحساس بأعضائي إلا بعد نصف ساعة تقريباً.

وحول شعوره أثناء خوض هذه التجربة يقول حليم سبيناتي:
أصارحك بأنني لم أشعر بشيء سوى الرغبة في الدفء والتخلص من حالة التجمد التي عشتها، ولكن كنت في الوقت نفسه أفكر بأوضاع السوريين الذين يعيشون مخاطر القتل والجوع والبرد وبدأت أفكر بحالة هؤلاء الناس الذين يقومون بكل أعمالهم في البرد من أكل ومأوى ونوم، كما فكرت بالأطفال الذين فقدوا أهاليهم ومدارسهم وأماكن دفئهم، وأكثر ما أتذكره في تلك اللحظات -دون مبالغة- أن كل دقيقة كانت تمر عليّ كأنها ساعات، وكنت فعلياً أراقب ساعتي فأجد أن الوقت يمر ببطء شديد، وتخيلت مخيمات اللجوء في الأردن ولبنان وتركيا الشبيهة بالخيمة التي نفذت فكرتي فيها حالة جنون !

وحول تعاطف الناس مع هذه التجربة وشعورهم تجاهها يقول حليم سبيناتي: 
عندما فكرت بتنفيذ هذه الفكرة لم أتحدث بها إلا لعدد قليل من الأصدقاء والمعارف وكل من تحدثت معهم شجعوني كثيراً وقالوا لي إنها تجربة إنسانية نبيلة رغم أنهم لم يكونوا مقتنعين بجدية تنفيذها وأن تنفيذها يحتاج إلى حالة من "الجنون" كما قالوا لي، ولكن بعد أن خضت التجربة ورأوا الفيديو الخاص بها كانت ردة فعلهم مع بقية الناس إيجابية ومشجعة، وشعرت بكثير من التجاوب والتعاطف وحتى الإنكليز المعروفين بدمائهم الباردة تجاوبوا مع هذه التجربة وقالوا لي لم نكن نتوقع أن تكون معاناة ومأساة السوريين لهذه الدرجة.

وحول تفكيره بإعادة هذه التجربة مستقبلاً يقول حليم:
أفكر بإعادة هذه التجربة ولكن بوسائل وطرق مختلفة حيث سآتي بعدد من الناس يتراوح بين 20 –30 شخصاً وأقيم مخيماً لهم مخيماً بين الناس ليكون تفاعلهم أكبر وستكون مدة المعايشة أكبر بإذن الله.








فارس الرفاعي - زمان الوصل
(136)    هل أعجبتك المقالة (125)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي