عزمي بشارة مسيحي سني وميشيل عون مسيحي شيعي...!

تتصدّر قضيّة "مسيحيي الشرق" الصحافة الأمريكية والأوروبية، وتقوم الصحف –أو اللوبيّات التي تتحكم بها- بتضليل الرأي العام الغربي عن طريق طرح فرضيّة غير صحيحة، تتحدّث عن تطهير عرقي ومجازر إبادة جماعية وتهجير مُمنهج للمسيحيين في الشرق، مدعومةً بتصريحات من بابا الفاتيكان والمطران بشارة الراعي والجنرال ميشال عون.
في شرق أوسط يتقاتل فيه المسلمون سنّةً وشيعةً منذ أنْ قرّرتْ أمريكا نشرَ الديمقراطية في العراق بقنابل الفوسفور، ومنذ أنْ أطلقتْ أمريكا يدَ إيران لتشكّل مجموعات شيعية تابعة لها –لا للدول التي تحمل جنسيّتها- في مختلف البلدان العربية، وبعد أن سمحَ العالم للنظام السوري باستجلاب كل العصابات الإرهابية من إيران والعراق ولبنان وباكستان واليمن للدفاع عن كرسيّه الموروث، لم يعد هناك في الشرق الأوسط مسيحيّون لهم موقف مسيحي خاصّ بهم، بل أصبح هناك مسيّحيون شيعة ينسجم موقفهم مع موقف إيران، ومسيحيّون سنّة ينسجم موقفهم مع موقف دول الخليج وتركيا.
المسيحيون الشيعة:
أول مرة رأيتُ فيها المسيحيين الشيعة، كان يوم 17/3/2012 في حي القصّاع الدمشقي، حيث اجتمع رجالُ الدين المسيحيين ورجالُ الدين الشيعة لتشييع ضحايا التفجير الذي ضرب فرع المخابرات الجوية في ساحة التحرير. استغربتُ يومها من هذا التحالف والتآلف الحميمين، كما استغربتُ من صور حسن نصر الله التي تتصدّر واجهات بعض المحلات التجارية في القصاع وباب توما.
من أشهر المسيحيين الشيعة اليوم، الجنرال ميشال عون، العدوّ التاريخي لنظام الأسد وجيشه الباسل، ثم تحوّل بين ليلةٍ وضحاها إلى الحليف الودود للأسد ونصر الله، وترأس مؤتمر مسيحيي الشرق في بيروت قبل شهر، ليبرزَ فيه المخاطر التي يتعرّض لها المسيحيون من قِبل الإسلاميين التكفيريين (التكفير صفة للمسلمين السنّة فقط)، ويحاول عون ربط المسيحيين مع الشيعة في تحالفٍ واحدٍ ضدّ السنّة، ولطالما طالبَ هو وصهره بطرد اللاجئين السوريين من لبنان، لأنهم يزيدون نسبة السنّة على حساب الشيعة. كما تسيرُ قناته التلفزيونية "OTV" على نفس النهج المسيحي الشيعي، وتطلّ إعلاميّته المدلّلة غدي فرنسيس (مسيحية شيعية أيضاً) من مقام السيدة زينب في دمشق، لتقول: "نحن الشيعة نزداد إصراراً في عاشوراء لأنّ الدم ينصرنا، نحن الشيعة نزداد قوةً في سوريا لأننا نقدّم الدم، نحن الشيعة لن ندع دمشق تسقط لأننا حلفاء الدولة السورية ضد أعدائها التكفيريين المتشددين".
زياد الرحباني هو الآخر، كان يطالب بثورات شعبية ضد الظلم والاستبداد والفساد منذ عقود، لكنْ عندما انطلقت الثورات التي كان يتمنّاها ويحرّض الناس عليها؛ فقد صاحبُ "العقل زينة" بوصلته السياسية، والتبسَ عليه الأمر بين كلمتي "شيوعي" و"شيعي"، فاختار المسيحيّةَ الشيعية هويةً له، وصار يحضر خطاباتِ حسن نصر الله مع جمهور الهتّافين، ويروّج له ولسياسته وعقيدته في وسائل الإعلام، حتى وصلَ به الأمر إلى وضع كلامٍ على لسان السيدة فيروز، للمتاجرة باسمها الكبير خدمةً لسيّده حسن نصر الله.
المسيحيون السنة:
يؤكد الكثيرون من مسيحيي الشرق أنهم عاشوا وتربّوا وتثقّفوا في محيط إسلامي، وأن الثقافة الإسلامية أصبحتْ جزءاً من هويّتهم، وأنهم يعملون ضمن مشروع وطني يضعُ الإسلام السنّي أساساً سياسياً واجتماعياً له، في مواجهة المشروع الإيراني الشيعي الذي يجرّد الشيعة العرب من انتمائهم المكاني، ويربطهم مباشرةً بولاية الفقيه.
يقف المفكّر الفلسطيني د. عزمي بشارة - أبوعمر - على رأس المسيحيين السنّة، فهو معروف بمواقفه السياسية الداعمة للثورات العربية التي خرجتْ من المساجد، ومواقفه السابقة المؤيدة لحركة حماس الإسلامية، وهو المتأثر بعدد من المفكّرين الإسلاميين مثل محمد عبده وراشد الغنّوشي. يرى عزمي بشارة أنّ السنّة ليست طائفةً إسلامية، بل هي الأمة الإسلامية، وما يشذُّ عنها هم الطوائف، لكنْ بشرط أن يعمل المسلمون السنّة كأمُّة لا كطائفة.
وبالعودة إلى لبنان الشقيق، نشير إلى موقف المسيحي السنّي سمير جعجع، الذي ربط مصير المسيحيين اللبنانيين بمصير الشعب السوري الثائر، فهو يؤكد أنْ لا وجودَ للمسيحيين في الشرق إلّا ضمنَ الحاضنة المسلمة السنّية، على عكس المسيحي الشيعي ميشال عون.
وفي لبنان أيضاً، يقف الكاتب الياس خوري على رأس قائمة الكتّاب المسيحيين السنّة، فهم يرون مستقبلَ المسيحيين مرتبطاً بمستقبل المسلمين السنّة، ومنهم حازم صاغية وراجح الخوري.
ومن أشهر المسيحيين السنّة في سوريا، المعارض ميشيل كيلو، الذي ما برح يشيدُ بالحضارة والثقافة الإسلاميتين، والذي خرج على شاشة "LBC" بضيافة مارسيل غانم، ونطقَ بالشهادتين على طريقة فارس الخوري. بالإضافة إلى زيارته الشهيرة للداخل السوري، ولقائه مع جبهة النصرة بالأحضان والقُبلات.
كما يعتبر المعارض جورج صبرة من أشدّ المدافعين عن الكتائب الإسلامية السنّية، وهو المتحالف مع كتلة الإخوان المسلمين في المجلس والائتلاف الوطنيين، وكان رئيساً للمعارضة السياسية في فترة تولّيه رئاسة الائتلاف بالوكالة، وما زال رئيساً للمجلس الوطني.
وبالمناسبة نشير إلى حزب "وعد" الذي أسسته جماعة الإخوان المسلمين، ويضمُّ عدداً من المسيحيين السنة، منهم نائب رئيس الحزب نبيل قسيس.
عبدالكريم بدر خان لــ"زمان الوصل"
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية