أدخل كلمات البحث واضغط على إدخال.

بابا نويل وشجرة وأمنيات العام الجديد

بابا نويل رجاع رجاع
هالبلد كلها اوجاع
مابئي عنا أطفال
أطفالنا صاروا أبطال
ماعاد بدن الهدية
بدن يعيشوا بحرية
مطالبنا شرعية
عدالة اجتماعية
بابا نويل لاتحتار
بدنا نعمر هي الدار

تلك الكلمات كانت جزءاً من هتافات أطلقها شباب وصبايا مجموعة "اطلاع من راسي للحراك الاندساسي" في الحادي والثلاثين من كانون الأول لعام 2012، في مظاهرة حملت عنوان (رأس السنة) أمام مجمع "أبو النور" وسط سوق الشيخ محي الدين في منطقة الصالحية ترحيباً بالعام الجديد.

لايمكن لمتابع المقطع المصور إلا أن يكرر مراراً دقائقه الأربعة والنصف، لما يحمله من مشاهد ممتعة لمتظاهرين حماسيين يرتدون أقنعة وقبعات بابا نويل، ويلوحون بشموع في مساء دمشقي بين الحارات القديمة ويهتفون "سوريا happy new year"

صوت المظاهرة الاحتفالية يتردد صداه في مدينة الموحسن بدير الزور، في ساحة صغيرة يضاء اسم المدينة بالنار على الأرض، بالقرب منها تظهر أغصان شجرة مزينة بعدد من المصابيح، في تمام الساعة الثانية عشرة يهتف الأهالي مع أطفالهم الصغار "سنة بيضا يا ثوار..سنة بيضا يا ثوار..حرية حرية نحن بدنا حرية".

احتفالية الزبداني كانت كرنفالية بامتياز، مشاعل وشجرة ضخمة وألعاب نارية ومفرقعات. آلاف احتشدوا في الساحة، الكتف على الكتف وحلقات الدبكة تشتعل مع اقتراب العد العكسي لبدء العام الجديد، تقول لنا الفيديوهات أيضاً أن بين المتظاهرين شبابا مسيحيين نستدل على ذلك من هتافات الحضور "راية المسيحية..راية سيدنا عيسى..راية سيدنا محمد...بيّض الله".

كرنفالية مشابهة في مدينة إدلب لكن قبلها بعام...حول الشجرة المزينة بصليب وهلال وعلى ألحان أغنية "تلج تلج" هتف الآلاف "جاية الحرية من بعيد جاي النصر الموعود"..بما تبقى لديهم من ثمن الخبز اشترى الأدالبة زينة وألعابا نارية، أرادوا القول إننا عشاق حياة وفرح..ورفعوا أيديهم وأبصارهم إلى السماء، بدوره كان نظام الأسد ينظر إليهم إليهم فأرسل لهم هدايا طائرات وصواريخ الموت.

في حمص أيضاً لم تكن هناك احتفالات لاستقبال عام 2013...فالحصار أطبق على المدينة، والتهجير كان مصير غالبية أهلها، لكن ذاكرة الحماصنة تحتفظ باحتفاليات العام السابق، حين كانت أشجار العيد تملأ الشوارع، في حي الملعب، والقصور، والإنشاءات، كرم الشامي، والخالدية...أشجار كبيرة، وأشجار ملونة، وبدلاً من بابا نويل واحد كان العشرات يتجولون في الشوارع..وكان صوت الساروت يملاً الساحات...

لسنين قادمات سيبقى مشهد حي البياضة في استقبال العام 2012 هو الأكثر تعبيراً عن الروح السورية –التي لا تتبدل ولا تموت ولا تتشيطن- حين احتشد الآلاف في الساحة..يومها كان الصوت الشجي يرفع الآذان، والصورة تنتقل بين الشجرة المزينة ببطاقات الأمنيات، وبين وجوه الحضور الخاشعة وأصابعهم المرتفعة بإشارت النصر..تقترب الكاميرا من "بابا نويل" الواقف قرب الشجرة هو أيضاً كان يصلي ويرفع أصابع النصر.

تلك مشاهد يوميات من آلاف المشاهد المعبرة عن الثورة بأبهى صور سلميتها، ولحسن الحظ ستبقى ذاكرة "يوتيوب" تحتفظ لنا بها وتذكرنا، إن يوماً خانتنا ذاكرتنا أو رضخ بعضنا يائساً لمشاهد البراميل المتفجرة فوق أشلاء المدنيين وصور الشتاء في مخيمات اللجوء، أو حاولت أي من قوى الأمر الواقع أن تفرض علينا صورها المتشحة بالسواد.


من كتاب "زمان الوصل"
(129)    هل أعجبتك المقالة (126)
التعليقات (0)

تعليقات حول الموضوع

لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية
*يستخدم لمنع الارسال الآلي