في غمرة الاحتفالات بعيدي الميلاد المجيد ورأس السنة امتلأت صفحات "فيسبوك" بصور ورسوم كاريكاتورية لـ"سانتا كلوز" أو "بابا نويل " هذه الشخصية الرمزية التي كانت تحمل البهجة والفرح لأطفالنا أصبحت في نسختها السورية تفيض على العالم ألماً ووجعاً وعذابات لم يشهد التاريخ لها مثيلاً.
وفي الوقت الذي ينتظر أطفال العالم "بابا نويل" وهو يحمل لهم في جعبته هدايا كانت يوماً "أمنيات" للأطفال، فيتركها لهم في هدوء المساء ويرحل في صمت. أصبحت هذه الشخصية مع استمرار دوامة الموت اليومي والجوع والحصار والخوف ترفاً لا لزوم له، وإذا حضر فإن حضورها يكون باهتاً بلا روح ولا فرح ولا حياة، وانتشرت على صفحات "فيسبوك" صورة لطفلين أحدهما يمثل "العالم" ويرتدي قبعة بابا نويل ويبدو مبتسماً أما الثاني فبدا مصاباً في وجهه وباكياً وكُتب فوق الصورة "على ذات الكوكب أطفال العالم يبتسمون ويتلقون الهدايا وأطفال سوريا يبكون ويتلقون الشظايا."
وصورة أخرى لعدد من الأطفال يرتدون زي بابا نويل ويحملون الهدايا وهم يضحكون وتحتها صورة أخرى لمجموعة من الأطفال المغبّرين الذين تسيل الدماء على وجوههم، وفي صورة ثالثة يسير شخص يمثل شخصية بابا نويل بلباسه التقليدي وجرسه النحاسي وهو يحمل بندقية على كتفه وبيده يحمل هدايا لأطفال لم يعرفوا العيد منذ زهاء الثلاث سنوات وأمامه يسير عدد من عناصر الجيش الحر، وفي صورة أخرى يبدو بابا نويل بلباسه التقليدي أيضاً وهو يعصب يده ويجلس إلى جانبه عدد من الأطفال وسط دمار منزل متهدم في دلالة إلى انبعاث الأمل من وسط المعاناة والألم، أما في الأحياء الموالية للنظام وعلى أرصفتها النظيفة الأنيقة كشارع "الحضارة" بحمص، فيسير بابا نويل الذي لا يُستبعد أن يكون "شبيحاً " وهو يحمل عكازه بيمينه وجرسه التقليدي بشماله، وعدد من الاطفال يسيرون بجانبه بأمان وطمأنينة على بعد مئات الأمتار فقط من الشوارع والبيوت المدمرة والقتل والحصاروالأطفال المشردون والجوعى الذين لم يأخذوا من بابا نويل إلا "اللون الأحمر"، وانتشرت صورة لبابا نويل وهو يحمل سلاحاً لعدم إحساسه بالأمان، أو ربما ليقول للناس إنه انشق أيضاً وحمل سلاحاً مع الجيش الحر. وصور أخرى وهو يلبي أمنيات أطفال سوريا المشردين في مخيمات اللجوء كالزعتري وغيره أو على الحدود التركية والأردنية ينقذ العالقين من اللاجئين ويساعد المسنين والجرحى منهم.
* بابا نويل سلفي !
الكاريكاتير أيضاً كان حاضراً في تجسيد شخصية بابا نويل الذي أصبح عرضة للخطف أو الاعتقال أو القتل ونشر موقع (أخبار الثورة السورية) رسماً كاريكاتيرياً لعنصرين من الشبيحة، وهما يمسكان بعجوز يرتدي زي بابا نويل ويقفان به أمام ضابط فيقول الأول: "سيدي هاد واحد سلفي هويتو عربين لقينا معو هدول الصواريخ سيدي"، ويقول الشبيح الثاني"ومعو بقجة إغاثة للإرهابيين سيدي وصحفيين أجانب شحّون ورا)، فيقول لهما الضابط خذوه، وهناك رسم كاريكاتيري للفنان عهد رستم يمثل "بابا نويل" وهو يمتطي عربة تطير في السماء ويرمي منها هدايا، وعلى الأرض لوحة مكتوب عليها سوريا وطفل مذعور يحاول الهروب من هدايا بابا نويل التي يظنها صواريخ أو قذائف منهمرة عليه. ولأن شر البلية ما يضحك وجّه عدد من أطفال سوريا رسالة طريفة إلى بابا نويل قالوا: عزيزي بابا نويل هالسنة سوريا رح تكون متغيرة عليك شوي لهيك من واجبنا نعطيك كم نصيحة هالسنة وأنت جاية لعندنا لاتنسى هويتك لأنو صار عنا حواجز ولا تلبس لون أحمر لأنو الدم للركب وشبعنا من هاللون ! واحليق دقنك لحتى مايفكروك سلفي! ولاتفوت من المدخنة لأننا سكرناها من بعد ما انقطعنا من المازوت! وإذا بدك تجبلنا هدية، الأفضل أن تكون جرة غاز أو "غالون" مازوت بتسوى هدايا الدنيا كلها وكل عام والشعب السوري بخير.
فارس الرفاعي – زمان الوصل
تعليقات حول الموضوع
لإرسال تعليق,الرجاء تعبئة الحقول التالية